الشرقاوي يتحدث عن طبيعة الانعطافة التي طرأت على السياسة الخارجية المغربية!



 

يدفع المغرب نحو المزيد من الانفتاح على محيطه الإقليمي وذلك في أعقاب تحقيقه مكاسب هامة في قضية الصحراء منذ الاعتراف الأميركي بسيادة المملكة على صحرائها، إلى جانب العمل على تعزيز التعاون في مجالات مختلفة مع شركائه على غرار الاقتصاد والمجال الأمني لتوطيد علاقاته مع محيطه الإقليمي.

 

وشكلت الزيارة الرسمية التي قام بها بيني غانتس وزير الدفاع بإسرائيل من 23 الى 25 من نونبر، إلى المغرب، وتوقيع اتفاقيات مهمة بين البلدين، فرصة لتعزيز حضوره الإقليمي، وهو الأمر الذي دفع الكثير من المتتبعين إلى التساؤل حول الخلفيات التي جلعت المغرب، ينوع شركائه منذ إعادة استئناف علاقاته مع إسرائيل، بوساطة أمريكية.

 

في هذا الصدد، يرى المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أن لازال الكثير ممن لم يستوعب بعد أن المغرب متجه إلى تحقيق انعطافة استراتيجية كبيرة، تهدف في النهاية إلى إعادة تموضع عميقة لبلدنا سواء في محيطه الإقليمي أو داخل المشهد الدولي قيد التشكّل.

 

وأبرز الشرقاوي، في تدوينة على “الفايسبوك”، أن لعل العديد من الأحداث والوقائع لا يمكن تفسيرها بمعزل عن هاته الانعطافة وعلى رأسها الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمغرب من أجل التوقيع على اتفاقيات هامة في المجال الأمني والعسكري.

 

وأضاف المحلل السياسي، أنه “بدون شك، فإن هاته الانعطافة التي طرأت على السياسة الخارجية المغربية، وضعت نصب عينيها عدة عوامل في مقدمتها الدفاع عن مصالحنا الاقتصادية ومحددات أمننا القومي، وتحقيق التوازنات الإقليمية والدولية المطلوبة لا سيما في شمال إفريقيا. فلا يمكن للمغرب تحت شعارات شعبوية وحالمة أن يبقى مكتوف الأيدي أمام اندساس إيران وحزب الله وروسيا وقوى دولية أخرى تكن لنا العداء، وأن يتحول إلى رهينة لدى محاور تعادي وحدته الترابية وسيادته الوطنية دون أن يقوم بأي رد فعل اتجاه تلك خطط معادية التي تتوخى عزل بلدنا، وفي الوقت نفسه سيكون من السذاجة الرهان على تحالفات وعلاقات أصبح ضررها أكبر من نفعها.

 

واعتبر المحلل السياسي، أنه “لذلك باتت الحاجة ضرورية للقيام باستدارة ديبلوماسية الجريئة ومحسوبة العواقب للحد من الآثار الجانبية لبعض التحركات المعادية والمواقف الرمادية، وكان من إحدى أهم نتائج ذلك اتجاه المغرب نحو إبرام الاتفاق الثلاثي الأمريكي الإسرائيلي الذي يخلد مرور سنته الأولى.

 

ولفت الشرقاوي، أنه “في المقابل لا يبدو أن المغرب في وارد مواقفه التراجع عن مسار علاقته الكلاسيكية مع حلفائه التقليديين، بل يرغب في تعميق التفاهمات مع الاتحاد الأوربي وفرنسا وإسبانيا وألمانيا قدر الإمكان، دون أن يكون ذلك على حساب وحدتنا الترابية. فمن جهة، لا غنى لأوروبا عن استمرار علاقتها الحيوية بالمغرب سعياً لتحقيق مصالحها الاقتصادية والأمنية. ومن جهة أخرى، لا يبدو أن المغرب مستعد للتخلي عن شركائه إذا ما تركوا دائرة الغموض والمواقف الرمادية اتجاه قضيته الأولى. وبالتالي فحالة التقارب المتسارع مع أمريكا وإسرائيل ستصل إلى اقصى حد معين دون المخاطرة بقطيعة تامة مع حلفائنا التقليديين.

 

وأشار الشرقاوي، أنه “مع ذلك فإن هاته الانعطافة ليست نزهة في حديقة ذات يوم مشمس، فصناع القرار الديبلوماسي المغربي يدركون أن أي تحول استراتيجي ليس آمناً ومستقراً وبلا مخاطر وبلا كلفة. فمن ناحية، لا نضمن استمرار وفاء الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالتزاماتهم اتجاه قضيتنا حتى النهاية، وفي نفس الوقت ستتعرض بلدنا لوابل من المواقف الابتزازية من دول ألفت العيش بالمغرب لدفعه للتراجع. ومع ذلك فإن هاته الانعطافة الاستراتيجية ضرورية وتستحق المضي فيها، من بلد لا يقبل الابتزاز والمساومة في أمنه وسيادته.

مقالات مرتبطة :

تعليقات الزوار
  1. صريح

    لا ثقة في العلاقات الدولية لكن اغتنام الظرفية المواتية ما أمكن وكسب الحلفاء وتنويع الشراكات …

اترك تعليق


إقرأ أيضاً