مع ارتفاع أسعار الخضر..هل “فشل” مخطط المغرب الأخضر ؟

تصدير الطماطم المغربية


ارتفاع الأسعار، يتصدر واجهة النقاش العمومي في المغرب، لاسيما بعدما بلغت أثمان المواد الأساسية والخضر والمحروقات أسعار غير مسبوقة، ما جر انتقادات على البرامج الحكومية التي تم تطبيقها خلال السنوات الماضية والتي يصفها كثيرون بأنها لم تعط نتائج ملموسة تقي من صدمات تقلبات الأسعار دوليا، لاسيما على مستوى القطاع الفلاحي الذي يعتبر ركيزة أساسية في الإقتصاد المعيشي للمغاربة.

 

من البرامج الحكومية التي همت الرفع من انتاجية القطاع الفلاحي، برامج “المخطط الأخضر” الذي تم إطلاقه عام 2008 ورصدت له ميزانية مهمة بلغت 43 مليار درهم.

 

انتقادات برلمانية 

 

وانتقد مجموعة من النواب البرلمانين، نتائج مخطط المغرب الأخضر، مؤكدين أنه تم صرف 15 ألف مليار سنيتم، دون أن يفلح في حماية القطاع الفلاحي الوطني من ارتدادات الغلاء على مستوى السوق الدولي، علاوة على 15 سنة من الانتظار بهدف تحقيق الأمن الغذائي، وهو مالم يتم تحقيقه إلى حدود اليوم.

 

وقال رشيد حموني رئيس الفريق النيابي لحزب “التقدم والاشتراكية” إن الطماطم والفلفل أصبحت خضر فوق العادة بالمغرب. وجاء كلام حموني خلال تعقيبه على مداخلة لوزير الفلاحة بمجلس النواب، حول ارتفاع الأسعار.

 

وتساءل حموني عن فائدة المخططات الفلاحية إن لم تستطع أن تؤمن الأمن الغذائي للمغاربة، وأن تتوفر هذه المواد بالأسواق بأثمنة مناسبة. مؤكذا أن “مخطط المغرب الأخضر تحول إلى أسود في عيون الفقراء وأخضر في عيون الشركات المصدرة”.

 

فمخطط المغرب الأخض، بالنسبة لفريق التقدم والإشتراكية، ساهم في “عطش مئات الهكتارات بسبب اختيار زراعات غير منتجة، واليوم لم نستطع أن نؤمن القمح فهل سنقدم للمواطنين الأفوكا”.

 

قيمة مضافة..غائبة إلى حين

 

وتحت عنوان “أية آفاق للتبعية الغذائية للمغرب بحلول عام 2025؟”، كانت المندوبية السامية للتخطيط قد تساءلت هي الأخرى عن حصيلة “المغرب الأخضر” وعن قدرته في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة لارتباط جزء من أهدافه بالتساقطات المطرية.

 

وعكس ما ذهبت إليه حصيلة المخطط التي أعلنت عنها وزارة الفلاحة، قال التقرير إن أداء القطاع الفلاحي “ظل معتدلا بالمقارنة بالأهداف المسطرة في إطار مخطط المغرب الأخضر ولاسيما تلك المتعلقة بتحقيق 100 مليار درهم كثروة إضافية للقطاع في أفق 2020، حيث يقدر النقص الحاصل في القيمة المضافة الفلاحية بحوالي 31.7 مليار درهم بين عام 2013 و2018”.

 

التقرير أبرز أيضا مساهمة القطاع في سوق الشغل تراجعت هي الأخرى خلال السنوات الـ10 الأولى من من إطلاق المخطط، حيث انتقلت من 40 في المائة عام 2008 إلى 34 في المائة سنة 2018، وعلقوا على ذلك بالقول “كان يفترض أن يخلق المخطط حوالي 125 ألف منصب شغل سنويا”.

 

وتوقع التقرير حينها أن يستمر المغرب في استيراد كميات مهمة من الحبوب بحلول عام 2025، وتوقع أن تظل المملكة مرتبطة بالأسواق الخارجية لتأمين حاجياتها الأساسية بنسبة تصل إلى 63 في المائة، نهيك أن المخطط يعاني من نواقص ومن عيوب تحول دون تحقيق بعض أهدافه.

 

وأشار المجلس إلى أن الفلاحة المغربية تستنزف لوحدها 89 في المائة من المياه، وذلك في وقت توقع فيه التقرير أن يزداد ضعف المخزون المائي للمملكة بسبب تفاقم الظواهر المناخية.

 

تحديات المخطط

 

وحسب وزارة الفلاحية والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات،  فالمخططُ تمكّن من خلق دينامية في القطاع الفلاحي، وبلغة الأرقام حسب الوزارة، فالمغربُ أضحى ثالثَ مصدرٍ للمنتجات الفلاحية الغذائية، في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، كما أصبح يحتلّ الرتبةَ الرابعةَ كأكبر مُصدر لهذه المنتجات بالقارة الإفريقية.

 

وسجلت الفلاحة المغربية تقدماً كبيراً خلال السنوات الماضية بفضل مخطط المغرب الأخضر، لكنها مازالت تعاني من معيقات هيكلية ينتج عنها خفض في أداء سلاسل الإنتاج.

 

ويشير تقرير حصيلة وآثار مخطط “المغرب الأخضر”، الصادر عن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى أن هذه المعيقات الهيكلية تتجلى في الموارد المائية والعقار وبنية الاستغلاليات الفلاحية ومسالك التوزيع.

 

في ما يخص الموارد المائية، يوضح التقرير أن مناخ المغرب عموماً جاف أو شبه جاف، مع تساقطات مطرية دون 400 ملم سنوياً في أزيد من 85 في المائة من المساحة. وغالباً ما تكون هذه التساقطات غير كافية أو سيئة التوزيع، وهو ما يترتب عنه عجز مائي يؤثر سلباً على إنتاجية المزروعات وانتظام المحاصيل.

 

ويبرز معيق آخر في بنية الاستغلاليات الفلاحية، إذ نجد أن أكثر من ثلثيها تقل 5 هكتارات، وهو ما يترتب عنه ضعف القدرة على الاستثمار وعلى اعتماد التقنيات والتكنولوجيات. في حين أن لهذه الاستغلاليات الصغيرة ميزات مهمة، كالقدرة على التأقلم الاقتصادي والمناخي.

 

ومن بين المعيقات أيضاً مسالك التوزيع، إذ تشكل الوضعية والتنظيمية لأسواق الجملة الحلقة الأضعف في مسالك تسويق الفواكه والخضر، وهي أسواق تخضع لإطار تنظيمي يعود إلى 1960، لم يعد يتوافق مع تطور أنماط اشتغال الأسواق العصرية ومتطلبات المستهلكين.

 

وتضم شبكة أسواق الجملة للفواكه والخضر بالمغرب قرابة 40 سوقاً تمكن من تأمين تسويق حوالي 3.5 ملايين طن من الفواكه والخضر سنوياً، وهو ما يمثل 30 في المائة فقط من الإنتاج الوطني.

 

 

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً