هي قصة كفاح دامت عقودا وتستحق أن تروى لكونها تحمل بين طياتها كفاح رجل عصامي قادم من وسط الزحام… نجح في صناعة نفسه بنفسه انطلاقا من أوراش البناء قادما من منطقة أيت اعتاب بإقليم أزيلال ليعتمد على ساعده من أجل توفير قوت يومه، قبل أن يلتحق بمطبخ أحد المطاعم بالرباط، معدا بعضا من الوجبات لزبناء من نفس طينته، حيث كان اللقاء ببعض من باعة الجرائد والمجلات، وكأن القدر يرسم له طريقا غير ذلك الذي وجد نفسه فيه، لتتسبب حادثة نشوب حريق في المطعم الذي كان يوفر من خلاله قوت يومه في الزحف ببطء نحو عالم “صاحبة الجلالة” لكن ليس من بوابة الإبداع ومطارده الأحداث والأخبار، ومحاولة تحليلها لكن فقط كبائع للجرائد… قد يتساءل البعض عن أهمية الجلوس إلى بائع جرائد في زمن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وبعد أن تراجع اهتمام الكثير من المواطنين بالجريدة مفضلين الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن بطلنا من طينة أخرى، فقد دخل إلى هذا العالم أميا وانتهى اليوم محللا لكثير من الأحداث ومعلقا عليها رغم أنه لا يزال يمارس مهنته التي بدأها نهاية الثمانينات وامتلك من خلالها كشكا بشارع محمد الخامس بفضل تدخل عبدالرحمن اليوسفي بتوصية من البرلماني محد بنيحيى، في عهد حكومة التناوب ليغدو صاحب هذا الكشك بمثابة بالون يقيس من خلاله الصحفيون والكتاب وغيرهم من المبدعين مدى انتشار ما تبدعه أقلامهم على صفحات الجرائد أو ما يمضون الليالي والأيام في تحويله إلى كتب… إنه محمد المرضي المعروف بلقب “الروبيوة” نسبة إلى سحنته الشقراء التي تجعل كل من يحملها يطلق عليه هذا اللقب… الروبيو هو من الأشخاص التي لا تخطؤها عين الصحفيين والمثقفين في كل مرور له بشارع محمد الخامس بالرباط، فرغم انتشار العشرات من الأكشاك وباعة الجرائد وعدد من المكتبات وبائعو الكتب، إلا أن للوقوف أمام كشك الروبيو متعة مختلفة، لكونها حتما لن تكون وقفة لاقتناء جريدة أو كتاب ولكن مناسبة لتبادل حديث أو استقراء رأي أو معرفة جديد المطابع مع ملخص حولها وربما حتى حول ما نشر في بعض الجرائد اليومية أو الأسبوعية، والتي لا يتردد عن تقديمها لكل من يمر عليه بطيب خاطر، فضلا عن أنه يعتبر القبلة الأولى للطلبة بحكم تخصصه في بيعه بعض المقررات الدراسية وتوجيههم نحو أماكن أخرى إذا لم يتوفر لديه ما يطلبونه، ما جعل منه أكثر الشخصيات المحبوبة خاصة وأنه يجر وراءه مسارا طويلا نجح من خلاله في أن يحافظ على عزته وأنفته وكرامته رغم العشرات من الشخصيات التي مرت أمام كشكه أو جالسها أو حاورها من مستشارين للملك وبرلمانيين ووزراء وغيرهم، لكنه لم يسبق أن طلب من أحدهم خدمة خاصة لنفسه، فضلا عن عدد من الاحداث التي عايشها في هذا الشارع والتي حكا بعضا منها لـ”الأيام” في هذا الحوار الذي نكتشف فيه بعضا من مساره الذي لا تكفي بضع صفحات لاستحضاره كله لغناه، لكنه فضل الحديث عن أهم ما يراه بمثابة محطة بارزة في مساره، فكان هذا الحوار النوستالجي…
سأنطلق معك في هذا الحوار النوستالجي من خلال سؤال يهمنا نحن كإعلاميين، وبصفتك شاهدا على عصر صعود واندحار الصحافة، والورقية منها على وجه الخصوص، بجكم أنك أشهر بائع للجرائد في العاصمة الرباط، فما هي أسباب ما حدث اليوم في الصحافة الورقية؟
هناك أسباب متعددة لكن في رأيي المتواضع السبب الأول والرئيسي هو ظهور الصحافة الإلكترونية الذي لعب دورا سلبيا في تراجع الصحاف الورقية، أما السبب الثاني فيرجع إلى القارئ المغربي نفسه والذي كان في السابق يهتم بالجرائد خاصة تلك التي لها مصداقية لكن للأسف، كانت هذه الجرائد عندما تتناول موضوع شخصية ما ارتكبت ما يسئ لتدبير الشأن العام، فإنه سرعان ما نجد نفس الشخص يتحمل مسؤولية أكبر من تلك التي كانت لديه، وهذا يؤدي إلى نوع من التشكيك في مصداقية ما تكتبه الصحافة ويساهم في تراجع مصداقيتها وتراجع المقروئية.
أعتقد أن المشكل ليس فقط في قراءة الجرائد وتراجع مبيعاتها، ولكن أيضا في القراءة بصفة عامة سواء في المدرسة أو الشارع أو البيوت، مع ظهور ما يمكن أن أطلق عليه الثقافة السمعية التي تعتمد على الكتب المسموعة أو الفيديوهات، وإذا عدنا إلى طبيعة الكتب التي نبيعها اليوم نجد أنها كتب “تنسيقية” وتحاول التوفيق ما بين ما هو سمعي وما هو مكتوب وهذه من الأشياء التي ساهمت أيضا في هبوط القراءة، ومن وجهة نظري، وقد أكون خاطئا، أنا شخصيا كنت أبيع الجرائد منذ أن كان هناك قراء من مستوى عالي يجلسون في مقهى باليما المواجه للبرلمان والذي كان يستقطب مختلف الاتجاهات الفكرية وأيضا من مستويات اجتماعية مختلفة، أو من حيث مواقعها داخل السلطة، لكنهم كانوا يتميزون بالتواضع، وأنا حقيقة كنت محظوظ جدا بمعايشة عدد منها، حيث كنت أجلس في ذلك المكان وكانت إحدى الطاولات يجلس فيها مسؤولون كانوا من أصدقاء الملك الراحل والذين كونت معهم صداقات ورغم السلطة التي كانت لديهم، إلا أنهم كانوا متواضعين أكثر وكانوا وطنيين اكثر وينصحون الناس بالالتزام الوطني.
مثل من؟
مثل السي بنعزو والذي كان قاضيا بالمحكمة والتي كانت في مقر مجلس النواب الحالي وكان مكتبه الذي يشغله حاليا الكاتب العام لمجلس النواب، وهو ابن احد الموقعين على وثيقة الاستفلال وكان رجلا طيبا كما كان هناك أيضا الشيخ العربي الخطابي رحمه الله وهو من عائلة المجاهد عبدالكريم الخطابي، وكان دائما يجلس إلى جنبي ويبادلني الحديث، وكان معهم أستاذ للغة العربية من الفضلاء وأيضا الفقيه كريم والحاج إدريس بنكيران صهر رئيس الحكومة الأسبق ووالد زوجته نبيلة، وكثير من الأسماء والأساتذة، والذين يفيض المجال بذكرهم، علما أن كل هؤلاء كانوا يوصونني بالقناعة.
كيف ذلك؟
مثلا كان السي الخطابي يشتري من عندي خمس جرائد يوميا، وبعد أن يقوم بقراءتها يعيدها لي لكي احتفظ بها، وكان دائما يقول لي أنه يفضل أن يشتري مني الجرائد ويقرأها ثم يعيدها لي عوض أن يتصدق علي بعشرة دراهم يوميا لأن ذلك سيعلمني التسول وكان دائما يوصيني بأن أعيش بعزة نفس وأنفة، كما كان يقول لي بأن المغرب هو بلد الرجال ولا يجب على الرجل أن يمد يده إلى الآخر مهما وصلت درجة حاجته.
منذ ما يقارب 40 عاما وأنت في شارع محمد الخامس من خلال بيع الجرائد قبل ذلك عملت في البناء وكنادل في المقهى، حدثنا عن كيف ولجت إلى عالم بيع الجرائد؟
أنا كنت طباخا في أحد المطاعم بعد أن عملت مدة في البناء، وبدأت علاقتي ببيع الجرائد من خلال أصدقاء كانوا يقومون ببيعها في محيط المطعم الذي أعمل به وكانوا يأتون عندنا من أجل تناول وجبات الغذاء، وكان مدخلوهم بسيط جدا وكانوا عندما يأتون يطلبون وجبات رخيصة قد لا يتجاوز سعرها خمسة دراهم، لكن بحكم أنني كنت مكلف بالمطبخ، أقوم بمضاعفة الكمية لهم، ومن هنا نشأت بيننا تلك العلاقة وأصبحوا يمدونني ببعض المجلات مثل العربي وكل العرب والوطن العربي والمستقبل وغيرها من المجلات والتي كنت أكتفي بتصفح الصور فيها ثم أمنحها للآخرين بحكم أنني لم أكن أحسن القراءة، وبعد أن وقعت حادثة في المطعم الذي كنت أعمل به في الثمانينات ووجدت نفسي بدون عمل، وأن أصحابي هم بائعو الجرائد الذين بدأت أجالسهم وعندما فرغ مكان أحد الباعة بدأت أبيع فيها الجرائد لكن دائما المدخول كان ضعيفا إلى درجة أنني كنت اضطر للمبيت في باب إحدى العمارات لكوني لم أكن أتوفر على ثمن كراء غرفة ورغم ذلك كنت حريصا على نظافتي وأناقتي وبقيت علاقتي مع الباعة واستمررت في ذلك مع فترات انقطاع حتى بداية التسعينات عندما ظهرت سلسلة كتب “شراع” لخالد مشبال الذي يرجع له الفضل الكبير في ما حققته، حيث كنت في يوم من الأيام أعاني من أزمة مادية وتوسط لي شخص لدى مشبال من أجل أن يرسل لي مرجوعات هذه السلسلة من أجل إعادة بيعها مقابل سعر بسيط وهو ما منحني دفعة قوية وهو سبب في استقراري النهائي بشارع محمد الخامس، رغم أن السلطات في تلك الفترة كانت تطارد الباعة لكوننا لم نكن نتوفر على رخصة.
هل نفهم مما قلته أن بيع الجرائد مجال غير مربح؟
ربح الجرائد ليس مهما، ولكن الربح الحقيقي هو أنه يساهم في بناء الإنسان لأنك يمكن أن تبني بيتا في ظرف عام بالاسمنت وفيه كل مقومات الحياة المرفهة، ولكن بناء الإنسان هو الأصعب والذي يستغرق أجيالا لأنه لكي أبني ولدي مثلا فيجب أن يكون جدي مبنيا وتتم عملية التحول لأنهاأاصعب بكثير ولكنها أجمل وعندما تبني الإنسان تبني كيانا غير قابل للترميم أما الإسمنت فكل مرة يكون في حاجة إلى الترميم والصباغة ومعالجة الشقوق وأنا مع بناء الإنسان قبل كل شيء.
طيب… لنعد إلى موضوع الرخصة كيف حصلت عليها بعد أن كنت تتعرض لمطاردة السلطات التي كانت تمنعك من القيام بعملك؟
يرجع الفضل في ذلك إلى السيد عبدالرحمن اليوسفي وبوساطة من السيد محمد بنيحي الذي كان في ديوانه وكان برلمانيا، حيث كانت السلطات تطالبنا بالرخص وعندما علم السي بنيحي بذلك تحدث في شأني مع اليوسفي وذهبت عنده حيث طلب مني اليوسفي أن أقول له ما أريده غير الكشك، لكن كل ما قلته له هو أنني “بغيت بلاصتي” ليقوم بالاتصال هاتفيا بالكاتب العام للعمالة والذي، للأمانة، كان يقوم فقط بعمله في تلك الفترة، وربما كان يبدو لي في تلك الفترة العكس، لكن اليوم وبنظرة أخرى أرى أنه يقوم بعمله من أجل تنظيف الشارع العام من الاحتلال بدون رخصة، والدليل اليوم هو ما نراه من انتشار التسول فيه، علما أن هذا الكاتب العام كان يطاردني إلى درجة لم أكن أجد ما أقتات به رغم أنني كنت وقتها اتحمل مسؤولية عائلة، وبالتالي فتدخل السيد بنحيي رفقة كل من محمد السكتاوي، الكاتب العام لفرع المغرب لمنظمة العفو الدولية، وشخص من بركان لا ذاكر اسمه وأيضا مواطنة هولندية سهلت مهمة حصولي على الرخصة.
