هل اشترطت أمريكا على المغرب استقبال كوليبا مقابل عقد “قمة النقب بالصحراء”؟



تناولت وسائل إعلام إسرائيلية عدة أخبار عن عقد قمة النقب في المغرب خلال شهر يونيو المقبل، مشيرة إلى أن تأجيل القمة كان بسبب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ومحاولة ضم دولة إفريقية مسلمة، وأيضا عدم الاتفاق على مكان انعقاد القمة، حيث يرغب بوريطة في عقدها بالداخلة اعتبارا للإعلان الثلاثي الذي يربط الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء بترجمته على أرض الواقع على شكل قنصلية بالصحراء المغربية، وهو الاتفاق الذي يحاول بلينكن “التهرب منه كعادة الديمقراطيين الذين يتهربون من الحسم، ويميلون إلى إطالة أمد الصراعات”.

 

هذه النظرية طرحت السؤال حول حضور وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا الى المغرب، ودعمه لمقترح الحكم الذاتي، وهل هو الشرط الذي اشترطه بلينكن من أجل الموافقة على عقد قمة النقب في إحدى مدن الصحراء، وهو السؤال الذي طرحناه على محمد شقير الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الذي أبرز أن المغرب اشترط بشكل ضمني أن يكون اجتماع النقب في إحدى المدن الصحراء المغربية، قائلا: “بطبيعة الحال تم تأجيل الاجتماع لعدة أسباب منها تصعيد سلطات الاحتلال والتعسفات التي تقوم بها وهو ما أدى إلى تعبير المملكة عن هذه السياسة، وفي نفس الوقت كانت الولايات المتحدة تحاول تجنب عقد الاجتماع في إحدى مدن الصحراء المغربية”.

 

وأَضاف المتحدث نفسه في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الربط بين استقبال وزير الخارجية الأوكراني وانعقاد قمة النقب في الصحراء المغربية تبقى مسألة غير واردة وذلك لكون سياسة المغرب تنبني على موازنة وحياد إيجابي بين الطرفين”، موضحا أن “المغرب عبر رفضه أي تدخل في سيادة دولة أخرى وفي نفس الوقت فإنه يعبر عن ضرورة أن يكون الحل سياسيا”. كما “أن الاستقبال جاء مباشرة بعد انعقاد اجتماع القمة العربية في السعودية وشارك فيها المغرب دون التعبير عن رفضه عكس الجزائر التي عبرت عن رفضها على أساس أنه لم يتم التشاور بهذا الشأن”.

 

وأبرز شقير أن “سياسة المغرب واضحة في هذه المسألة ولا تربط بعقد قمة النقب في إحدى المدن الصحراوية وإن كان المغرب قد أكد على عقد الاجتماع في إحدى هذه المدن. وذلك لكون المسألة لها أبعاد استراتيجية في السياسة الخارجية وقائمة على مجموعة من الركائز وليست قائمة على ردود الأفعال والتي تتميز بها السياسية الخارجية للجزائر عكس المغرب الذي يرتكز على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها، وهو ما كان واضحا في تعامل المملكة مع الحرب الروسية الأوكرانية حيث لم يعبر عن أي موقف مساند بشكل كبير لأمريكا وإنما أمسك العصا من الوسط لموازنة موقفه اتجاه هذه الأزمة”.

 

وحول استقبال استقبل نائب وزير الشؤون الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، يوم الثلاثاء بموسكو، لسفير المغرب بروسيا، لطفي بوشعرة، و“تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الراهنة، الموجودة قيد المناقشة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، و”تم إيلاء اهتمام خاص لتسوية قضية الصحراء”، قال شقير إن سياسة المغرب في عدم الانحياز لأي طرف “جنى ثمار” هذه السياسية، مضيفا أنه بالموازاة مع هذا اللقاء كان استدعاء سفير المغرب بموسكو والتباحث في العديد من القضايا الإقليمية، وهو ما يوح أنها رسالة من موسكو إلى المغرب حول تثمين هذا الموقف”.

 

وأكد شقير الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن “المغرب لديه مصالح مع كلى الطرفين في الجوانب السياسية والاقتصادية وهو ما يدفعه إلى تجب فقدنا أحد الأطراف لصالح الطرف الآخر، وهو ما يؤكد صعوبة ربط هذه التحركات بعقد قمة النقب كاجتماع عابر وذلك لكون تحركات المغرب الدبلوماسية تدخل في إطار سياسة خارجية تقوم على مرتكزات أساسية، حيث حاولت المملكة خلال الحرب الروسية الأوكرانية أن توازن علاقته من الطرفين”.

