هجوم نيس: كيف تفاعل المعلقون العرب مع الهجوم على المدينة الفرنسية؟




هجوم نيس
Reuters
توالت المواقف المنددة بهجوم مدينة نيس والمعبرة عن التضامن مع فرنسا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فقد تصدر وسم "هجوم نيس" قائمة المواضيع الأكثر تداولا على تويتر في عدد من دول العالم لساعات. واعتُقل المهاجم الذي قالت وسائل إعلام فرنسية إنه تونسي في الـ21 من عمره، يدعى إبراهيم بن محمد صالح العيساوي. وهو مهاجر غير شرعي وصل إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية نهاية سبتمبر / أيلول الماضي حيث وضعته السلطات الإيطالية هناك في حجر صحي قبل أن يُرغَم على مغادرة الأراضي الإيطالية ليتوجَّه مطلع أكتوبر / تشرين الأول الحالي إلى فرنسا. رحلة المهاجم أعادت النقاش حول قوانين الهجرة في أوروبا وجددت المطالبات بمراجعة سياسة الحدود المفتوحة في القارة. ويرى ساسة ومعلقون فرنسيون أن 'أبرز الثغرات في استراتيجية مواجهة التطرف تتلخص في ضعف قوانين الهجرة وترك الخطاب الديني المتشددحرا بلا ضوابط أمنية '. في حين يتخوف مسلمو فرنسا من أن تسهم الحوادث الأخيرة في ارتفاع خطاب الكراهية ضدهم خاصة أن كثيرين لا يفرقون بين الإسلام ومرتكبي تلك الهجمات.

صراع الثقافات والمفاهيم

من جهتها، عبرت هيئات ودول عربية وإسلامية عن استنكار هجوم نيس بشدة. ودان الأزهر الهجوم مؤكدا في بيان على تويتر أنه "لا يوجد مبرر لتلك الأعمال الإرهابية البغيضة". كما استنكرت وزارة الخارجية التركية الهجوم ضد الكنيسة، معربة عن تضامنها مع الشعب الفرنسي وأسر الضحايا دون أي إشارة إلى الحكومة الفرنسية. وعلى تويتر، بحث معلقون عن تفاصيل أوفى عن الهجوم ومنفذه لعلهم يجدون ما يفسر إقدامه على ارتكاب فعلته التي أجمعوا على التنديد بها ووصفها بالجريمة الشنعاء. ولجأ مغردون كثر إلى وسمي "جريمة نيس وهجوم نيس" للتعبير عن تضامنهم مع أسر الضحايا مؤكدين أن "الإسلام بريء من الإرهاب". لكنهم في الوقت ذاته، دعوا إلى تبني قانون عالمي يمنع الإساءة إلى الرموز الدينية، قائلين إن "ما حدث من جرائم هو نتيجة الخطاب التصعيدي الذي تبنته الحكومة الفرنسية في الآونة الأخيرة". كما دعا هؤلاء إلى مواصلة مقاطعة البضائع الفرنسية باعتبارها "أفضل وأرقى وسيلة" للرد على ما سموه "الإساءة الفرنسية للدين الإسلامي". في المقابل، يرى معلقون عرب وأجانب أن تعليقات بعض المسلمين عبر مواقع التواصل، كشفت العديد من التناقضات. ويشير بعضهم إلى أن معظم التعليقات "تجاهلت المدلولات الفكرية والتاريخية للحادثة وارتكزت على نظرية المؤامرة في محاولة لإخراج الجريمة من سياقها الجنائي لتربطها بـأجهزة مخابراتية أو بخطة لتحقيق مكاسب انتخابية ومصالح سياسية خارجية" وفق تعبيرهم.

أسباب أخرى

ويعزو محللون الهجمات التي تعرضت لها فرنسا إلى ما وصفوها بـ "عملية الشحن الديني التي مارسها سياسيون في عدد من الدول الإسلامية". من جهة أخرى، يرجع آخرون انتشار الهجمات وتكرارها إلى عدة أسباب أهمها "الإخفاق الفرنسي في فهم الآخر وانتشار الفقر في أوساط الجاليات المهاجرة"، وفق قولهم. كما تحدث بعض المحللين عن أزمة العلمانية في فرنسا، التي باتت برأيهم "ترفض الاختلاف على عكس النُظم العلمانية في بريطانيا و ألمانيا والولايات المتحدة". بينما يرد معلقون فرنسيون ومغاربيون بشرح أسس العلمانية في فرنسا، ويقولون إنها لم "تولد لمواجهة الديانات بل للعيش في المجتمع الفرنسي بغض النظر عن اختلاف الديانات". في حين يربط آخرون السجال الدائر بين فرنسا والمسلمين بالصراعات الإقليمية والتنافس التركي الفرنسي على عدة محاور في البحر الأبيض المتوسط. https://www.facebook.com/Ismail.Azzam.page/posts/2791027671166522

مفهوم الدولة والجماعة

أعاد حديث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن "أزمة الإسلام" وما تبعه من أحداث، إلى أذهان البعض الضجة العالمية التي أثارتها رواية "آيات شيطانية" للكاتب البريطاني الهندي، سلمان رشدي، عام 1989. ورغم الفترة الزمنية التي تفصل بين الحدثين، إلا أن كثيرا من القواسم المشتركة تجمعهما، إذ يكشفان بحسب بعض المفكرين، عن اختلاف واضح في الخطاب والمرجعيات بين ثقافتين، تتمسك الأولى بمفهوم الدولة فيما تستمد الثانية مرجعتيها من مفهوم الجماعة التاريخي. ويرى مفكرون كثر أن الدول الغربية ساندت ماكرون أو سلمان رشدي من منطلق هويتها السياسية كدول وليس من منطلق مرجعيتها الدينية أو التاريخية. ويرى كتاب مثل المغربي، أحمد عصيد، أن الفكر الإسلامي لم "يتخلص من مفهوم الجماعة التي تقدم نفسها بديلا للدولة واختياراتها، وتشكل لحاما غير وطني بين المسلمين". وهذا ما يفسر بحسب بعضهم عدم اندماج جزء من الجاليات المسلمة في المجتمعات الأوروبية. https://www.facebook.com/ahmed3assed/photos/a.1374224725968462/3580158162041763 ومن هذا المنطلق، يتفق كثيرون مع مسؤولين فرنسيين في دعواتهم إلى محاربة " الإسلام السياسي" الذي يعدونه سببا رئيسيا في تراجع الفكر . على النقيض من ذلك، يدافع معلقون آخرون عن الإسلام السياسي، ويرفض هؤلاء مقارنة ما يحدث في فرنسا اليوم بأزمة "آيات شيطانية" في الثمانينات، نظرا لاختلافات السياقات والتوازنات السياسية في العالم، خاصة بعد الانتفاضات التي شهدتها بعض الدول العربية. من ناحية أخرى، يقول مغردون إن "دعوات تجديد الخطاب الديني التي تطلقها فرنسا وحلفاؤها العرب لا يمكن أن تتحقق دون إرساء الديمقراطية في الدول الإسلامية ودعم الثورات". بدأ النقاش يحتد عندما أعادت مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد في وقت مبكر من الشهر الماضي. دافع الرئيس الفرنسي بشدة عن الرسوم باعتبارها حرية تعبير، ورأى أن الإسلام يمر بأزمة، ما أثار ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي. ما يراه الكثير من الفرنسيين دفاعا لا رجعة فيه عن قيم "بلادهم وحرية التعبير فيها، يعتبره العديد من المسلمين إهانة لرموزهم الدينية".
مقالات مرتبطة :


إقرأ أيضاً