توفي الملك الحسن الثاني سنة 1999 ولا يزال حاضرا في الذاكرة حيث تحتفظ له بلائحة طويلة من المواقف والنوادر والطرائف، ولأن المناسبة شرط فإن وفاة الشيخ يوسف القرضاوي الرئيس المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تعيدنا إلى يوم كان فيه القرضاوي من ضيوف الملك في الدروس الحسنية، حين عقّب الملك الراحل على حديث استدل به الشيخ في الدرس.
دُعي الشيخ يوسف القرضاوي في سنوات السبعينيات من القرن الماضي في العديد المناسبات ليلقي درساً دينيا أمام الملك الحسن الثاني، لكنه كما حكى ذلك، كان يتخوف من أن تفرض عليه طقوس لا يريد أن يقوم بها من قبيل الانحناء أو تقبيل اليد، وبعد إلحاح من طرف بعض الديبلوماسيين الذين تعرف عليهم بالخليج، لبّى القرضاوي دعوة وزير الأوقاف عبد الكبير العلوي المدغري لإلقاء درس حسني أمام ملك المغرب في شهر رمضان الذي صادف سنة 1983.
لكن القرضاوي، الذي كان يشغل منصب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تعرض خلال الدرس الذي ألقاه في رحاب القصر الملكي بالرباط لموقف محرج.
كان الدرس الحسني على عهد الملك الراحل الحسن الثاني بعيدا عن الدرس الذي يستأثر فيه طرف واحد بالحديث، إذ عرف عن الحسن الثاني تسجيل إضافة أو تعقيب في بعض الدروس التي ترأسها برحاب القصر الملكي، واحد منها الدرس الذي ألقاه الشيخ القطري المصري يوسف القرضاوي.
وبينما كان القرضاوي يلقي درسه المرتجل استشهد بحديث يقول: “يبعث لله للأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”، وعقب الملك على قول المحاضر بأن هذه ليست الرواية الوحيدة وأن هناك رواية تقول: “يبعث لله للأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها” (أي أن الاختلاف كان هو زيادة “أمر” قبل دينها).
لكن القرضاوي لم يعجبه تدخل الملك في صلب الدرس الذي يلقيه، واعتبر أن الحسن الثاني لا يجب أن يقاطع عالما لأنه يعلم تفاصيل الموضوع الذي يلقيه.
ويحكي القرضاوي أنه افتتح الدرس بعبارة “مولانا الملك المعظم”، لكن ما أثار الانتباه هو أن المحاضر في ذلك اليوم نسي أن يرفع الدعاء للملك كما جرت العادة بذلك، لكن هذا السهو لم يمنع الحسن الثاني من مصافحته بحرارة ودعوته إلى العودة لإلقاء درس حسني في العام الموالي.