ماذا حدث للتو في الانتخابات الصادمة في فرنسا؟
لم يتوقع أحد هذه النتائج. حدث كبير بالتأكيد، لكنه بمثابة الصدمة.
عندما ظهرت الصور على جميع القنوات الفرنسية الكبرى، لم يكن أقصى اليمين بقيادة مارين لوبان ورئيس وزرائها المنتظر الشاب، جوردان بارديلا، في طريقه لتحقيق الفوز.
لقد كان اليسار هو من انتزع الفوز، وحقق الوسطيون بقيادة إيمانويل ماكرون عودة غير متوقعة، ما دفع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف إلى المركز الثالث.
- ما هو تحالف الجبهة الشعبية الجديدة الذي يتصدر النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في فرنسا؟
- أقصى اليمين يقترب من السلطة في فرنسا، فهل تتبعها باقي أوروبا؟
ولم يضيع جان لوك ميلينشون، الزعيم اليساري المخضرم الذي ينظر إليه منتقدوه على أنه متطرف، أي وقت قبل إعلان النصر.
وقال أمام أنصاره في ميدان ستالينغراد: "على الرئيس أن يدعو الجبهة الشعبية الجديدة إلى الحكم"، مشدداً على أن ماكرون يجب أن يعترف بأنه خسر هو وائتلافه.
ويضم تحالف ميلنشون، الذي تم تشكيله على عجل استعدادا للانتخابات المبكرة التي دعا إليها الرئيس ماكرون، حزبه الراديكالي "فرنسا الأبية"، إلى جانب حزب الخضر والاشتراكيين والشيوعيين وحتى التروتسكيين (تيار ضمن الشيوعيين). لكن انتصارهم ليس كبيراً بما يكفي ليحكموا.
سيكون لفرنسا برلمان معلق. ولا تستطيع أي من الكتل الثلاث تشكيل أغلبية مطلقة بمفردها بـ 289 مقعدا في البرلمان، المؤلف من 577 مقعدا.
وعقب أن تحدث ميلينشون، ذهب إلى ساحة أكبر بكثير، ساحة الجمهورية، للاحتفال بنجاحه مع حشد من 8000 شخص، وفقا لأرقام الشرطة.
قبل أسبوع واحد فقط، كان الحديث يدور عن أغلبية مطلقة محتملة لأقصى اليمين، وكانت مارين لوبان وجوردان بارديلا لا يزالان يتحدثان عن فرصهما، قبل يومين من التصويت.
لقد حاولت مارين لوبان أن تكون شجاعة، وقالت: "قبل عامين كان لدينا سبعة نواب فقط. الليلة، حزب الجبهة الوطنية هو الحزب الأول في فرنسا من حيث عدد النواب".
في البرلمان الأخير كان لديهم 88 نائباً، والآن أكثر من 140، لذلك كانت على حق. ولا يوجد حزب آخر لديه أكثر من 100 نائب، لأن كتلة الرئيس ماكرون والجبهة الشعبية عبارة عن ائتلافين.
واشتكى جوردان بارديلا من أن حزبه أُحبط بسبب "تحالفات العار" غير الطبيعية، التي شكلها "حزب واحد" يتكون من معسكر ماكرون واليسار. لم يكن مخطئا بشأن التحالف غير الطبيعي، لكنه مجرد تحالف مؤقت من أجل المصلحة.
وانسحب أكثر من 200 مرشح، الذين اعتبروا أنفسهم جزءا من "الجبهة الجمهورية"، من الجولة الثانية للانتخابات حتى يتمكن المنافس الأفضل من منع حزب الجبهة الوطنية من الفوز.
ولم تتمكن حتى ماري كارولين، شقيقة مارين لوبان الصغرى، من تقديم بصيص من الأخبار الجيدة في معركتها الانتخابية حول دائرة لومان.
وفشلت محاولتها لدخول البرلمان بأغلبية 225 صوتا فقط، وهزمتها مرشحة ميلينشون، إليز ليبوشيه، بعد انسحاب مرشح ماكرون.
وكانت نسبة المشاركة، التي بلغت 66.63 في المئة، هي الأعلى في الجولة البرلمانية الثانية منذ عام 1997. وحتى لو أن أصوات مؤيدي حزب الجبهة الوطنية مضمونة، فقد كان عليهم هذه المرة أن يتنافسوا مع أصوات غير أعضاء الجبهة الوطنية، التي غالبا ما تستخدم تكتيكيا لإنشاء "حاجز" لمنع فوزهم.
في جميع أنحاء فرنسا، كان حزب الجبهة الوطنية يخسر جولات الإعادة التي كان يحتاجها للفوز.
لقد كان بعض مرشحيهم أقل جاذبية.
وكانت هناك المرأة التي وعدت بالتوقف عن إطلاق النكات العنصرية، إذا جرى انتخابها في دائرة "بوي دو دوم"، ثم كان هناك الشاب غير المؤهل في دائرة "هوت سافوا" في الجنوب الشرقي، الذي شارك في مناظرة تلفزيونية مع منافسه الوسطي، ولم يكد يقدم شيئا واضحا أو مفهوما عن أي شيء.
لقد خسر كلاهما، لكنهما عكسا التقدم الكبير الذي حققته الجبهة الوطنية في المناطق الريفية.
فقد حصل حزب الجبهة الوطنية على 32 في المئة من الأصوات- 37 في المئة مع حلفائه اليمينيين- وبالنسبة لأكثر من 10 ملايين ناخب فهذا أمر غير مسبوق على الإطلاق.
وفي دائرة "مو"، شرق باريس، فاز حزب الجبهة الوطنية ولكن ليس بفارق كبير.
بعد الإدلاء بصوتها، قالت كلودين إن الأشخاص الذين تعرفهم يميلون إلى عدم الاعتراف بالتصويت للجبهة الوطنية، إلا إذا كانوا مع أصدقاء مقربين.
وقبل إعلان النتيجة المتوقعة عند الساعة الثامنة مساءً، كانت هناك تكهنات محمومة حول ما إذا كان الرئيس ماكرون سيخرج ويتحدث. انتشر خبر أنه ذهب إلى اجتماع قبل 90 دقيقة.
وبدا في نهاية المطاف أن غابرييل أتال، رئيس وزرائه، أعطى رد الحكومة على النتائج.
وكان الرجل، قبل أربعة أسابيع، قد جلس بوجه متحجر وذراعيه مطويتين أمام الرئيس، عندما كشف ماكرون عن خطته الانتخابية.
وأعلن الآن أنه سيسلم رئيسه استقالته في الصباح، لكنه سيبقى في منصبه طالما استدعى الواجب.
ومن المفترض أن يتوجه أتال، مساء الثلاثاء، لحضور اجتماع لحلف شمال الأطلسي في واشنطن. من الصعب أن نتخيل أنه سيجري استبداله الآن.
لقد دخلت فرنسا فترة من عدم الاستقرار السياسي دون وجود مخرج واضح. وكان هناك حديث عن اضطرابات في الشوارع، ولكن أُبلغ عن عدد قليل فقط من الحوادث في باريس ومدن من بينها نانت وليون.
وتتجه كل الأنظار الآن نحو الرئيس، الذي سيتعين عليه إيجاد طريقة للخروج من هذا المأزق.
ومن المقرر أن تنعقد الجمعية الوطنية الجديدة في غضون 10 أيام، لكن دورة الألعاب الأولمبية في باريس ستبدأ في 26 يوليو/تموز، ومن ثم تحتاج فرنسا إلى فترة من الهدوء.
لقد لخصت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية ذات الميول اليسارية الليلة بأكملها، بالعنوان الرئيسي C'est Ouf.
"إنه جنون" باللغة الفرنسية العامية، ولكن بالنسبة لهم، فإن الأمر يبعث على الارتياح أيضا لأن الناخبين أوقفوا مسعى حزب الجبهة الوطنية للوصول إلى السلطة.