كيف ذلك؟
من ذكرتهم سالفا كانوا يجلسون دائما في مقهى “باليما” وكانت تلك المواطنة الهولندية تشتري من عندي جريدة هولندية وكانت ترى أنني دائما أضع الجرائد والمجلات في “كارتونة” ويوما سألوني عن وضعي ولماذا أضعها في تلك الكارتونة وكانوا يترجمون الحوار للسيدة الهولندية، ليخبرني بنيحي أن لهم موعدا مع اليوسفي وسيخبرونه بوضعي، طالبين مني كتابة رسالة له، لأقول لهم أنني قمت برفع عدة شكايات وتظلمات عما كنت أتعرض له إلى السلطات التي كنت أطالبها بمنحي رخصة للبيع بكل حرية دون مضايقات، وبالفعل عندما تحدثوا مع اليوسفي قال لهم أنه يعرف وضعي ووضع مجموعة من الإخوة الذين كنت سببا في حل أزمتهم، خاصة وأنه بعد مرور 48 ساعة من ذلك اليوم، ذهبت عند اليوسفي في مقر الوزارة الأولى واتصل بالوالي وأيضا بعبدالفتاح سباطة رئيس مجلس عمالة الرباط في تلك الفترة وقرروا في تلك الساعة منحنا الرخص حيث منحنا نحن سبعة أشخاص رخصا لمزاولة بيع الجرائد.
هل الرخصة التي حصلت عليها كانت أيضا تتضمن الكشك الذي تستقر به حاليا؟
لا، أنا اكتريته في البداية من عند شخص آخر، رغم أنه ملك جماعي غير قابلا للكراء، ويوما جاء عندي هذا الشخص وطلب مني أن أمنحه تسبيق أربعة اشهر من الكراء، لكن في اليوم الموالي اكتشفت أنني تعرضت لعملية نصب من طرفه، لأنه كان مطالبا بالإخلاء بعد توصلي بإنذار من المحكمة في هذا الشأن رغم أنه كان المعني بالدعوى القضائية الخاصة بالإفراغ وكان يعرف هذا الأمر، لكنه فضل أن ينصب على شخص بسيط مثلي في رزقه، لأدخل مجددا في دوامة من الإجراءات والاتصالات حيث كان مرة أخرى للسي بنيحيى الفضل في إخراجي من هذه الدوامة بعد أن وضعته في صلب المشكل حيث تم سحب الرخصة السابقة الخاصة به، لأتابع الموضوع حتى تم تمكيني من رخصة جديدة تحمل اسمي وهي التي تخول لي استعماله حتى اليوم.
من الملاحظ أن أغلب معروضاتك تخص البحوث والمؤلفات الجامعية والإصدرات التي تخص الكتاب المغاربة، فيما تتفادى بيع الكتب المقرصنة التي تنتشر على طول نفس الشارع وتباع بأبخس الأثمان، فهل هذا مبدأ منك أم أنك تتفادى مشاكل الكتب المقرصنة؟
أنا تربيت أمام مقهى باليما وتعرفت على أناس لهم ارتباط بالوطن، كما تعلمت منهم كيف يكون الوطن وكيف يمكن خدمته، وأنا والحمد لله أعيش مستورا من هذه المهنة، وأكسب قوتي وقوت عائلتي، وبالتالي “علاش غادي ندخل فهاد التخربيق” لأنه فعلا “تخربيق” أنا لن أخذ أرزاق آخرين وأقوم بنسخ بعض الكتب التي بذل الناس مجهودا فيها لكي أطعم أولادي، فهل أنا نسر لأن النسر هو الذي لا يهتم بأبناء الحمامة التي قد يأخذها النسر طعاما لأولاه.
هل هذا الموقف هو الذي جعل الكتاب المغاربة يثقون دائما في الروبيو ويجعلونه ترمومترا لقياس مدى انتشار كتبهم، لأن كثيرون يعتبرونك كذلك فعلا؟
هذا صحيح، لكن ظروفي هي التي جعلتني أعيش هكذا وللأسف ليست لدى الإمكانيات لكي أضع الكتب أكثر، لأن المئات من الكتاب يريدون أن يضعوا عندي كتبهم لكن كشكي صغير زيادة على السن وأنا صادق في معاملتي معهم ودائما عندما أبيع كتب مؤلف ما أتصل به لكي يأخذ أمواله من عندي دون إبطاء، سواء كان الأمر يتعلق بكاتب مغربي أو غير ذلك، لأنني خريص على سمعتي، لكن مع ذلك الإخوان الذين يبيعون الكتب المقرصنة لا أحملهم المسؤولية وحدهم لأنها تدخل إلى البلاد عبر الجمارك، لكن شخصيا لا يمكنني القيام بهذا الأمر لأنني أشعر كمن يأخذ خبزا مسموما لأولادي.
