خطة إسرائيلية لاستبدال حوالي 200 ألف عامل فلسطيني بعمال من دول آسيوية
أصبحت الحواجز الإسرائيلية، كحاجز قلنديا العسكري الفاصل بين مدينتي رام الله والقدس، خالية من العمال الفلسطينيين على عكس ما كانت عليه قبل شهر أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
حاجز قلنديا الذي كان يعج يوميا بحركة العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل والعكس أصبح دون ازدحام، إذ أوقفت السلطات الإسرائيلية، بعد الحرب، العمل بتصاريح العمال، فكيف تبدو حياة العامل الفلسطيني حاليا ؟
"وضع صعب لا يطاق"
يقطع الفلسطيني كمال كراجة خشب الأشجار ويبيعه، وهو بذلك يقطع الطريق أمام تسلل الفقر لبيته، ولا سيما أنه توقف عن العمل في مجال البناء داخل اسرائيل منذ أربعة أشهر رغم حيازته لتصريح العمل الإسرائيلي داخل الخط الأخضر إلا أنه أصبح ملغى على الحواجز العسكرية.
زرت كمال في منزله في بلدة دير بزيع غرب مدينة رام الله، فحدثني أنه خسر دخله الشهري، الذي يبلغ نحو 3500 دولار، من عمله داخل الخط الأخضر، ويعاني كبقية العمال الفلسطينيين من عدم اهتمام أي جهة مسؤولة به بعد انقطاع مصدر رزقه.
اضطر كمال لبيع سيارته قصد تسديد التزاماته المالية وشرح لي عن خشيته من تبعات وطول أمد أزمته التي يعيشها أيضا مئات العمال الفلسطينيين في بلدته، وقال كمال كراجة :" نحمد الله أننا لا زلنا قادرين على تدبير أمورنا وتوفير الأكل والشرب، قد اضطر للشراء بالدين من البقال أو الجزار والناس تتفهم وضعي كونهم من أقاربي، ولكن الوضع صعب جدا ولا يطاق، صعب أن نصبر على هذا الحال وفي أقصى تقدير أستطيع التحمل لشهر إضافي لكن بعد ذلك سأفقد قدرتي نهائيا على التحمل ".
ويأمل كمال أن تتراجع السلطات الإسرائيلية عن إجراءاتها الأمنية كي تتسنى له العودة لعمله داخل اسرائيل، كما يطالب السلطة الفلسطينية بإيجاد بديل له ولبقية المتضررين منذ بداية الحرب .
"استبدال العمال الفلسطينيين بعمال أجانب "
أعد المركز الحكومي الإسرائيلي للمراقبة المدنية، منذ بداية العام خطة تهدف لاستبدال العمال الفلسطينيين الذين يقدر عددهم ب 200 ألف عامل داخل اسرائيل، بعمال أجانب من عدة دول أجنبية، وتهدف الخطة لاستبدال العمال الفلسطينيين للأبد .
وأُعدت الخطة الحكومية بالتعاون بين وزارات المالية والعمل والداخلية الإسرائيلية، وتهدف لجلب عمال من عدة دول كالصين والهند وسريلانكا، لاستبدالهم حتى بعد انتهاء الحرب، بالعمال الفلسطينيين الذين يقدر مجموع أجورهم الشهرية ب 417 مليون دولار، ويتطلب تنفيذ هذه الخطة إبرام اتفاقيات مع الدول التي لم توقع بعد على الاتفاقية، وتستمر التحركات الدبلوماسية الرسمية لإتمامها، وفق التأكيد الإسرائيلي .
وصادق وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، على الخطة و بانتظار أن تطرح مستقبلا للتصويت في الكنيست الإسرائيلي .
" تحذير من انهيار سوق العمل"
وصفت الحكومة الفلسطينية الإجراءات الإسرائيلية "بالخطأ الأمني بحق العمال "وأكدت وزارة العمل أن سوق العمل الفلسطيني خسر خلال أشهر الحرب نحو 500 ألف فرصة عمل ما يعني خسارة ثلث القوى العاملة فرص عملها، تحديدا العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، مع الاعتراف بانعدام قدرة الحكومة الفلسطينية على توفير بدائل العمل للمتضررين."
التقيت بوزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش في مكتبه في رام الله، وقال: "خلق فرص العمل بحاجة الى اقتصاد قوي، ونحن نعاني من اقتصاد هش يواجه أزمات كبيرة منذ بداية الحرب وإسرائيل تتحمل مسؤلية ذلك لقرصنتها المستمرة في اقتطاع أموال العائدات الضريبية الشهرية، ولمصادرتها مواردنا الطبيعية وإعاقة أي مشروع نحاول توفيره كبديل للعمال. العامل الفلسطيني يدرك أن السلطة الفلسطينية لا تملك إمكانيات الآن لتحمل هذا العبء الكبير الذي يسببه أولا وأخيرا الإحتلال".
وأشار الوزير أبو جيش إلى وضع وزارته خطة للاستدامة السريعة بالتعاون مع سلطة النقد الفلسطيني لعلاج مشاكل سوق العمل والتحذير من خطورة انهياره ومحاولة إيجاد فرص عمل مؤقتة، وتم عرض الخطة الطارئة على منظمة العمل الدولية والدول المانحة وبانتظار الرد والدعم المالي الخارجي للخطة، بحسب ما قال الوزير الفلسطيني.
وتشير أرقام رسمية فلسطينية الى ارتفاع نسبة البطالة بين الأيدي العاملة الفلسطينية لأكثر من 47%، ما ينذر بحسب التقديرات الفلسطينية والإسرائيلية ، بانفجار الأوضاع في الضفة الغربية في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة واسرائيل.