16 ماي.. ذكرى فاجعة أصبغت الدار البيضاء بالسواد



التاريخ 16 ماي 2003..المكان أكبر حواضر المملكة، الدارالبيضاء..حيث أفاق الناس على هول صدمة ماتزال ارتداداتها بادية إلى اليوم، أيادي الغدر اغتالت أرواح 45 شخصا، والكثير من الجرحى والمعطوبين غصت بهم المستشفيات، لا صوت وقتها يعلو فوق صافرات الإنذار، حل الخوف مكان الأمن واستبد بشعور الناس منذ ذلك الحين.

 

يستذكر ذوي الضحايا جرحا غائرا لم يندمل رغم مرور من الزمن 19 عاما، في مخيالهم كأنها الأمس، هي ذكرى بالكاد ممزوجة بالألم والمرارة والفقد واليتم والترمل.

 

البيضاء التي تلطخت بالدماء في ليلة 16 من ماي، وتحولت إلى مسرح لأعنف عمل إرهابي عرفته المملكة، في سلسلة تفجيرات متزامنة استهدفت 5 مواقع متفرقة، باستعمال أحزمة ناسفة.

 

منذ ذلك الحين، لم تجد المملكة بدا غير تغيير المخخط الأمني واعتماد مقاربة أمنية تقوم على الاستباقية واليقظة، وعلى تفكيك الخلايا الإرهابية قبل وصولها إلى مرحلة التنفيذ، وإفشال كل المخططات الإرهابية التي تهدف للمس بأمن وسلامة المواطنين والأجانب فوق التراب المغربي.

 

ضربات استباقية 

 

استنادا إلى آخر إحصائيات رسمية، فقد بلغ عدد المحاضر المسجلة خلال سنة 2021، 73 محضرا، قدم بموجبها أمام النيابة العامة 103 أشخاص، فيما سجل سنة 2020 ، 103 محاضر، قدم بموجبها 145 شخصا، وفق ما ورد على لسان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط عبد العزيز راجي، خلال جلسة رسمية لافتتاح السنة القضائية، شهر فبراير الماضي.

 

معطيات أخرى متضمنة في التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لسنة 2020، أفادت بتسجيل 126 قضية إرهابية خلال سنة 2020، توبع خلالها ما مجموعه 165 شخصا أمام النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط، باعتبارها المختصة وطنيا في هذا النوع من الجرائم.

 

وحسب المعطيات الواردة في التقرير، فإن عدد القضايا الإرهابية خلال سنة 2020 عرفت تراجعا ملحوظا، إذ انخفض عددها من 302 قضية سنة 2019 إلى 126 قضية، أي بنسبة تقارب 60 في المائة، كما انخفض أيضا عدد الأشخاص المتابعين من 358 شخصا خلال سنة 2019 إلى 123 شخصا سنة 2020. وهو الانخفاض الذي أرجعه التقرير بالأساس إلى الاندحار الذي عرفته التنظيمات الإرهابية على المستوى الوطني والدولي.

 

وأشار التقرير إلى أنه على المستوى الوطني، قامت المصالح الأمنية بتوجيه ضربات استباقية حدت من عمل الخلايا الإرهابية، ومن أنشطة أتباعها، إذ تم احباط مخططاتها قبل أن تبلغ مراحل متقدمة في التنفيذ، وحجز المعدات والأدوات التي كانت ستستعملها في القيام بعملياتها”.

 

أما على المستوى الدولي، فأكد التقرير أن التعاون الأمني والقضائي بين السلطات المغربية ونظيراتها الأجنبية ساهم في تعقب وضبط مجموعة من الأشخاص المبحوث عنهم للاشتباه في ارتباطهم تنظيميا بالجماعات الإرهابية. كما كان لتظافر الجهود الدولية الأثر في تخليص مناطق وبؤر النزاع من وطأة الإرهاب، كما هو الحال بالنسبة لبعض التنظيمات التي تنشط بأسيا الوسطى، وبعض دول الشرق الأوسط (كتنظيم داعش)، وامتداداتها بدول الساحل الإفريقي.

 

الانجراف وراء التطرف

 

ويؤكد مراقبون على تداخل العديد من العوامل في تنامي التطرف والإرهاب، وبروز الفكر الجهادي، في مقدمتها الهشاشة والتهميش، وعوامل ذاتية وأخرى مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية وراء التشبع بالفكر المتطرف.

 

ويعتبر خبراء علة النفس الاجتماعي أن “تفشي الجهل و غياب الحوار داخل الأسر ينتج عنه فراغ روحي، و يجعل من بعض المواطنين فريسة سهلة أمام التنظيمات الإرهابية لاستقطابهم والإيقاع بهم، مخاطبين وجدانهم و مستغلين تعطشهم للمعرفة”.

 

وتستهدف التنظيمات الإرهابية الشرائح الاجتماعية التي تعاني عموما من الجهل، مثلما تعاني من الظلم و التشتت الاسري و الهشاشة الاجتماعية، وهو ما يجعلها مهيأة فكريا واجتماعيا للانسياق وراء الفكر المتطرف و للانبهار بتراكم المعلومات التي تتلقاها من هذه التنظيمات التي تستغل إحساسها بالنقص، من أجل توظيفها في مخططات تخريبية، ما يسهل مهمة التحاقهم بمناطق الصراع، حيث شكلت هي الأخرى عاملا مشجعا للعديد من الشباب والفئات الهشة فكريا على الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية خارج أرض الوطن.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً