“الطهي النظيف”.. رافعة للتنمية في إفريقيا



 

 

“الطهي النظيف” أو كيف الانتقال من أساليب الطهي التقليدي بالاعتماد على الخشب إلى أساليب أخرى أكثر نجاعة سواء بالنسبة للصحة العامة أو بالنسبة للبيئة؟

 

فحسب الإحصائيات المتوفرة حاليا 90 في المئة من الأفارقة يعتمدون على أسلوب طهي بدائية: ثلاثة أحجار حول موقد نار بالحطب أو الفحم الخشبي أو روث الحيوانات.. والنتيجة أن النساء يقضين جزءا مهما من وقتهن في جمع الحطب ومراقبة ما يتم طهيه ويستنشقن مع أطفالهن كميات هائلة من الادخنة والغازات السامة. والنتيجة 500000 ألف وفاة قبل الولادة بسبب الأمراض التنفسية إضافة لآثار القضاء على الغابات بسبب الحاجة للحطب.

 

وراء أهداف القمة التي تبدو بسيطة تكمن رهانات كبرى مهمة مرتبطة بتحسين حياة النساء والصحة العامة ناهيك عن الرهانات البيئية. فالقضاء على أساليب الطهي التقليدية في أفق 2030 سيؤدي حسب الخبراء إلى تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بكمية تعادل مجموع الغازات الدفيئة التي تسببها وسائل النقل البحرية والجوية مجتمعة خلال سنة.

 

وحسب الوكالة الدولية للطاقة تكفي 4 مليار دولار سنويا لتمويل ولوج العائلات الافريقية ” للطهي النظيف” في أفق نهاية العشرية الحالية. أما بالنسبة للحلول البديلة سواء الافران المغلقة التي تستهلك كميات أقل من الحطب والاخشاب أو الافران الشمسية أو العاملة بالغاز أو الكهرباء فهي موجودة وبكلفة في المتناول.

 

 

ومع ذلك فالعراقيل عديدة: لامبالاة العديد من قادة الدول والمسؤولين في إفريقيا تجاه قضية تهم عمليا النساء اللواتي يجدن صعوبة في التخلي عن أساليب الطهي البدائية الموروثة عن الأجداد رغم توفر مواقد بديلة وآمنة.

 

 

خلال السنوات الأخيرة تطورت كثيرا تقنيات تمويل مثل هذه التجهيزات عن طريق بيع قروض الكاربون للشركات الراغبة في تعويض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكاربون. كما تبحث العديد من الدول لتحقيق التزاماتها المناخية من خلال تقديم مساعدات لتمويل أساليب ” الطهي النظيف” في افريقيا. هذه الأساليب التي لا تخفى مزاياها بالنسبة لسمعة هذه الشركات والدول، تطرح إشكاليات أخلاقية وسياسية… فهل يمكن “شراء” الحق في الاستمرار في تلويث البيئة؟ إضافة إلى أنها لا توفر سوى جزء ضئيل من التمويلات الضرورية وبالتالي تبدو نتائجها المناخية المعلنة مبالغ فيها..

 

والخلاصة التي برزت من خلال مؤتمر باريس هي أن تحسين وتطوير أنظمة الطهي كوسيلة لتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين ظروف عيش وحياة النساء كرافعة لتحقيق التنمية المستدامة … تفترض نهج سياسات عمومية حقيقية في الدول الافريقية تدعمها الدول المانحة للمساعدات والمؤسسات الدولية كالبنك الدولي.

 

 

خلال مؤتمر باريس أطلقت وعود بتوفير 2،2 مليار دولار إضافية منها حوالي النصف التزم بها القطاع الخاص لأكن يبقى الرهان كبيرا على استدامة هذه التمويلات وفعاليتها. وربما يمر ذلك عبر تغيير في المقاربة التي تشكل تحديا جديدا: فبدلا من المنطق السائد حاليا المتمثل في توفير التجهيزات بشكل غير ملائم أحيانا، لا بد من الانطلاق من معرفة الحاجات الحقيقية للنساء الإفريقيات.

 

عن لوموند بتصرف

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً