“الهيدروجين” يجمع المغرب وألمانيا رغم التكلفة الباهظة



 

تتنافس الدول والمجموعات الصناعية في أقطار العالم قاطبة، خصوصا في أوروبا، للإعلان عن خطط واستثمارات في إطار السباق على مشاريع الهيدروجين المراعي للبيئة، فيما تشخص الأنظار في هذا المجال أيضا إلى الصين.

 

ومن بين الدول كذلك، نجد المغرب وألمانيا اللذان يطمحان إلى تطوير شراكتهما في مجال الطاقات المتجددة . إذ يسعى البَلدان إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو غاز صديق للبيئة، بالاستفادة من مركب نور جنوبي المغرب الذي يعد أكبر حقل لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم.

 

 

هذا الغاز المنتج الذي ينظر إليه على أنه الحلقة الناقصة لإتمام الانتقال البيئي بنجاح رغم أنه لا يزال ينتج من مصادر وقود أحفورية، سيساهم في وقف الاعتماد على الكربون في القطاع الصناعي ووسائل النقل الثقيلة وسيقدم وسيلة تخزين للكهرباء المتجددة، شرط تحويله إلى مصدر “أخضر”.

 

 

وتثير هذه الآفاق الواعدة رغم كلفتها الباهظة، اهتماما كبيرا خصوصا في أوروبا التي أضاعت فرصة تطوير مكونات الطاقة الشمسية والبطاريات في ظل الهيمنة الصينية شبه الكاملة.

 

 

ويكمن الهدف في التحكم بكامل السلسلة أو بجزء منها على الأقل. ويمكن الحصول على الهيدروجين “الأخضر” من خلال التحليل الكهربائي للماء مع الطاقة الكهربائية المتجددة، وهو يستلزم تطوير الطلب وأيضا البنى التحتية الخاصة بالنقل.

 

 

وجرى الإعلان عن خطط وطنية تجمع بين التعاون واستراتيجيات مختلفة جدا أحيانا، من الهيدروجين الأخضر بالكامل إلى أخرى تستعين بمصادر الطاقة النووية أو حتى بالغاز.

 

 

ووضعت الولايات المتحدة خريطة طريق جديدة في هذا الإطار. أما ألمانيا فتعتزم استثمار تسعة مليارات يورو بحلول 2030، فيما خصصت كل من فرنسا والبرتغال سبعة مليارات يورو لهذه الغاية، وكرست بريطانيا 12 مليار جنيه استرليني فيما خصصت اليابان والصين ثلاثة مليارات دولار و16 مليارا على التوالي للانتقال إلى تصنيع مراع للبيئة، وفق شركة “أكسنتشر”.

 

 

وفي المحصلة، “يعمل حاليا على قدرات إنتاجية عند 76 غيغاواط، بينها 40 أعلن عنها العام الماضي”، وتستحوذ أستراليا على “نصف المشاريع الرئيسية”، وفق جيرو فاروجيو من شركة “ريستاد إنرجي”.

 

 

تحتل بلدان شمال آسيا موقعا متقدما، خصوصا اليابان التي تعمل على تصميم سفن لنقل الهيدروجين لتلبية حاجاتها الكبيرة، وكوريا الجنوبية، وخصوصا الصين.

 

 

ويقول نيكولا مازوتشي من مؤسسة البحث الاستراتيجي “نظرا إلى حاجاتها، توظف الصين كل طاقاتها بينها الهيدروجين، خصوصا على قطاع النقل”.

 

 

وتطور الصين طريقة للإنتاج تستخدم المحركات النووية، رغم أن إنتاجها الحالي يعتمد على الفحم. وهي تستقطب جهات من العالم أجمع: من مصنعي بطاريات الوقود للمركبات (الكندية بالار والفرنسية سيمبيو)، ومحطات التعبئة (إير ليكيد)”.

 

 

ويقول جيرو فاروجيو “في ظل رغبتها في إلغاء الاعتماد على الكربون (في الاقتصاد) وقدرتها على تقليص الأكلاف، هل يمكن للصين الهيمنة على التزود بأجهزة التحليل الكهربائي، كما الحال مع وحدات القياس الشمسية؟ يبدو ذلك محتملا”.

 

 

في المقابل، تعزز أوروبا قدراتها في هذا المجال.

 

 

وتوضح شارلوت دو لورجيريل من شركة سيا بارتنرز” أن “ثلاثة بلدان تتمايز” في هذا الإطار، وهي ألمانيا “المتقدمة في مجال النقل”، وفرنسا “الأكثر تقدما على صعيد الإنتاج”، وهولندا القوية في البنى التحتية الغازية.

 

 

ويرمي الاتحاد الأوروبي إلى الاعتماد على الهيدروجين بنسبة تراوح بين 12 % و14 % ضمن مزيج الطاقة في 2050 (في مقابل 2 % حاليا)، كما يشجع على التعاون في المجال.

 

 

لكن هذا لم يمنع وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير من إعلان طموح بلاده احتلال “صدارة المصد رين والمنتجين” في العالم.

 

 

ويخشى نيكولا مازوتشي أيضا أن يدفع الاتحاد الأوروبي ثمن “نقص الاستراتيجية الشاملة في مجال الطاقة”، فيما قد يشكل الهيدروجين مجرد وسيلة لسد الفراغ.

 

 

ولناحية القطاع الصناعي، تحاول شركات الطاقة فرض نفسها من خلال عمليات استحواذ خصوصا لشركات ناشئة أو لتحالف مجموعات. وهذه حال “توتال” و”إنجي” المتحالفتين لتطوير أكبر موقع لإنتاج الهيدروجين المراعي للبيئة في فرنسا.

 

 

ويقول الأستاذ في المعهد الحر للعلاقات الدولية ميكا ميريد “هم يعتمدون استراتيجية تقوم على منافسة اللاعبين التاريخيين في قطاع الهيدروجين الذين يسعون بدورهم إلى أن يصبحوا منتجين للطاقة”.

 

 

وفي حال حققت هذه الاندفاعة العالمية مبتغاها، قد يسهم الهيدروجين في قلب خريطة الطاقة العالمية.

 

 

وقد س جلت أخيرا تفاهمات وخلط للأوراق على هذا الصعيد.

 

 

وتقربت ألمانيا من المغرب لتطوير إنتاج الهيدروجين المتأتي من الطاقة الشمسية. ويلحظ مشروعا “غرين سبايدر” و”غرين فلامينغو” شق طرق بحرية للهيدروجين وأنابيب غاز لربط إسبانيا والبرتغال بشمال أوروبا.

 

 

وتشير شارلوت دو لورجيريل إلى أن هذه المشاريع ترمي أيضا إلى “إقامة شبكات تزويد لوجستية جديدة، ما سيتيح الاستيراد من صحراء تشيلي أو الصحراء الكبرى، حيث تتوفر مصادر طاقة شمسية وافرة”.

 

 

غير أن ميكا ميريد يبدي حذرا حيال هذه التطورات، قائلا “هل سيسمح ذلك بلامركزية في قطاع الطاقة من شأنها تغيير التوازنات القائمة، أو الوصول إلى مركزية جديدة مع بلدان مصد رة للهيدروجين وأخرى مستوردة له”، كما الحال مع النفط والغاز حاليا؟ هنا يكمن “تحدي العقد”.

 

 

الأيام24+أ ف ب

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً