لخيار يتحدث لـ”الأيام24″ عن تداعيات كورونا على الاقتصاد وأبرز القطاعات المتضررة



 

يتحدث زهير لخيار، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في حوار مع “الأيام24″، عن تداعيات جائحة فيروس “كورونا” المستجد، على الاقتصاد الوطني، وكذا الجهود التي بذلت للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية.

كما يتطرق، الخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية المحلية التشاركية، إلى انعكاسات التساقطات المطرية التي شهدتها بلادنا، على سيرورة الاقتصاد الوطي.

 

 

1. بداية حديثنا عن تداعيات كورونا على الاقتصاد المغربي؟

 

بعد الإعلان الرسمي عن تأثر المغرب بفيروس كورونا بدأت النقاشات حول الوضعية الصحية للمغاربة وكيفية الخلاص من هذا الوباء، وضمن هذه المناقشات ذكر الأطباء والمختصون في التغذية أن الذي يتمتع بمناعة قوية لا يؤثر فيه فيروس كورونا وإن أصابه، فبدأ الناس في اقتناء واستهلاك المواد التي تقوي المناعة لديهم، متناسين أن المناعة تنبنى لعدة شهور أو لسنوات عدة وليس في اللحظة ذاتها، بمعنى أن من لديه مناعة قوية سيواجه المرض بكل سهولة ومن ليست لديه هذه المناعة فيتولاه الله سبحانه، وكذلك الشأن بالنسبة للاقتصاد الذي كان من الأجدر أن يتوفر على مناعته الداخلية وأن يكون محصنا من التأثيرات الخارجية والصدمات التي قد تأتي بشكل مفاجئ كهاته التي نعيشها اليوم.

 

 

2. في نظركم ما هي أبرز الجهود التي بذلت للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية ؟

 

في بداية سنة 2020 بدأت جائحة كورونا ترخي بظلالها على العالم بأسره وقد خلفت من الخسائر الصحية والإنسانية ما لا يستهان بها بالرغم من الجهود المبذولة لمحاصرة هذا الوباء ولذلك بدلت الحكومة المغربية عدة مجهودات تحاول من خلالها الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية من خلال ضخ الرساميل الكافية بالاقتصاد المغربي. كما ينبغي تحليل أثر حجم المتغيرات الماكرو اقتصادية على الاقتصاد الوطني من خلال المجاميع الاقتصادية agrégats économiques، الأساسية المكونة للاقتصاد الوطني وهي: الاستهلاك الوطني والدخل الوطني والاستثمار الوطني والإنفاق العمومي والمداخيل الضريبية والصادرات والواردات. وغير خاف أن الاقتصاد المغربي يعتمد أساسا على الاستهلاك الداخلي والتجارة الخارجية والسياحة والفلاحة. لذا، نحاول بداية، تحليل حالة هذه القطاعات بالمغرب بعد تأثرها بتدابير مكافحة جائحة كورونا. وحيث إننا نعيش حالة الحجر الصحي الذي يعتبر أهم إجراء يلزم التقيد به حرفيا، فإننا نستثمر المعطيات الصادرة عن الجهات والهيآت المتخصصة والمسؤولة عن الوضع الاقتصادي بالمغرب. إن الوضعية ناتجة بالأساس عن الوضعية الداخلية لبعض الدول الخارجية التي تعد من الشركاء الأوائل للمغرب كالصين على وجه التمثيل، حيث تعتبر مصنعا للعالم بأسره. قرائن ذلك كثيرة: أول مستورد للبترول بنسبة 14% من الاستهلاك العالمي كما تعد الشريك الثالث للمغرب. كما تجدر الإشارة إلى أن العالم سجل كذلك انهيار مجموعة من البورصات ابتداء 20 مارس 2020 كبوصة طوكيو -4.6% وبورصة فرانكفورت -7.9%وبورصة لندر -7.69% وبورصة باريس -8.39%

 

تجدر الإشارة أن التجارة الخارجية تشكل بالمغرب 32% من الناتج الداخلي الخام كما يصدر المغرب حوالي 50% من منتوجاته إلى دول الاتحاد الأوربي. والحال أن هذه الدول تعرف الآن تراجعات مهمة في معاملاتها الخارجية. إذ ينتظر أن تتراجع صادراتها ووارداتها بحوالي 66%.

 

ونظرا لتوقيف الإنتاج بالصين بسبب جائحة كورونا عبر إغلاق جل المصانع الصينية، فإن الواردات الصينية ستنخفض بحوالي 10% كما ذكر ذلك والي بنك المغرب. إضافة إلى ذلك، سينتقل عجز الميزان التجاري إلى 3.5% من الناتج الداخلي الخام بالنسبة لسنة 2020. كما سيتقلص إلى 2.5% برسم سنة 2021. وبالارتكاز على المصدر نفسه ستصل الاستثمارات الخارجية إلى 3% من الناتج الداخلي الخام.

 

ولحسن الحظ أن وصول الجائحة إلى المغرب حوالي بداية شهر مارس وهي المدة التي توافقت تماما مع الراحة البيولوجية المخصصة للقطاع البحري ، سيؤجل ظهور الأزمة إلى حدود بداية شهر أبريل حيث سيعاني القطاع بدوره من تعثر التموين من المواد الأولية الخاصة بالصناعة السمكية تحديدا. كما يعتبر قطاع النقل من أكثر القطاعات المتضررة من الجائحة، ذلك أن الرحلات الجوية في الشهور القادمة انخفضت بحوالي 30%.مما تسبب في عدة خسائر .

 

3. ما هي أبرز القطاعات التي تضررت بتداعيات جائحة كورونا ؟

 

في ظل هذه الوضعية ومع توقف بعض المؤسسات الضخمة المنتجة للسيارات. فقد المغرب عدة مناصب شغل بقطاع صناعة السيارات، و انخفاضا في الطلب الداخلي على السيارات. إذ منطقيا أن الأسر ستوجه نفقاتها إلى حيازة المواد الأساسية للمعيش اليومي والضروري. وهاهنا نحيل على سبيل التوسع إلى النسب المفجعة التي انحدرت إليها مبيعات السيارات من ألمانيا إلى اسبانيا مرورا على ايطاليا وفرنسا في الأسبوع الأول من شهر أبريل 2020 وفي عز توقع ذروة (Pic) جائحة كورونا.

 

و بعدد من المقاولات يصل إلى 1200 وحدة يشغل القطاع حوالي 160000 شخص وهو أول القطاعات الذي يتضرر على مستوى المنبع والمصب حيث يعاني بشكل كبير من مشاكل التموين بالمادة الأولية، وفي نفس الوقت فهو يعاني من مشكل تنازل الطلب الخارجي الناتج عن الجائحة خصوصا أن التموين بالمواد الأولية يأتي من الدولة المتضررة الأولى من الجائحة وهي الصين، وإن افترضنا أن القطاع استطاع الحصول على المادة الأولوية وتحويلها، سيواجه مشكل المنافذ والأسواق، بما أن الطلب الأوربي سيعرف انخفاضا مهما على مستوى المنتوج، خصوصا أن إسبانيا وفرنسا لوحدهما يستهلكان ما يراوح 60%من صادرات القطاع. و كما هو معلوم، فإن الصناعة السياحية المغربية المرتبطة بشكل قوي بالسياح الوافدين من منطقة الأورو، التي يفد منها حوالي 55% من السياح، فقد المغرب بسبب الجائحة عددا هائلا من السياح نتج عنه فقدان المغرب لما يناهز 5 مليون درهم سنة 2020 .

 

4. هل في نظركم ما قمت به الحكومة من إجراءات لدعم الاقتصاد الوطني كافي؟

 

إن النتيجة الأولى التي يمكن أن يخلص إليها كل متتبع بسيط لآثار الفيروس على الاقتصاد المغربي، أن التبادل التجاري في العالم سيعرف انخفاضا حاد وبالتالي تصبح قضية الاكتفاء الذاتي فارضة نفسها ولو لفترة محدودة. وحينما نتحدث عن اكتفاء ذاتي فإن الأمر يحيلنا إلى الاعتماد على الذات على مستوى الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. وهاهنا يظهر جليا، أن المدارس الفكرية التي كانت تنادي بتدخل الدولة في الاقتصاد كانت محقة وتستند إلى أسس علمية واقتصادية لا يستهان بها. و تأسيسا على ذلك، ينبغي على الفاعل الاقتصادي أن يأخذ على عاتقه ما أفسده الفيروس. نقصد بالفاعل الحكومة المغربية أو الدولة المشارك في الاقتصاد عبر آليتين لإعادة التوازن الاقتصادي والمالي للبلاد والمحافظة عليه وتطويره وهما: آلية السياسة النقدية وآلية السياسة الموازانتية.

 

وباستحضار التأثيرات الناجمة عن وباء كورونا يصعب الفصل بين كون الأزمة أزمة عرض أو كونها أزمة طلب. مما يصعب معه اختيار السياسة الملائمة. ليصمد السؤال في هذا السياق: هل سيتجه المغرب إلى سياسة إصلاحية للإنتاج؟ وبالتالي التركيز على العرض أو سيتجه إلى سياسة إصلاحية للطلب؟ وكما هو معلوم فإن هناك ارتباطا وثيقا بين طرفي المعادلة وأي تعثر في أحد أطراف المعادلة يؤثر حتما على الطرف الآخر. على سبيل التمثيل إثر ذلك: إذا انخفض العرض الناتج عن انخفاض الإنتاج سينخفض حجم التشغيل المؤدي إلى انخفاض الدخل المسبب لانخفاض القدرة الشرائية المقلصة حتما للطلب على السلع والخدمات. الشيء الذي يحتم انخفاض الأثمان ويجري انخفاض العرض. سنكون إزاء حلقة مفرغة ينبغي تكسيرها في أقرب وقت ممكن.

 

وبما أن التعويل على الدول الشريكة أصبح في هذه الآونة شبه مستحيلا، يتوجب التركيز في إستراتيجية الأزمة على الطلب الداخلي واتخاذ الإجراءات اللازمة لتقويته والاهتمام به. إن قوة الإنفاق الداخلي هو السبيل الأوحد لتقوية القدرة الشرائية التي بدورها ستقوي الطلب الداخلي المحفز للمنتجين من أجل الرفع من مستوى الإنتاج. إذن فماهية السياسة الاقتصادية التي ينبغي للحكومة للمغربية أن تتبعها لعدم الوقوع في هذه الحلقة المفرغة ؟

 

إن ما يقع في العالم من جراء هذه الجائحة يمكن تصنيفه من الناحية الاقتصادية في باب الصدمات الاقتصادية والتي ينبغي أن يستحضرها كل تحليل اقتصادي في هذه الآونة، ذلك أن كل منطق اقتصادي مألوف ومعتاد لا يصلح لهذه الفترة وبالتالي ينبغي الدخول الآن إلى حيز وحقل الاقتصاد ألأزماتي أي بمعنى آخر الخروج عن المألوف وابتكار وسائل جديدة لتجاوز تداعيات هذه الأزمة، كما يجب ابتكار آليات أخرى تفيد في عدم العودة لهذه الأزمة أو على الأقل الاستعداد الجيد لأزمات أخرى.

 

إن هذا التشخيص المرتكز على القطاعات الأكثر تضررا من جائحة كورونا يحيلنا إلى الحديث عن الوضعية العامة المفترضة بالمغرب، التي سنبين من خلالها المؤشرات الدالة على بعض التراجعات التي سنستند إليها لاقتراح بعض المحاور، والتي يمكن الاشتغال عليها للخروج من الأزمة التي تسبب فيها فيروس كورونا.

 

وبناء على المعطيات المتوفرة فإن المغرب مهدد بفقدان 30% إلى 40% من مناصب الشغل، أي حوالي 3 إلى 4 مليون منصب شغل مهددة بالاستغناء عن خدماتها، كما أنه، وحسب بنك المغرب فإن معدل التضخم سيستقر في 0.7% سنة 2020 و1.2% سنة 2021 كما ذكر نفس المصدر أن النمو سيستقر في 2.3%.

 

إلا أن بعض المؤسسات الأخرى أدلت بمعدلات مخالفة تماما لبعضها البعض فقد ذكرت الحكومة مع صندوق النقد الدولي نسبة 3.7% وذكرت المندوبية السامية للتخطيط نسبة 3.5%التي تراجعت عن رقمها بعد ذلك لتصدر رقمين آخرين وهما 2.2% و2.3% أما المركز المغربي للظرفية الذي يستند إلى فرضيات خاضعة للمناقشة من قبيل التضخم المستقر والمنخفض وارتفاع قيمة الدرهم بالنسبة للدولار وانخفاضه بالنسبة للأورو وافتراض أن الأزمة ستنتهي في وسط السنة مع التنبؤ بتباطؤ الاقتصاد العالمي بنسبة 2% كما افترض المركز أن الجفاف سيؤدي إلى انخفاض إنتاج الحبوب إلى أقل من 40 مليون قنطار فقد تحدث عن نسبة 0.8%. وعلى غرار باقي الدول سيعرف المغرب انخفاضا في الإنتاج نتيجة تعثر سلسلة التموين بالنظر إلى تعثر الملاحة البرية والجوية.

