صحيفة سعودية تهنئ اليهود برأس “السنة العبرية”: فهل يستحق الخبر كل هذا الجدل؟




تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة تظهر إقدام صحيفة "عرب نيوز" السعودية على تغيير غلافها على موقع تويتر، بآخر يتضمن عبارة " شانا توفا" وهي تهنئة باللغة العبرية.

وعلق حساب "إسرائيل بالعربية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، على ما قامت به الصحفية السعودية بالقول:" صحيفة عرب نيوز تغير غلافها الإلكتروني بعبارة (شانا توفا)، عام سعيد بمناسبة السنة العبرية الجديدة".

وجاءت التهنئة من الصحيفة السعودية بمناسبة السنة العبرية الجديدة، التي يحتفل بها يهود العالم يومي السبت والأحد.

وفي وقت لاحق، أزالت الصحيفة صورة التهنئة، ونشرت صورة أخرى تحتفل بمرور 45 سنة على تأسيسها.

و تعد صحيفة "عرب نيوز" أول صحيفة سعودية تصدر باللغة الإنجليزية. وتعود ملكيتها إلى المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، التي تصدر أيضا عددا من أهم الصحف السعودية مثل جريدة الشرق الأوسط ومجلة سيدتي.

هل يستحق كل هذا الجدل؟

ويبدأ اليهود احتفالهم برأس السنة بإقامة الصلوات ثم النفخ في "الشوفار" وهو بوق مصنوع من قرون الكباش ترمز تلك الطقوس إلى قصة النبي إبراهيم وابنه إسحاق، بحسب المعتقدات اليهودية.

وهنأ العديد من السياسيين العرب والمسلمين معتنقي الديانة اليهودية بعيدهم عبر صفاحاتهم على تويتر.

ومن بينهم وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي عبد الله بن زايد و وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، إضافة إلى حساب الرئاسة التركية.

ويحرص مسؤولون في عدد من دول المنطقة على تهنئة الجاليات اليهودية في أعيادها الدينية.

قد تبدو تلك المبادرات عادية للبعض ودليلا على تبادل المحبة والتعايش.

غير أن الخطوة التي أقدمت عليها الصحيفة السعودية، حظيت باهتمام كبير وطرحت تساؤلات حول موقف السلطات من التطبيع، لا سيما أنها لم تعلن تأييدها الرسمي لاتفاقيتي التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين.

دعوة للتعايش أم توظيف سياسي؟

وتباينت ردود الفعل إزاء التهنئة التي وجهتها صحيفة "العرب نيوز" لليهود، بين الإشادة والاستغراب.كما جددت النقاش حول الحد الفاصل بين التطبيع السياسي واحترام الأديان الأخرى.

فالمرحبون بالخطوة اعتبروها لفتة إنسانية رائعة تدل على مدى التسامح الذي بات يبديه الإعلام الخليجي عموما تجاه أتباع الديانات الأخرى.

واستشهد بعضهم بوقائع حدثت مع النبي محمد لدى تعامله مع اليهود، قائلين إن ما قامت به الصحفية مستوحى من روح الدين.

ودعوا إلى إعلاء العقل والحوار والتفرقة بين ماهو ديني و ماهو سياسي وثقافي. فالقضية الفلسطينية برأي هؤلاء هي قضية سياسية وليست عقائدية.

أما المعترضون على خطوة الصحفية السعودية فعبروا عن رفضهم لـ "توظيف التسامح الديني كمطية للتطبيع مع إسرائيل".

فرغم تأكيدهم على احترامهم لأتباع الديانة اليهودية، يقول معلقون إن "استدعاء نغمة التعايش والتقارب بين الأديان لتبرير التطبيع يفضح تناقض الحكومات العربية وإعلامها في التعامل مع باقي الأقليات الدينية".

ويرى آخرون أن الخطوة التي قامت بها الصحيفة لا تعبر عن توجه السلطات السعودية.

في حين يقرأ في البعض الآخر رسالة مفادها بأن السعودية لا تعارض اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.

وتوقع البعض من المعلقين والمراقبين، أن تحذو السعودية حذو الإمارات والبحرين لجذب الاستثمارات لتمويل رؤية ٢٠٣٠ استعدادا لمرحلة ما بعد البترول.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قال خلال مراسم التوقيع التي جرت الأسبوع الفائت، إن السعودية ستعترف بإسرائيل "في الوقت الملائم".

لكن خبراء آخرون يستبعدون تحقق ذلك خاصة في ظل عهد الملك سلمان. كما يرى خبراء أن الثقل السياسي للسعودية، التي تضم أقدس المواقع في الإسلام، يحتم عليها التفكير مليا قبل اتخاذ أي قرار بتطبيع العلاقات.

وقد كشفت وول ستريت جورنال الأمريكية، عن وجود خلافات حقيقية بين الملك سلمان الرافض للتطبيع، ونجله ولي العهد محمد الذي يرغب بإقامة علاقات سريعة مع تل أبيب.

وأضافت الصحيفة أن ولي العهد يريد بناء علاقات تجارية مزدهرة مع إسرائيل وإنشاء تحالف ضد إيران في المنطقة، لكن والده يشترط قيام دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد الملك سلمان في عدة مناسبات على تمسكه بمبادرة السلام العربية التي قادها سلفه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2002.

وتنص المبادرة على اعتراف الدول العربية بإسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها مقابل إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين من دول الشتات، وهو المبادرة التي رفضتها إسرائيل.

مقالات مرتبطة :


إقرأ أيضاً