أعاد الزالزال الذي ضرب عدة مناطق من المغرب سؤال جدية السياسات العمومية في فك العزلة عن المناطق النائية، وخاصة الجبلية منها، هذا في الوقت الذي طفا إلى السطح سؤال تعاطي الحكومة مع هذه الكارثة والتزامها الصمت في ساعات الأولى لوقوعها، وعدم خروجها للتواصل مع المغاربة.
ولم يكلف الناطق الرسمي نفسه عناء الخروج للتواصل وتقديم المعطيات والوقائع، في الوقت الذي طغت فيه الشائعات، الأمر الذي خلف تذمرا واسعا لدى عدد من النشطاء.
كما غاب أعضاء الحكومة عن النزول إلى المناطق المتضررة من الزالزال، ومن التواصل بخصوص هذه الكارثة، في الوقت الذي تبذل فيه فرق الإنقاذ مجهودات جبارة لإغاثة المتضررين.
هدر الزمن التنموي
في هذا الصدد، قال الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، عبد الإله طلوع، إن كارثة الزلزال هو مشكل متعدد الأوجه وتتدخل فيه مجموعة من العوامل فهو يرجع إلى أسباب منها ما هو تاريخي وسياسي، هذه المنطقة وغيرها من مناطق المملكة تعاني من جميع مظاهر الهشاشة، موضحا أن “الوعود الانتخابية دائما يبقى أثره محدود جدا، ولا تجد طريقها إلى التحقق، وهذا ما يشكل عائقا أمام إعمال مبادئ العدالة المجالية والاجتماعية بين مختلف مدن وجهات المملكة”.
وأضاف قائلا: “هنا، يجرنا الحديث عن سؤال من يتحمل المسؤولية؟ أعتقد أن الفاعل السياسي والحزبي اليوم هما المعنيان بالكارثة وهما من يتحملا المسؤولية”، مردفا بالقول: “لا يعقل أن نرى العديد من الحكومات تعاقبت على تسيير الشأن الوطني، وفاعلين حزبيين تعاقبوا على تدبير هذه الجماعات، ونجد أن الزمن التنموي متأخر للغاية بهذه المناطق”.
وأكد طلوع أن أغلبية الأحزاب السياسية التي تعاقبت على تدبير هذه المناطق، والتي تسير اليوم العديد من الجماعات الترابية، تبقى عاجزة عن خلق المبادرة والإبداع في طرح رؤى سياسية واقعية لمعالجة الاختلالات التنموية في العديد من المداشر والقرى، وهنا أشدد عن الجدوى من خلق مختبرات داخل الجامعات والكليات ، وما مصير الأبحاث العلمية والدراسات التي عالجت الموضوع التنموي في هذه المناطق؟ وكذلك تقرير بن موسى فيما يخص النموذج التنموي الجديد ؟”.
ضعف أداء الحكومة
وشدد طلوع، في تصريح للأيام 24، أن المسؤولية يتحملها الفاعل السياسي والحزبي، وخاصة رئيس الحكومة الذي يظل أداؤه وأداء أعضاء حكومته باهتا في جميع المجالات، وأخص بالذكر الشق التنموي، رغم الوعود والهالة الإعلامية التي سبقت تشكيل الحكومة، وساهمت في تصدر حزب أخنوش الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرا إلى أن الواقع كما يتضح اليوم للجميع كشف الكثير من المشاكل، حيث لو كانت الطرق معبدة لكانت، على الأقل، آليات الجيش والوقاية المدنية قادرة على الوصول بسرعة إلى المناطق المتضررة.
وأضاف قائلا “الدولة عليها أن تفكر مستقبلا في وضع هؤلاء السكان أمام اختيار إعادة الإعمار، فإذا أرادوا التمسك بمناطقهم فيجب توفير منازل بمعايير مغايرة وإذا قبلوا مغادرتها، فيمكن أن توفر لهم الدولة الشروط الملائمة لذلك”.
وسجل طلوع أن المناطق التي تضررت تبين أن هناك “مغربا منسيا” ويتم تسييره خارج تصورات الجهات الرسمية، عهناك فرق شاسع بين مدن المغرب وقراه ومداشره تبين أن هناك مشكلة تنموية حقيقية تطبع تعاطي المسؤولين مع مشكلة العدالة المجالية”، مؤكدا أن المناطق لا تدخل في صميم العديد من البرامج الحكومية؛ لأن الاستثمار فيها يجب أن يكون بعيد المدى، بينما الكثير من الخطابات السياسية تكون قصيرة المدى.
وأوضح المتحدث نفسه أنه اليوم لم يعد ممكنا الحديث عن “مغرب عميق” أو “غير نافع” لا يتوفر على الحد الأدنى من شروط العيش الكريم من الطرق والمستشفيات والمدارس، خصوصا أن لدينا مدنا ذات معايير عالمية في التنمية”، مشيرا إلى أن الحاجيات اليوم هي ” الجدية” للتعامل مع المستقبل على كافة المستويات وفي جميع بقاع المملكة تنمويا.
وسجل طلوع أن هذه الفاجعة هي “فرصة لكي نعيد التفكير في علاقتنا مع المناطق التي تبعد عن المركز، وفتح نقاش حقيقي في هذا الباب، فالأحزاب السياسية للأسف تقدم في العادة وعودا انتخابية كثيرا ما تعجز عن تحقيقها لاحقا تبعا للظروف المحيطة بتنزيلها”.
كل مغربي حر يتوقع زلزالا فضيعا في الحكومة،وفي البرلمان تفوق درجاته تسع في سلم الحقوق الإجتماعية.
نحن اثنين شعار المغاربة الآن ملك وشعب،انتهى الكلام