أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن “الصداقة” بين فرنسا والمغرب هي أفضل إرث لماضي البلدين، واصفا إياها بـ”العميقة والراسخة”، في رسالة بعث بها إلى الملك محمد السادسن بمناسبة عيد الشباب.
وأشاد الرئيس الفرنسي بـ”العمل الحاسم” الذي يقوم به الملك لمواصلة تحديث المغرب، متمنيا للمملكة مستقبلا مزدهرا.
وتأتي رسالة الرئيس الفرنسي في سياق تمر به العلاقات بين باريس والرباط بجمود غير مسبوق، وبأزمة صامتة، بسبب مجموعة من النقاط الخلافية، وهي الأزمة التي بدأت تخرج للعلن منذ قرار باريس تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، وقضية “بغاسوس”، وما رفقها من جدل.
وتبقى قضية الصحراء النقطة الأساسية في الفتور الذي تعرفه العلاقات بين البلدين، إذ تطالب الرباط بموقف واضح وصريح من قضية الوحدة الترابية للمملكة، فيما تصر باريس على التزام المنطقة الرمادية.
رضوخ فرنسي
في هذا الصدد، قال عبد الإله طلوع، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، إن رسالة الرئيس الفرنسي التي بعثها إلى الملك محمد السادس، رسالة بديهية، وتأتي في إطار البروتوكول.
وسجل المتحدث ذاته، أن رسالة الرئيس الفرنسي تحمل رضوخا لفرنسا ومجموعة من الرسائل بعد تعنت كبير للرئيس ماكرون تجاه العلاقات مع المغرب، وتبين وجود اعتراف فرنسي صريح بقوة المملكة”.
وأضاف طلوع أنه “يمكن طرح كذاك سؤال رغبة باريس في تجاوز الوضعية الصعبة مع الرباط، وطي صفحة الماضي بكل مشاكلها وصعوباتها، وإشكالية غياب الجدية الفرنسية تجاه ملف مغربية الصحراء.
وسجل طلوع أن ماكرون سبق أن عبر عن رغبته في عودة العلاقات مع المملكة، لكن ذلك لم يرافقه أي تحرك حقيقي من قبله، بحيث تواصل فرنسا الانفراد بوضع مختلف عن التيار الأوروبي والدولي الداعم لملف مغربية الصحراء، كما توضح هذه الرسالة الضغط الشعبي الكبير الذي يواجهه من سياسته الداخلية وفشله في خطة تعزيز العلاقات مع الجزائر على حساب المغرب.
اعتراف مرتقب
وبخصوص موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية، شدد طلوع أن المغاربة، ملكا وشعبا، ينتظرون من فرنسا توضيح موقفها من مغربية الصحراء، وأن تتعامل بالجدية المطلوبة تجاه المغرب وصحرائه.
وتابع: “ينتظر المغاربة أن يعترف ماكرون بالصحراء المغربية التي تتلقى دعما دوليا واسعا، فغير ذلك فيبقى مجرد مناورات لكسب الوقت، فالرباط اليوم واضحة في سياساتها الخارجية تجاه جميع الدول وتجاه باريس بالضبط، ولن يقبل توسيع الشراكة دون وجود وضوح في الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية”.
وإلى ذلك، يرى طلوع أن “برقية التهنئة تبين وجود رغبة فرنسا في تجاوز هذا الركود البارد، لأن باريس حاليا تدرك أن المملكة أصبحت قوية على جميع المستويات، وتوضح أن الرئيس الفرنسي يعترف بوجود أزمة دبلوماسية غير عادية، وهو ما يتعارض مع التاريخ المشترك بين البلدين المبني على التعاون والتنسيق المشترك”.