من تربية النعام إلى تربية الإبل.. الفلاحة تتطوّر وابتكارات زراعية تغيّر العالم



تظل تربية النعام وتربية الإبل في المغرب من بين المجالات التي تلعب دورا اجتماعيا واقتصاديا هاما في مناطق بعينها، من بينها المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، ما دفع مجموعة من “الكسّابة” إلى ولوج مجالات لا تخلو من إكراهات ترخي بظلالها على القطاعين معا، غير أنّ وزارة الفلاحة اتخذت خطوات لتعزيز سلاسل الإنتاج الحيواني بعد توقيعها عقود برنامج بميزانية تصل إلى 110.698 مليار درهم على مدى 10 سنوات، إضافة إلى عقد البرنامج الخاص بسلسلة قطاع الحليب ما بين 2021 و2030 على أمل الرفع من نسبة إنتاج الحليب إلى 3.5 مليار لتر بحلول سنة 2030.
وإلى جانب تربية النعام والإبل، أضحى مجال الفلاحة في تطور مستمر عن طريق إدخال تقنيات وابتكارات جديدة في عالم الزراعة، من بينها تسخير ذبابة “الجندي الأسود” لتحويل بقايا الطعام إلى أسمدة عضوية وإنشاء ضيعات نموذجية رقمية تخدم الفلاحين، إضافة إلى اعتماد “طائرات الدّرون” في معالجة الأمراض وسقي الأراضي الفلاحية الشاسعة.

 

تربية النعام وصناعة الملايين
إن كانت أول بداية لتجربة تربية النعام بالمغرب في سنة 2002 بمدينة تمارة، لم يخرج حسن بولمان، مشرف على وحدة لتربية النعام بالمدينة ذاتها عن هذا الإطار بعد أن اختار ولوج مجال جعله يعرف خباياه وأسراره، بدءا من مدة تفقيس بيض النعام التي تستغرق 42 يوما، حيث يظل في الآلة كل تلك المدة قبل أن يفقس ومرورا بثمن الفراخ الذي يبدأ ثمنه من 1700 درهم إلى 20 ألف درهم، حسب سن النعامة باعتبار أنّ هذه الأخيرة “ثروة متحركة” وتعمّر ما بين 60 و70 سنة.
ويبدأ ثمن لحم النعام للكيلوغرام الواحد من 200 درهم إلى 250 درهما، في حين يبدأ ثمن البيضة الواحدة من 250 درهما إلى 300 درهم ضمن مجال يُعرف بصناعة الملايين، خاصة وأنّ ثمن فراخ النعام يصل إلى مليوني سنتيم وثمن البيضة الواحدة يصل إلى 300 درهم.
وإن علمنا أنّ النعامة بعد ذبحها، يتم العمل على جلدها الذي يستخدم في صناعة الأحذية التقليدية والحقائب النسائية وحافظات النقود وأغشية الهواتف النقالة، فإنّ مزاياها لا تقف عند هذا الحد بل تتعداها، يقول حسن ويضيف: “ريش النعام بدوره تتم صباغته ويقفز ثمنه إلى 20 درهما للريشة الواحدة، بينما يصل ثمن الريشة المصبوغة إلى 50 درهما”، وهو يحدّثنا عن أنّ تجربة تربية النعام مجزية من الناحية الاقتصادية دون تغييب منافعها، سواء ارتبط الأمر بلحومها أو بيضها أو جلدها أو ريشها أو قيمتها الغذائية.

 

ثمن البيضة الواحدة يصل إلى 300 درهم

 

توفير الظروف المناخية المناسبة
وقرّبنا حسن بولمان من طريقة تربية النعام التي لا تختلف عن تربية الدجاج، حيث يجب أخذ الحيطة من نسبة الحرارة وتوفير الظروف المناخية المناسبة من الحرارة والرطوبة دون إغفال أنّ النعام لا تتحمل البرودة وأنّ تربيتها تكون ضمن ضوابط معينة، من بينها مثلا ضبط درجة حرارة الغرفة في 30 درجة وقطع الحرارة عنها إلى أن تبرد وحينها يتم إخراجها إلى الشمس وفي الليل تتم تدفئتها اعتمادا على آلة التدفئة.
وتعتمد النعام في تغذيتها على الذرة والشعير والأعلاف والحبوب عموما وعن صعوبة تربيتها، استبعد المتحدث نفسه ذلك، مشيرا إلى أنّ الصعوبة تتمثل في مراقبتها من البرد وأنّ ما تستفيد منه النعام من الحرارة عن طريق الآلات لا يطرح مشكلا بالمرّة، بل يجب على المربّين أن يكونوا يقظين عند إخراجها من الغرفة إلى جانب مراقبتها جيدا حتى لا يصلها البرد.
إكراهات لا تنفي وجود حسنات تتمثل في أنّ النعام تنمو بشكل طبيعي دون اعتماد على الفيتامينات أو الحقن، في حين يتأرجح الإقبال عليها من شخص إلى آخر تبعا لثمنها، فهناك من يستطيع شراء 12 “فلّوس”، لكن لا يستطيع أن يشتري نعامتين أو ثلاثة لوجود فرق شاسع بين 1700 درهم و 20 ألف درهم، الذي هو ثمن النعامة التي تبيض، يجزم شارحا.
ومن تربية النعام نتجه إلى تربية الإبل لنلقي الضوء على تجربة شاب في هذا المجال.

 

أسرار تربية الإبل.. تحتاج إلى الملايين وتموت في الجفاف
تقاسم منصور ولد عايد، وهو كسّاب يتحدّر من مدينة العيون، تجربته في مجال تربية الإبل الذي ينطوي على مجموعة من الإكراهات خلافا لتربية الأبقار، من بينها الدعم ومجموعة من الأمور الأخرى قبل أن يتوجه بندائه إلى وزارة الفلاحة للالتفات لهذه الفئة من “الكسّابة” وإيجاد الحلول الناجعة وتعديل النواقص، من قبيل فتح معمل لإنتاج حليب الإبل بالمنطقة حتى يباع الحليب المبستر وليس مسحوق الحليب الذي يسبّب الأمراض، يقول بأسى.
وشدّد على ضرورة قطع الطريق على بيع لحوم الإبل من طرف ما أسماهم بـ “مجازر عشوائية” وإعطاء الضوء الأخضر لإنشاء مجازر قانونية تابعة للبلدية تشرف على بيع لحوم وحليب الإبل خوفا من الاصطدام بمخاطر غير متوقعة، من ضمنها إصابة الإبل بالأمراض، في مقدمتها مرض “الجرب”.
وأفصح أنّ تربية الإبل التي تكون عادة في البوادي، تظل مكلفة وترهق كاهل “الكسّاب”، خاصة في فترة الجفاف الذي يتسبّب في وفاتها وتتكاثر فيه أمراضها خلافا لفصل الربيع، حيث تستعيد عافيتها وتكون خالية من الأمراض.

 

دعم الأعلاف وهدف تحقيق ما بين 300 و350 ألف رأس من الإبل

ويُعتمد في تغذية الإبل على الأعشاب والزرع المدعّم الذي يباع بأربعة دراهم للكيلوغرام الواحد بعد استفادة الفلاحين من دعم الأعلاف فيما يتعلق بسلسلة إنتاج لحوم الإبل، سيما وأنّ الأعلاف قليلة والزرع ليس مناسبا لها، يشرح ولد عايد، مضيفا: “يجب أن تكون تغذية الإبل مثل تغذية الأبقار، خاصة وأنّ حليب الإبل يتوفر على فوائد غير موجودة في حليب الأبقار بناء على توصية الأطباء البيطريين والمختصين” في انتظار إيجاد حلول جذرية للمشاكل العالقة وإعادة الأمل إلى “الكسّابة الصحراويين” بجنوب المغرب للدفع بعجلة تثمين سلاسل إنتاج الإبل إلى الأمام.

 

دعم الأعلاف خطوة ناجعة لمساعدة مربّي الإبل

 

وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة الفلاحة إلى أنّ عدد رؤوس الإبل، ارتفع من 160 ألفا سنة 2008 إلى 183 ألفا سنة 2019، أي بزيادة بنسبة 14 في المائة، في حين ارتفع إنتاج لحوم الإبل من 1930 طنا سنة 2008 إلى 3 آلاف و598 طنا سنة 2019، أي بزيادة بنسبة 86 في المائة، في الوقت الذي تهدف فيه الوزارة ذاتها إلى الوصول إلى ما بين 300 و350 ألف رأس من الإبل.
ومن تربية الإبل وأسراره، نضع تجارب غنية لشباب تحت المجهر بعد أن نجحوا في اعتماد تقنيات متطوّرة تخدم المجال الفلاحي.

 

طائرات “الدّرون”.. تعالج الآفات الزراعية وتوفر المليارات
قال ياسين قموس، مدير عام شركة “درون واي” شمال إفريقيا في تصريحه لـ “الأيام 24” إنّ طائرات “الدّرون” أو الطائرات بدون طيار المستعملة في المجال الفلاحي تنطوي على العديد من المميزات، الميزة الأولى والمهمة وعلى حد تعبيره، هي الاقتصاد في استهلاك المياه بالنظر إلى الوضعية المناخية التي يعيشها المغرب في السنوات الأخيرة، والمتمثلة في الجفاف وقلة المياه الجوفية قبل أن يؤكد أنّ الفلاح يجد نفسه مطالبا بالاعتماد على المياه من أجل معالجة منتوجه الفلاحي من الأمراض المحدقة بالمحاصيل الزراعية.
وأشار إلى أنّ قلة المياه تدفع الفلاحين إلى إيجاد حلول بديلة والبحث عن تقنيات مطروحة، وهو يفصح بالقول إنّ طائرات “الدّرون” جاءت وأتت معها بالحل عن طريق تقليص نسبة المياه المستعملة في معالجة الإنتاج الفلاحي كيفما كان نوعه.
وكان لا مناص من طرح سؤال جوهري عن كيفية مساهمة هذه الطائرات في استعمال المياه بشكل معقلن أمام شبح الجفاف وندرة المياه، ما جعل وزارة الفلاحة والجهات الوصية، تسارع الزمن وتقترح حلولا ناجعة لترشيد استهلاك المياه في الضيعات الفلاحية وفي الحقول أمام استنزاف الفرشة المائية.

 

طرق ناجعة للحد من استنزاف الفرشة المائية
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، خرج عن صمته بعد قوله إنّ الأولوية لا تمنح للفلاحة المسقية إلا بعد تلبية حاجيات مياه الشرب، ما جعل وزارته تتحرك وتقيّد من نشاط الفلاحات المستنزفة للمياه بقوة، يأتي على رأسها إنتاج “البطيخ” و”الأفوكادو”.
وعرّى اللثام عن برنامج “الجيل الأخضر” بعد تحقيق نحو 85 ألف هكتار من المحاصيل المزروعة بتقنية الزرع المباشر.
وعن سؤالنا بخصوص مساهمة “طائرات الدّرون” في التقليص من نسبة المياه المستعملة في سقي الأراضي الفلاحية، أجاب ياسين قموس بقوله: “طائرات “الدّرون” لا تعتمد على 500 لتر من الماء لسقي أرض فلاحية مساحتها هكتار وإنما تعتمد على 40 لترا من الماء لسقي الهكتار الواحد، وهذا معناه أنّ كمية الماء تُقتسم على عشرة، وبذلك نكون قد اقتصدنا ما نسبته 90 في المائة ومن سيمنحنا هذا الاقتصاد من دون “الدّرون””؟.
ووقف عند الميزة الثانية التي توفرها طائرات “الدّرون” عن طريق توفير المعالجة بدقة، مستدلا على ذلك بمثال عن فلاح يمتلك أرضا فلاحية مساحتها 100 هكتار، لكن أمراضا قد تكون أحيانا مدمرة تصيب محاصيله الزراعية، ففي هذه الحالة، قد تكون تلك الأمراض أصابت هكتارين وليس المساحة ككل، يسترسل في شرحه قبل أن يفتح الباب على سؤال استنكاري، من خلال تأكيده: “لماذا سيستخدم الفلاح آلة الجرّار لمعالجة 100 هكتار رغم أنّ المساحة المتضررة لا تخرج عن هكتارين؟”.

 

طائرات “الدّرون” ومعالجة المنطقة الحمراء
وإن كانت معالجة مساحة الأرض الفلاحية ككل سينتج عنها ضياع كمية كبيرة من المياه، إضافة إلى ضياع الأدوية المستعملة في معالجة الأرض وكذا تشبّع الزراعة بأدوية كثيرة فيكون ضررها أكثر من نفعها، فإن أهمية طائرات “الدّرون” في هذه الحالة، تكمن في أنها تتجه بشكل مباشر إلى “المنطقة المتضررة” أو ما يصطلح على تسميته بـ “المنطقة الحمراء” فتقوم حينها بمعالجة الأمراض الزراعية بدقة عالية.

 

طائرات الدرون ومعالجة المنطقة الحمراء

 

وتتمثل الميزة الثالثة في أنّ هذه التكنولوجيا المتطورة أي “الطائرات بدون طيار”، ساعدت المغرب في أن يخلق العديد من مناصب الشغل بعد أن أضحى تفكير أبناء الفلاحين متجها نحو الهجرة إلى المدينة قبل أن يتغير تفكيرهم بعدما أتت طائرات “الدّرون” وخلقت لهم مشاريع ومناصب شغل ومداخيل مهمة لن يحققوها وإن هاجروا إلى المدن.
وتبرز أمثلة أخرى عن مزايا “الطائرات المسيّرة” في المجال الفلاحي يسرد قموس، من ضمنها حاجة الفلاح مثلا لمعالجة مساحة 100 هكتار من المزروعات الفلاحية واستنجاده بخدمة “طائرات الدّرون” قبل التوافق مع صاحبها على ثمن الخدمة المحددة مثلا في 250 درهما لمعالجة الهكتار الواحد و2500 درهم لمعالجة 100 هكتار في اليوم الواحد وبعملية حسابية يكلّفه علاج الأرض الزراعية ما مجموعه 25 ألف درهم في عشرة أيام.
وعن هذه النقطة، أكد أنّ تجربة “الطائرات بدون طيّار” وبفضل تسهيلات السلطات المعنية، من بينها وزارة الداخلية وتحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، مكّنت من مساعدة الاقتصاد المغربي والفلاحين الذين اعتمدوا هذه التكنولوجيا المتقدمة في تطوير عملهم والمساهمة في تحقيق “الأمن الغذائي”.

 

رقمنة الفلاحة.. حلول مبتكرة لفلاحة عصرية تصمد في وجه التقلبات المناخية

هي أول ضيعة نموذجية رقمية بالمغرب استقرت بإقليم صفرو لتقريب الفلاحين من التكنولوجيا الفلاحية بعد أن أسّسها المسمى أمين زروق، مؤسس “غرين أوبّن لابّْ”، والذي كشف في تصريحه لـ “الأيام 24” عن أسرار وخبايا هذه التكنولوجيا المتطورة في المجال الفلاحي، مبرزا أنّ الهدف من إنشاء الضيعة النموذجية الرقمية، يبقى هو تقريب التكنولوجيا من الفلاحين وتقريب الفلاحين من التكنولوجيا.
الشباب الذين يملكون قدرة على الابتكار، يقصدونه ويقترحون حلولا رقمية ذكية فيفتح أمامهم الباب لتطبيق ابتكاراتهم على أرض الواقع على ضيعة رقمية نموذجية، والتي تقترح خدمات مفيدة للفلاحين بعد أن يتم تكوينهم ومواكبتهم من أجل الرفع من مستوى فلاحتهم وتمكينهم من استهلاك منتجات تقنية تكنولوجية تحمل قيمة مضافة.

 

ضيعة رقمية لتقريب التكنولوجيا من الفلاحين

 

وإن كان الفلاحون الكبار يملكون القدرة على قصد ضيعات فلاحية أوروبية أو في الخارج للاطلاع على التكنولوجيا الحديثة ونقلها إلى المغرب، فإنّ الفلاحين الصغار لا يملكون هذه الإمكانية للمضي قدما في أنشطتهم الفلاحية، ما جعله ينشئ ضيعة رقمية على مستوى دولي بها ابتكارات تكنولوجية قريبة من الفلاحين بعد إنشاء خلية تشرف على منح الولادة لضيعات أخرى مستقبلا.

 

ابتكارات تحمل طابع صُنع في المغرب وتكنولوجيات حديثة للري الذكي

وبالنظر إلى التكلفة الباهظة والتكنولوجيا المعقدة، نجح شباب مغاربة في إنتاج ابتكارات من صنع محلي، من بينها تكنولوجيات حديثة للري الذكي بعد أن طوّرها مغاربة بطريقة تلائم احتياجات الفلاحين المغاربة البسطاء، سواء فيما يخص الثمن أو فيما يتعلق بسهولة الاستعمال أو بسهولة تنزيلها على أرض الواقع بطريقة مبسّطة تعتمد “الدّارجة المغربية” وتبسّط المفاهيم للفلاحين من خلال التكنولوجيا النافعة وليس عن طريق التكنولوجيا من أجل التكنولوجيا.
وإن حظي أمين زروق بشرف افتتاح الضيعة الرقمية النموذجية الأولى من نوعها بالمغرب بإقليم صفرو بعد تدشينها من طرف وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي في شهر أكتوبر من سنة 2022، عاد ليقرّ إنّ الضيعة النموذجية الرقمية بإقليم صفرو هي أول ضيعة رقمية على الصعيد الوطني، نجحت في جذب الأنظار بمعرض الفلاحة الدولي بمدينة مكناس في نسخته الخامسة عشرة التي نُظمت تحت شعار “الجيل الأخضر: لأجل سيادة غذائية مستدامة” بعد أن أبدت دول أخرى اهتمامها بهذه المبادرة، وهي تؤكد عدم وجودها على المستوى الدولي في إشارة إلى ضيعات فلاحية نموذجية بيداغوجية للفلاحين.

 

أمين زروق مؤسس أول ضيعة رقمية نموذجية بالمغرب

 

ولم تكن تلك الضيعة هي الوحيدة، بل قام بإنشاء ضيعة نموذجية رقمية مختصة في التكنولوجيا الفلاحية والتكنولوجيا التحويلية بمدينة مكناس مع شركاء آخرين، مثل مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، إضافة إلى الاشتغال مع وكالة النباتات الطبية والعطرية بتاونات من أجل العمل على التكنولوجيات الحديثة المطبّقة على النباتات الطبية والعطرية.
ونجح في إنشاء ضيعة نموذجية أخرى بمعية المؤسسة الملكية لتربية المواشي من أجل تطبيق هذه التكنولوجيا، وهو يشير بالقول: “الهدف من هذه الضيعة هو العمل على تقريب عالم الفلاحة من عالم التكنولوجيا لوجود كفاءات كبيرة في المجالين معا، غير أنّ الانتقائية غير موجودة ونحن نحاول أن ننتقي هؤلاء الأشخاص ونساعدهم ونزيل عنهم الخوف والدهشة الأولى من التعامل مع التكنولوجيا ونوفر لهم فرصة اللقاء فيما بينهم لجعل الفلاحة ذات مردودية أكبر وأقل استهلاكا للمواد الأولية، من بينها الماء”.

 

“الجندي الأسود”.. ذبابة تحقق المعجزات وتحوّل بقايا الطعام إلى أسمدة عضوية

أكد محمد مستحفض، مدير تقني بالمقاولة الناشئة “إيزي بّْروتيِّين” في تصريحه لـ “الأيام 24” أنّ مشروعه الخاص بمعالجة النفايات العضوية وتحويل بقايا الطعام إلى أسمدة عضوية باستعمال ما يسمى بـ “ذبابة الجندي الأسود”، بدأ نتيجة ملاحظة حجم النفايات العضوية التي ينتجها المواطن المغربي.
وبلغة الأرقام تؤكد الإحصائيات أنّ كل مواطن مغربي ينتج أزيد من 90 كيلوغراما من النفايات العضوية في السنة وهذه النفايات العضوية وللأسف تصبّ مباشرة في المطارح البلدية.

 

محمد مستحفض مدير تقني بمقاولة ناشئة

 

وجاءت فكرة المشروع، حسب قوله بعد طرحه لسؤال استنكاري، وهو “لماذا لا يتم استغلال هدر النفايات العضوية بطريقة إيكولوجية وتحويلها عبر استخدام حشرات صديقة للبيئة لمجموعة من المنتوجات ذات قيمة مضافة؟”.

وهذه النفايات العضوية هي مصدر غذاء اليرقات، وهذه الأخيرة بفضل تغذيتها تحوّل المواد الموجودة وسط النفايات العضوية إلى بروتينات ودهنيات ومجموعة من المواد تساهم في التربية الحيوانية، وهو يحيل على تربية الدواجن وتربية الأسماك والحيوانات الصديقة للإنسان، مثل الطيور والكلاب والقطط، لأنها مصدر غني بالبروتينات وبمجموعة من المواد المفيدة، يضيف موضحا.

 

ذبابة الجندي الأسود ومرحلة تحويل الفضلات إلى أسمدة عضوية

 

“الجندي الأسود”.. ذبابة صديقة للبيئة
وألقى مستحفض الضوء على سبب نعت “ذبابة الجندي الأسود” بالصديقة للبيئة” بقوله: “هذه الذبابة صديقة للبيئة، لأنها أولا وقبل كل شيء غير ناقلة للأمراض وفي المرحلة التي تطير فيها فهي مرحلة مخصصة فقط للتزاوج ووضع البيض وبعد هذه المرحلة، كل أنثى تضع تقريبا من 600 بيضة إلى 1000 بيضة، بمعنى أنّ لديها خصوبة عالية”.
وفسّر مراحل أخرى تأتي بعد مرحلتي التزاوج ووضع البيض والمتعلقة باحتضان البيض الذي يُفقس، علما أنّ 2 غرامات فقط من البيض قادرة على تحويل أكثر من 80 كيلوغراما من النفايات العضوية، قبل أن يكشف أنّ “ذبابة الجندي الأسود”، تحقق المعجزات بالنسبة لتدوير النفايات العضوية وستمكّن من تحويل مسار النفايات من المطارح إلى وحدات من شأنها أن تخلق مقاولات ناشئة، وبالتالي مصدرا للتوظيف ولاستخراج أسمدة وأعلاف بيولوجية، خاصة أمام الإشكال الكبير الذي تعاني منه الفلاحة البيولوجية، يبرز المتحدث نفسه، والمتمثل حسب تعبيره في غلاء الأسمدة البيولوجية المختومة بشهادة “بيو”.

 

غلاء الأسمدة البيولوجية ورهان إنتاج أعلاف عبارة عن فضلات اليرقات

 

ووضعت الدولة المغربية ضمن طموحاتها وفي إطار مخطط “الجيل الأخضر”، بلوغ 100 ألف هكتار من المساحات المزروعة اعتمادا على الطريقة البيولوجية وإنتاج 600 ألف طن سنويا بحلول 2030 ومضاعفة الصادرات لتصل إلى 114 ألف طن بعد عقد برنامج بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والمهنيين طمعا في مضاعفة المساحة المخصصة للزراعة البيولوجية بحوالي 10 مرات.
وهنا عاد محمد مستحفض ليؤكد أنّ غلاء الأسمدة البيولوجية دفعه إلى إنتاج أعلاف هي عبارة عن “فضلات اليرقات” التي تعطي أسمدة بيولوجية وتكون أثمنتها في متناول الفلاحين، لأنّ تلك الأسمدة تحمل طابع “بيو” وتمنح منتوجات بيولوجية ستسمح للمواطنين متوسطي الدخل باقتناء منتوجات بيولوجية بثمن مناسب.
وبهذا يظهر جليا أنّ عالم الفلاحة يتحرّك ويحاول أن يصمد في وجه تقلّبات السوق والتقلبات المناخية ويبحث عن طرق بديلة لتضميد جراح قطاع تشرف عليه وزارة الفلاحة وتعمل جاهدة على حلّ مشاكله بعد تبني مخطط “الجيل الأخضر 2020 – 2030” الذي يسعى إلى تطوير جودة الإنتاج وتحقيق النجاعة البيئية إلى جانب أهداف أخرى.

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً