كانوا في قلب صناعة القرار، وعلى رأس مؤسسات كبرى في الدولة، أو أسندت لهم مهام حساسة أو وظائف سامية، فظلوا سندا للسلطة المركزية، يقدمون لها الخدمة مقابل تفويض السلطة والجاه والارتقاء الاجتماعي والنفوذ.
ثم فجأة، وجدوا أنفسهم مغضوبا عليهم، أو منبوذين أو مهمشين، ليس بسبب مواقفهم السياسية المعارضة، أو لاختلافهم مع صانع القرار السياسي والاقتصادي بالمملكة، ولكن لغضبة أطاحت برؤوسهم من أعلى مراتب المسؤولية، أحيانا بشكل غامض، دون حتى أن يُعرف السبب لدى عموم الرأي العام. فيما وصلت ملفات بعضهم إلى ردهات المحاكم وتفجرت قضاياهم في الصحافة الوطنية والدولية، بل منهم من صدرت في حقهم أحكام وسجنوا لمدد طويلة، وآخرون تبدلت مواقعهم فما عادوا من الخدام المنعمين. وبينما اختارت قلة منهم اتخاذ مواقف مناهضة، توارى أغلبهم في غياهب النسيان.
ننشر عبر حلقات قصص سياسيين وزعماء وتكنوقراط وحزبيين ووزراء مقربين من مربع السلطة الذهبي جعلتهم كبواتهم يهوون من القمة إلى السفح.
مصطفى الباكوري.. الولد الظريف الذي وجد نفسه أمام القضاء
يلقبه البعض بـ»الولد الظريف» الذي لم يكن يحلم بالمجد الذي وصل إليه بمحض الصدفة. فالباكوري ابن مدينة المحمدية من جيل الملك محمد السادس، حيث ولد عام 1964 من أب عسكري التحق بعد الاستقلال بالقوات المساعدة.
بعد حصوله على البكالوريا التحق بإحدى الجامعات الفرنسية بتولوز، ثم عمل من 1993 إلى 1995 كمسؤول عن الزبناء في البنك المغربي للتجارة الخارجية، ومن 1995 إلى 1998 مسؤولا عن تطوير وتمويل مشاريع الشركة الوطنية للتهيئة الجماعية المكلفة بتحديث وإعادة تأهيل الوسط الحضري، وشغل بين 1998 و2001 منصب مسؤول عن قطب «بنوك التجارة».
لكن ضربة الحظ في حياته ستأتي عبر تعيينه مديرا عاما لصندوق الإيداع والتدبير عام 2001، ليصعد نجمه كأحد كبار خدام الدولة في واحدة من أكبر مؤسساتها. لكن كما تعيينه بدافع يجهل هو نفسه سياقه وحيثياته كما جاء في إحدى حواراته الصحافية في القناة الثانية، كان كذلك عزله مفاجئا، وقد وصف إقالته من إدارة صندوق الإيداع والتدبير بـ»الامتحان المفيد»، قبل أن يعينه الملك محمد السادس بالقصر الملكي بمراكش يوم 30 دجنبر 2009 مديرا عاما للوكالة المغربية للطاقة المستدامة، والتي بسببها أقفلت في وجهه الحدود ويخضع للتحقيق من طرف الشرطة القضائية.
وبحكم الانعطاف السياسي الذي هوى بنفوذ وطموحات هيمنة حزب «البام» مع انطلاق حركة 20 فبراير، انتخب مصطفى الباكوري في 19 فبراير 2012 أمينا عام لحزب الأصالة والمعاصرة خلفا للشيخ بيد الله، ومثل صورة للواجهة فقط حيث كان المسير الفعلي للحزب هو إلياس العماري.