عايشت مجموعة من الأحداث التي عرفها شارع محمد الخامس من احتجاجات المعطلين مطلع التسعينات وأحداث 20 فبراير 2011 وتحولات مغرب ما بين ملكين، وعايشت أيضا مجموعة من الاحتجاجات، فكيف تعايشت معها وأنت شاهد على عصر التحولات التي عرفه هذا الشارع الذي هو القلب النابض للعاصمة؟
تلك المرحلة كانت حبلى بالأحداث ونحن عشنا مرحلة صراعات وكانت هي التي أنتجت الوطنيين ومجتمع باليما الذي كان ملتقى لأربع أو خمس تيارات، حيث كان هذا المكان يجمع المناضلين والطلبة والمثقفين الكبار وأيضا الناس العاديين وغيرهم، وأي واحد كان يجد ضالته في ذلك المكان وأين سيذهب وهذا كان يلاحظه أي واحد، وبالتالي فالأحداث التي عاشها الشارع كانت تجد صدى لها في هذا الفضاء الذي كنت قريبا منه، خاصة مرحلة المعطلين في مرحلتها الأولى والتي كانت جميلة لأنها كانت جديدة عندنا في المغرب في وقت كان البرلمان تصدح داخله أصوات معارضة كبرى مثل فتح الله ولعلو وعلي يعته وكان هاك تكامل بين صوت الشارع وصداه داخل البرلمان، وبعد مرور تلك المرحلة جاءت مرحلة تم فيه فقد كل المكاسب بسبب صراعات فارغة خاصة مع رفع مطالب التشغيل المباشر والتي لو استمر المغرب في السير فيها لوقعت كارثة وجزء من هذه الكارثة نعيشه فعليا اليوم بسبب تلك السياسة التي أدت اليوم إلى التوظيف بالتعاقد الذي لم يعد يقبله أحد رغم انه سياتي علما أنه في رأيي انه لا يجب أن يكون في التعليم والصحة، لكن نحن لن نكون ضد اختيارات الدولة لكنها تبقى وجهة نظر كمواطن.
كان لديك مخزن في الشارع، فما حقيقة ما أشيع حول إخراجك منه، وهل كنت معرضا لإزالة الكشك الخاص بك؟
الكشك الذي أعمل فيه هو في ملك الجماعة وأنا لي رخصة استغلال فقط والامتياز الذي أحظى به سينتهي يوما إذا ما قررت السلطات أن تزيله أو لم يعجبها موقعه، لكن أنا لدي نداء أن أبقى في كشكي حتى وفاتي لأنه مصدر دخلي الوحيد لي ولعائلتي ولا أطلب من الوطن شيئا سوى الستر والحمد لله، ومن ناحية المخزن فهو في ملك الخواص وبعد تراجع المبيعات منذ الجائحة حتى اليوم لم أعد قادرا على توفير كافة الالتزامات الخاصة بالكراء واضطررت لإفراغه وسرت إشاعة أنني طردت منه ما نتج عنه تضامن واسع كان له أثر كبير في نفسي لكن وسط تلك الموجة من التضامن لن أنسى أبدا ما قامت به أختان تدرسان بكلية الآداب بالرباط عندما علمتا بما وقع حيث جاءتا عندي وقدمتا لي مبلغا ماليا على بساطته لكنه كبير عندي بشكل كبير لأن هذا أشعرني بمدى الحب الذي يكنه الناس لي.
لكن عموما وفي ظل الإصلاحات التي تعرفها الرباط حاليا أشكر السلطات على أنها تسمح لنا بمزاولة مهنتنا لكن لا نعرف ما سيحمله الغد وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
ما هي الرسالة التي توجهها لمن سيقرأ هذا الحوار وخاصة الجيل الصاعد وأولادك الذين دائما ما يعبرون عن فخرهم بك ومنهم ابنتك ليلى التي قالت أنها فخورة بمسارك؟
أولادي هم جزء من الشعب، وأريدهم أن يكونوا مرتبطين بالوطن بالأغلبية ودائما الرسالة التي أحاول أن أوصلها لهم ولكل الشباب الذين يأتون عندي إلى الكشك بما يشبه الرجاء هي ضرورة القراءة أولا ,أخيرا لأن الأمة التي لا تقرأ لا مستقبل لها والأمة التي لا يتعلم أولادها مهنة ما لا مستقبل لهم، كما أوصيهم دائما بالكرامة والعيش بكرامة لأن هذا ما تعلمته من والدي الذي كان دائما يقول لي بأن أعيش عفيف النفس رغم كل الظروف، وهي نفس النصيحة التي أوجهها لأولادي أولا وللجميع مستحضرا دائما المثل المغربي “جوعي فكرشي وعنايتي فراسي”.