 

وعليه يمكن القول أن ما قامت به الحكومة هي مجرد مسكنات لآلام المرض و ليس القضاء عليه نهائيا و لا أقصد هنا المرض الصحي بل أقصد المرض المنهاجي في التدبير الاقتصادي و لولا تدخل جلالة الملك شخصيا بعدة إجراءات مهمة من قبيل تأسيس صندوق مكافحة الجائحة و ضمان مجانية التلقيح الذي يقدم للمواطنين و أعمال دبلوماسية أخرى قام بها جلالة الملك, لما استطعنا تجاوز المشكلة بهذه السرعة والنجاعة و لذلك فإن حكومتنا اقتصرت على أشغال تضمد الجراح فقط من قبيل توفير الكمامات و المعقمات ولذلك نتمنى من الحكومة القادمة أن تغير في طريقة التفكير في التنمية و ليست التنمية في حد ذاتها أي يجب التفكير أولا في طريق التفكير – نفكر كيف نفكر-

 

5. عرفت بلادنا تساقطات مطرية مهمة، وانعكاساتها حسب الحكومة ستكون إيجابية على الموسم الفلاحي الحالي، ماهي قراءتكم؟

 

لقد أثرت قلة التساقطات المطرية على مدى متتاليتين على القيمة المضافة للقطاع الفلاحي التي ستتراجع بنسبة 3% أو 2.7% بالنسبة لبنك المغرب. الأمر الذي تعود عليه المغرب وكان يعد له السياسات الملائمة للتصدي لآثاره. غير أن ظهور الجائحة مرافقا لموسم جاف جعل من تدبير المرحلة أصعب وأعقد. لقد أنتجت الوضعية ارتفاعا في الأثمنة الفلاحية بنسبة أعلى من متوسط السوق. وهو الأمر الطبيعي بالنظر إلى تعثر سلسلة التموين الناتجة عن تعثر الوسائل اللوجستيكية عموما، نخص النقل بالذكر.

 

وبالاستناد إلى بنك المغرب، أسهمت الجائحة في تراجع الأنشطة غير الفلاحية ب 2.9%. ستؤدي هذه الوضعية بشكل آلي إلى ضعف الطلب الداخلي الناتج عن الانخفاض الشديد لمدا خيل الأسر بالعالم القروي المصاحبة لانخفاض الطلب على المواد التجهيزية سواء كانت للفلاحة أو للمنزل.

 

ولا ينبغي أن ننسى أن هذه الإشكالات المرتبطة بالإنتاج والاستهلاكي يمكن معالجتها وفقا لمجموعة من الشروط بواسطة تصدير الخضر والفواكه نحو دول الاتحاد الأوربي، المتباطئ إنتاجه لهذه المواد الفلاحية نخص بالتدقيق إسبانيا والبرتغال وإيطاليا.

 

أما فيما يتعلق بالمنتوجات الغذائية التي تشكل وحداتها بالمغرب حوالي 2000،فتعاني من ضعف التموين من المواد شبه المنتهية المعتمد عليها من قبل هذه الوحدات في إنتاجها. إضافة إلى ذلك، أن أغلب هذه المواد شبه المنتهية مستوردة، وعليه ستؤثر الدولة الموردة سلبا على القيمة المضافة لهذه الوحدات الإنتاجية بالمغرب.

 

و بالتالي فالتساقطات المطرية الحالية مهمة لكن ستؤثر على الاقتصاد المغربي بشكل عاد لأنه كما ذكرنا فإن الارتفاع في الإنتاج الفلاحي لن يستطيع حتى تغطية السنوات السابقة العجاف كما نشير أيضا أن نسبة الفلاحة في الناتج الداخلي الخام والتي لا تتجوز 20 في الملة لن يكون لها التأثير الكبير على هذا الناتج و ترتيبا عليه فإننا ندعو الحكومة وخصوصا بعد الصدمة الصحية أن تغير من أسلوبها وطريقتها ومنهجيتها في تدبير الشأن العام لأن نفس الوسائل تؤدي دائما إلى نفس النتائج أو أقل منها

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً