أطلق الفنان مسعود بوحسين، رئيس النقابة الوطنية لمهني الفنون الدرامية صرخة حول مآلات الفن من خلا تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بعنوان “الثقافة: من السكتة القلبية إلى هشاشة العظام-المسرح نموذجا”، خاصة في ظل اعتماد المسرح منذ سنوات على الدعم الذي تقجمه وزارة الثقافة والذي أصبح المسرح بدونه لا يقوى على إجارة عجلته، بدليل توقفه منذ بداية الجائحة عن تنشيط الساحة الفنية، ورغم عودة الحياة الفنية إلى نشاطها الطبيعي بقي المسرح متخلفا عن الركب في انتظار ما ستؤول إليه نتائج طلبات الدعم التي قدمتها الفرق المسرحية والتي أفرجت عنها وزارة الثقافة يوم 13 يوليوز الماضي بالإعلان عن دعم 67 مشروعا من أصل 332 مشروعا تقدم بطلب الدعم بمبلغ وصلت قيمته إلى 11.950.000 درهم ويتضمن دعم- إنتاج وترويج الأعمال المسرحية، ودعم لجولات المسرحية الوطنية.
بوحسين قال أنه “منذ نهاية تسعينات القرن الماضي أسس الدعم المسرحي لأسطورة كل يؤولها على هواه. ولا يستثنى في هذا التأويل أحد من الثلاثة: الوزارة والمسرحي والفرقة. والحكاية أشبه بذلك الاعمى الذي دعا الله أن ينعم عليه بنعمة البصر ولو لبرهة. فاستجاب الله لدعائه. وحدث ان فتح بصره فرأى فأرا، ثم عاد الى عماه. ومنذ ذلك التاريخ كل ما سمع حيوانا أو لمس جمادا إلا وسأل: أكبر من الفأر أو أصغر منه؟ أسرع من الفأر أو ابطأ منه…أقصر، أطول، أخف، أثقل…الخ. ذلك ما وقع للمسرحي والوزير ومسؤول الفرقة والمسؤول الإداري. ونفس الشيء في مجالات أخرى. المرجع هو الدعم هو المنطلق الاول والأخير. والمسرحيون هم حطب النار في الترافع وهم المكتوون في نهاية المطاف ومعهم أقنعتهم وإكسسواراتهم ونظرياتهم وجوائزهم وباحثوهم. متألقون في الدوائر الضيقة وسموات الفن السامقة. ولا يعرف حتى جيرانهم ماذا يصنعون الا إذا ظهروا في التلفزيون”.
رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامي، قال أن الدعم المسرحي في غياب هيكلة سابقة بين المؤسسة (الفرقة) والفنان من جهة، والفنان والفرقة معا مع المكتب المغربي لحقوق المؤلفين خلق وضعا اقتصاديا أصبح فيه العرض المسرحي مرتفع التكلفة مقارنة بقيمته التجارية التي لا يمكن توقعها، كما أن دفاتر التحملات واللجن والوزارة ليست لها أية مرجعيات قانونية وتعاقدية واضحة، مشيرا إلى أن الوضع الطبيعي يكمن في أن يخضع العمل المسرحي إلى مبدأ المكافأة العادلة يقوم على أن الفنان المؤلف (كاتب، سينوغراف، مخرج) يكبر حجم دخله أو يقل بحسب مردود العروض. وما علمتنا مساطر الدعم العمومي كتعويض جزافي هو في العمق مقابل بيع حقوق الملكية الفكرية للمؤسسة، على أن تكون للمؤلف نسبة من المداخيل، مضيفا أن المخاطرة لا يمكن أن يتحملها جانب دون آخر. لان النجاح محتمل كما أن الفشل محتمل.
من جانب آخر، نبه مسعود بوحسين في ذات التدوينة أن الدعم المسرحي أصبح معرقلا عوض أن يكون محفزا إلا في جانبه الثقافي المحض والذي يحول زنقة غاندي (غشارة إلى الزنقة التي تتواجد بها وارة الثقافة بوسط مدينة الرباط) الى ما يشبه محمية لكائنات آيلة للإنقراض، مضيفا أن الدعم وجد لتوفير خدمات ثقافية للمواطنين وليس لمساعدة أحد وهذا لن يتم إلا بتخفيض المخاطر على المؤسسة المنتجة والفنانين، لكن المشكلة ، حسبه، تكمن في القوانين والعقود ودفاتر التحملات، وفيمن ينظر سياسيا وإداريا وحتى فنيا في شؤون الثقافة ويتناسى هيكلتها ومرضها بهشاشة العظام، رغم أن قانون الفنان ميز بين الفنان والأجير والمقاولة والمشتغل لحسابه الخاص، كما أن ذات القانون يقاوم الغباء الاقتصادي والاجتماعي الذي يعشش في عقول مدبري أمر الشأن الثقافي. وبغبائهم يواصلون مرجعيات أسس لها الوزير محمد الاشعري كبداية، كمنطلق فقط… فصارت عقيدة والمضحك المبكي أنها أصبحت منطلقا لبناء صناعات ثقافية وابداعية. والتي ستحول الريع من الفنان الى المقاولة.