كاتب سعودي يثير الجدل بتغريدة حول القرآن وصحيح البخاري




يبدو أن الفضاء الإلكتروني السعودي خصوصا والعربي عموما بات محكوما بالتنقل من سجال إلى آخر دون راحة، في قضايا تتعلق أساسا بالدين والسياسية. الجدل تركز هذه المرة على الكاتب السعودي تركي الحمد بعد أن نشر تغريدة اعتبر فيها صحيح البخاري متناقضا مع القرآن. ففي معرض حديثه عن الأزمة التي أثارتها رسوم النبي محمد في فرنسا، دعا الحمد إلى نقد "التراث الذي وفر المادة الحية لهذه الرسومات، وعلى رأسها صحيح البخاري "، حسب تعبيره. جرت تلك التدوينة على صاحبها انتقادات لاذعة، وصلت إلى حد اتهامه بازدراء الأديان والمطالبة بمحاسبته. ولم يرد الكاتب السعودي على التعليقات التي طالته حتى كتابة هذه السطور. وبدا الانقسام جليا إزاء تصريحات الحمد في وسم #تركي_الحمد_يسىء_للبخاري" ، الذي سجل أكثر من 90ألف تغريدة في 24 ساعة. واحتل الوسم مركزا متقدما في قائمة المواضيع الأكثر انتشارا في السعودية والكويت يليه وسم آخر يحمل اسم الكاتب السعودي. ''دعوة للإصلاح أم تصريحات موجهة ''؟ ولا يعد تشكيك الحمد في صحيح البخاري ودعواته إلى تنقيح التراث بالأمر المستجد، إلا أنه حتما ذو دلالات وأبعاد كثيرة. فتصريح الكاتب يأتي في سياق يصفه كثيرون بـ"الحساس والخطير". وربط قسم من المغردين بين رأي الحمد في صحيح البخاري وبين ما قالوا إنها "حرب الرئيس الفرنسي على الإسلام". وغلبت نظرية المؤامرة على بعض التعليقات التي يرى أصحابها في انتقاد صحيح البخاري "خطة تهدف لهز ثقة الجيل الجديد في ثوابت الدين والترويج لثقافة بديلة" وفق قولهم. في المقابل، دافع قسم آخر من المعلقين عن الحمد. واستشهد بعضهم بأحاديث لأئمة وشيوخ شككوا في بعض ما ورد في صحيح البخاري وأحاديث أخرى. ومن هذا المنطلق يرى مغردون إن " الكاتب لم يزدرِ الدين الإسلامي، بل "انتقد فقط مجموعة من الأعمال والأفكار لبشر غير معصومين عن الخطأ". واستغرب البعض الآخر الهجمة التي طالت الحمد رافضين "تقديس البخاري وتمسك البعض بثقافة النقل وتقديمها على العقل" . ولكن المعارضين للحمد يرون أن الهجوم عليه مستحق، ويشيرون إلى" أن المشكلة ليست في شخصه، وإنما في ظاهرة التطاول على مقدسات الإسلام التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى موضة" حسب تعبيرهم. ويحذر بعضهم من "الترويج لخطاب الحمد ووسيم يوسف مقابل إقصاء العلماء الحقيقيين". في حين ينوه آخرون بالنقاشات التي تفتحها تصريحات الحمد و الباحث المصري إسلام البحيري، ويعتبرونها " بداية لثورة ثقافية وفكرية". فالمدافعون عن الكاتب السعودي يتفقون معه في المنهج والتفكير ويعدونه أحد "رموز التغيير والتقدم". وفي هذا السياق، علق أحدهم:" حقق أنصار التغيير في السعودية إنجازات غير مسبوقة استطاعت إيقاف المد الصحوي بدعم رسمي وقرارات ملكية، وقد ترجم ذلك النجاح بإنشاء أول جمعية فلسفية مرخصة في تاريخ المملكة ستنهي عصورا من المنع". أما إمام الحرم السابق عادل الكلباني فتساءل قائلا " هل هي دعوة لدين جديد؟" وبدوره اعتبر النائب الكويتي السابق وليد الطبطبائي أن التشكيك بصحة الأحاديث النبوية، تشكيك بصحة القرآن نفسه". ويختلف المغرد سعد مع الطبطبائي، ويقول: "الحمد" منطقي وعقلاني للغاية. ما معنى أن تكون - جل - الأحاديث من رواية أبو هريرة الذي لم يصاحب الرسول سوى سنتين فقط .. هناك حلقة مفقودة" . على الجهة الأخرى، يقف المشككون في الأدوات العلمية التي يتبعها البعض في التعاطي مع التراث، فهم يتفقون مع الحمد والبحيري من حيث المبدأ لكنهم يختلفون معهم منهجيا. ورغم أن هؤلاء يؤمنون بضرورة إزالة القدسية عن نصوص الدين والتراث، إلا أنهم يصفون ما ينتشر في بعض المواقع الإلكترونية من مقالات ودعوات لتنقيح التراث والدين بـ " الانتقائية وغير العلمية". ويقولون إن تلك "الدعوات الأخيرة رغم أهميتها تحركها انطباعات شخصية ودوافع سياسية تتناسب مع رغبات أصحاب السلطة وتغيب عنها الحجة والموضوعية" وفق تعبيرهم. ويرفض هذا القسم من المعلقين المطالبات بمحاسبة الحمد أو منع أصحاب الآراء المشابهة لأن الفكر يواجه بالفكر وليس بالمنع. وتركي الحمد هو كاتب وسياسي سعودي له عدة مؤلفات. وسبق أن اعتقل الحمد لمدة 5 شهور نهاية عام 2012 بسبب تغريدات اعتبرت مسيئة للنبي وأثارت جدلا واسعا حينها. وفي السنوات الأخيرة، فرض النقاش حول صحة الأحاديث الواردة في صحيح البخاري، نفسه على تعليقات رواد مواقع التواصل العرب. تعرض الكثيرون للهجوم بسبب نقدهم للأحاديث ونصوص التراث من بينهم الباحث المصري إسلام بحيري والباحثة التونسية هالة الوردي، وغيرهم من الأكاديميين و الدعاة.
مقالات مرتبطة :


إقرأ أيضاً