 

وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قد استقبل يوم الإثنين 22 ماي 2023 بالرباط، وزير الشؤون الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا. حيث أكد بوريطة على أهمية تعزيز العلاقات التي تجمع بين البلدين في كافة الميادين، مبرزا أن زيارة كوليبا، تعد الأولى من نوعها لوزير خارجية أوكراني منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 1992، تندرج في إطار العلاقات الثنائية “القوية والتاريخية، التي تقوم على أساس الصداقة المتينة والتعاون.

 

وأضاف أن هذه العلاقة تميزت، على الدوام، ببعد إنساني قوي من خلال تواجد عدد كبير من الطلبة المغاربة في أوكرانيا”، مبرزا أن الجانبين اتفقا على تعميق هذه العلاقات، بشكل أكبر، في مجالات الجريمة المنظمة والأمن، وعلى الصعيد الاقتصادي، مؤكدا أن المغرب ليس طرفا، بأي شكل من الأشكال، في النزاع بأوكرانيا، مجددا التأكيد على الموقف الثابت للمغرب بشأن احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، ومشيرا إلى أن المملكة التزمت، منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، بتغليب احترام الشرعية والقانون الدولي، وعدم استعمال القوة لحل النزاعات، وكذا تشجيع الحوار واحترام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

 

وأوضح الوزير أن المغرب معني بهذه الحرب، لأنها تمس أولا بالأمن والاستقرار الإقليميين، وثانيا بالنظر إلى تبعاتها وانعكاساتها الاقتصادية على عدد من البلدان، منها المملكة.

 

وبعدما أبرز أن المغرب له علاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا، ويدفع نحو إيجاد حل سلمي لهذا النزاع، استحضر بوريطة، في هذا الصدد، مبادرة السلام التي اقترحها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب مبادرات أخرى، موضحا أن هذه الأخيرة لا ينبغي، بأي شكل من الأشكال، أن تحيد عن الهدف المحوري المتعلق بالدفع نحو التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع.

 

ومن جانبه، عبر كوليبا عن اعتزازه بكونه أول وزير خارجية أوكراني يقوم بزيارة إلى المغرب منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 1992.

 

وأكد كوليبا، الذي حل بالمملكة في إطار جولة إفريقية، أنه اختار عن قصد جعل المغرب أول محطة له ضمن هذه الجولة، وذلك بالنظر إلى العلاقات الجيدة بين البلدين. وبهذه المناسبة، عبر الدبلوماسي الاوكراني عن تطلعه إلى فتح الآفاق لزيارة أخرى للمؤسسات الحكومية والسياح والطلبة ورجال الأعمال من البلدين، مسجلا أن هذه الزيارة، التي تأتي في سياق خاص، تجدد التأكيد على العلاقات الثنائية الممتازة القائمة، على الدوام، على أساس الصداقة والاحترام المتبادل، واحترام المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين.

 

وقال “لقد تطرقنا إلى مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والاقليمية، ولاسيما الإفريقية”، مبرزا أن كييف تدرك مؤهلات المغرب كبوابة لولوج القارة الافريقية”.

 

وتناول كوليبا، أيضا، قضية الطلبة المغاربة في أوكرانيا، مؤكدا أن الحكومة الاوكرانية “تبذل كل ما في وسعها لحل جميع القضايا العالقة من أجل السماح لهؤلاء الطلبة باستئناف دراستهم”، كما أعلن الوزير الأوكراني عن توقيع مذكرة تفاهم تهم التعاون بين الأكاديميتين الدبلوماسيتين لأوكرانيا والمغرب.

 

كما عبر الوزير الأوكراني خلال هذه الندوة الصحفية عن موقف أوكرانيا في دعمها لمخطط الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب سنة 2007، كأساس جدي وذي مصداقية من أجل التسوية “الناجحة لقضية الصحراء.

 

وعلاوة على ذلك، أكد كوليبا أن كلا من أوكرانيا والمغرب يدركان قيمة السيادة والوحدة الترابية.

 

وأشار رئيس الدبلوماسية الأوكرانية أيضا إلى أن بلاده تدعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، الهادفة إلى إيجاد حل سياسي واقعي ودائم ومقبول من قبل الأطراف، وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأوضح الوزير الأوكراني أن تسوية قضية الصحراء ضرورية للأمن والسلم الإقليميين.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً