«البنوك التشاركية تمكنت من إثبات مكانتها وهذا التحدي الرئيسي»

عدنان الكداري المدير العام لأمنية بنك


في هذا الحوار، يقدم عدنان الكداري المدير العام لأمنية بنك، أحد أوائل الأبناك التشاركية التي أطلقت خدماتها للزبناء المغاربة، تقييما لأداء القطاع خلال السنوات الست الماضية، ويستعرض التحديات التي تعترض البنوك التشاركية وتحتاج إلى تضافر الجهود لتجاوزها، إلى جانب إسهام أمنية بنك في تقدم القطاع وتوفير أفضل الخدمات للزبناء.

ما هو تقييمكم لأداء البنوك التشاركية بعد مرور أكثر من ست سنوات على بدء العمل بها؟ وإلى أي مدى تبدو الحصيلة واعدة؟ 

> بعد مرور أزيد من 6 سنوات على بداية أنشطتها، يمكننا اليوم أن نَجْزِمَ بأن البنوك التشاركية قد استجابت لتطلعات وانتظارات المواطنين، وكذا المقاولات بمختلف أحجامها الصغيرة والمتوسطة، بهذا الجيل الجديد من الخدمات والمنتجات، سواء المتعلقة بالتمويل أو الاستثمار.  فهي الآن أصبحت جزءا لا يتجزأ من الساحة البنكية المغربية، مُعزِّزة مكانتها كخيار مُقنِع ومُكَمّل للنظام البنكي التقليدي. 

كان التحدي كبيرا عِند انطلاق البنوك التشاركية. فقد كان النظام البنكي المغربي ومايزال على مستوى جيد من الخدمات، وكان يغطي بكثافة كل المناطق المغربية، ويَستجيب أيضا بخدماته ومنتجاته لحاجيات المواطنين المغاربة المقيمين في الخارج. 

وعلى الرغم من ذلك، تمكنت البنوك التشاركية من إثبات مكانتها، وشكَّلت رافعة مهمة من خلال الدور الذي تلعبه في تعزيز الشمول المالي على الصعيد الوطني، حيث أتاحت لعِدة فئات من المواطنين فُرَص الحصول على خدمات بنكية جديدة، وخاصة التمويل والادخار.   

كانت «أمنية بنك» سباقة إلى طرح منتوجاتها، فهل ترون أنكم نجحتم كبنك في استقطاب أكبر شريحة من زبناء القطاع؟ 

> ليس هدفنا المقارنة بين البنوك التشاركية، ولكن التحدي الحقيقي الذي رسمناه لأنفسنا هو إعطاء النموذج التشاركي كل الفرص المُتاحة، والمساهمة في إنجاحه وتطويره، بتوسيع عروضنا وتنويع باقة منتجاتنا بغرض خدمة أكبر عدد من العملاء. 

وتتواجد البنوك التشاركية اليوم في جُلِّ المدن المغربية على اختلاف حجمها، ويستمر توسيع شبكاتها سنة بعد أخرى. كما أن هذه البنوك حاضرة بشكل كبير في المجال الرقمي، وتقدم خدمات مبتكرة وذات قيمة مضافة. 

وكمثال على ذلك، تقوم البنوك التشاركية حاليا بتمويل مسكن واحد من كل 5 مساكن على الصعيد الوطني، تقريبا. وتساهم كذلك بما يقرب من نصف التطوير السنوي لحجم التمويل العقاري. 

فمُعْظم عملاء البنوك التشاركية لم يسبق لهم أن استفادوا من قروض بنكية من قبل، مما يعني أن هذه البنوك لا تنافس النظام البنكي التقليدي، بل على العكس من ذلك تُكَمِّله، وتوفر استجابة فعلية وجادَّة لتطلُّعات العملاء الكثيرة. 

وتجدر الإشارة الى أن جزءًا كبيرًا من تطور حجم الودائع والمدخرات البنكية يأتي مصدره من نشاط البنوك التشاركية، بدليل أن طلبات العملاء لا تقتصر على التمويل فحسب، بل يتعلق أيضًا بالعمليات البنكية اليومية. 

فقد ساهم النظام المالي التشاركي في تعزيز اقتصاد البلاد بشكل كبير من خلال توسيع الوصول إلى الخدمات البنكية من طرف عملاء جُدُد كانوا في انتظار صناعة مالية بديلة. 

ما يزال الإطار القانوني المنظم للقطاع يعاني من العديد من النواقص والحواجز التي تُعيق تسيير عمل الأبناك التشاركية، هل تتفق مع هذا الرأي؟ وما هي مقترحاتكم في هذا الإطار؟ 

> نحن نتحدث عن صناعة مالية جديدة عمرها بضع سنوات فقط. على العكس من ذلك، أعتقد أن البيئة العامة للمالية التشاركية في المغرب قد حققت تطورا ملحوظًا في وقت قصير جدًا، وهي الآن في طور الاكتمال.

وللإشارة، نذكِّر بأن المغرب تميَّز بصيغة مُبتكرة وفريدة من نوعها، منحت مِصداقية عالية للبيئة التشاركية المغربية. فالدور الذي يلعبه المجلس العلمي الأعلى يعزِّز مصداقية هذه البيئة، ويجعل منها نموذجا يُحتذى به في العالم.

ونُذكِّر أيضًا بالدور المِحوري الذي لعبته الهيئات التنظيمية في تطوير البيئة التشاركية، ولا سيما بنك المغرب وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي وكذلك الهيئة المغربية لسوق الرساميل، مما يضمن الالتحام التام للنظام التشاركي مع بيئتنا القانونية والتنظيمية.

ومع أنه تَمَّ تأثيث النظام البيئي التشاركي بالتدريج، فإن ذلك لم يمنع عموم المواطنين من الانخراط فيه منذ اليوم الأول، جاعلين منه مشروعا ممكنا وحقيقيا. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأتقدم إلى جميع عملاء البنوك التشاركية بأحرّ الشكر على ثقتهم التي تمنحنا الطاقة لمواصلة جهودنا والمضي قدما إلى الأمام.

وما هي التحديات التي تعترض أداء البنوك التشاركية بشكل عام، خاصة ما يتعلق ببعض المنتوجات؟

> يتيح لي هذا السؤال الفرصة للتذكير بأن البنوك التشاركية هي قبل كل شيء وسيط اقتصادي. نحن لا نمنح القروض، بل نشارك في معاملات تجارية واستثمارية. فالتمويل التشاركي يتطلب شراء السلع والخدمات أولا، لتتم إعادة بيعها لعملائنا من خلال المرابحة، ويمكننا أيضا تأجير البضائع من خلال الإجارة، أو الحصول على حصص من خلال عقود المشاركة والمضاربة والاستصناع. فجميع عقودنا تجعل منا شركاء اقتصاديين لعملائنا.  

ويعني كل هذا، أن التحدي الرئيسي الذي يواجه البنوك التشاركية هو تحدي على المستوى التشغيلي، بحيث يجب علينا أن نفهم سلسلة القيمة وندمج القيود القانونية والتنظيمية والضريبية والإدارية، لتعزيز الاستفادة من المنتج التشاركي المغربي. 

ولا تشكل هذه القيود بالضرورة عائقًا، لأننا بمشاركتنا في المنظومة التشاركية، فإننا نقوم بتطوير أبعاد أخرى، كتقديم الإرشادات والمشورة للعميل ومرافقته في مشاريعه.  ولا شك أن هذه المشاركة تُحدث فرقًا كبيرًا، وتسمح لنا بإضافة قيمة إيجابية إلى مجهوداتنا.

ما هي الآفاق التي يفتحها «أمنية بنك» لزبنائه والراغبين في الاستفادة من خدمات بنككم؟

> تواجه جميع البنوك التشاركية تحديًا حقيقيًا اليوم، وهو التقرب من عملائها وغرس قيمة المنفعة تجاههم. ويتطلب ذلك تطوير التكنولوجيا الرقمية، التي أصبحت عنصرا أساسيا اليوم. 

وبالرغم من أن شبكة الوكالات تُعد عنصرًا مهمًا، لأنها تتيح لنا إنشاء رابط قرب مع العميل، إلا أن علاقة العملاء مع البنك تتغير وتتكيف مع التكنولوجيات الحديثة، مما يجعل منها فرصة سانحة لتطور البنك. 

تسمح التكنولوجيا الرقمية للبنوك التشاركية بمخاطبة عموم الفئات أينما كانوا بغض النظر عن دور الوكالات، بما في ذلك المواطنين المغاربة المقيمين في الخارج الذين يهتمون بالمنتجات التشاركية، كما أكّدت لنا كل فرص اللقاء بهم. 

أود أن أختم بأن التمويل التشاركي ينتظره مستقبل مُشرق وزاهر إن شاء الله، لأنه يستجيب لطلبات ملموسة وحقيقية، وعلينا فقط أن نُسخِّر الجهود لمعرفة كيفية الاستجابة بفعالية لهذه الطلبات، وهذا هو تحدي البنوك التشاركية اليوم وأيضا أمنيتنا.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً