رغم تأكيد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن “الحكومة أسست لنموذج مغربي خالص للحوار الاجتماعي، بأرضية واضحة واختيارات شمولية، مع توفير الشروط الضرورية لضمان انتظام دوراته وإرساء آليات تنفيذ مخرجاته”، إلا أن حدة الاحتقان التي تعيشه مختلف القطاعات لا تعكس ذلك.
فالصحة شهدت شللا تاما بعد الإضراب الوطني المتواصل للتنسيق النقابي المكون من 8 هيئات نقابية، قبل أن يتم توقيع اتفاق مع وزارة الصحة أمس الثلاثاء، إضافة إلى إضرابات قطاع العدل ناهيك عن المحامين الذين أعلنوا بدورهم التوقف عن العمل ابتداء من الأمس، دون أن ننسى تلويح المهندسين والمتصرفين وموظفي الجماعات الترابية بالتصعيد.
وعوض أن تبحث الحكومة عن حلول واقعية للحد من تصاعد الاحتجاجات تلجأ إلى الحديث عن كونها تمكنت من “إنجاح جولات الحوار الاجتماعي بما يخدم تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى تقوية تنافسية النسيج الاقتصادي الوطني”، بعد أن كان يعاني في ظل الحكومات السابقة من “حالة الجمود والتوقف”، على حد تعبير رئيس الحكومة في جلسة شهرية سابقة بمجلس المستشارين.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض عبد الرحيم العلام، اعتبر أن هذه مجرد “شعارات يتم إطلاقها في كل ولاية حكومية، وكأن المشكلة هو مأسسة الحوار الاجتماعي”، مؤكدا أن “المأسسة حل سياسي ولكن الأزمة الحالية تتطلب معالجة اقتصادية”.
ويرى العلام، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن الحكومة إذا أرادت أن تحد من تصاعد الاحتجاجات فعليها أن تنتبه للقدرة الشرائية للمواطنين، وليس للحوار فقط، مردفا أنه “إذا اعتمدت الحكومة على الحوار وحده، فإنها ستبقى تتحاور مع رؤساء النقابات، بينما سيبقى الشارع يغلي بطلبته وتنسيقياته…”.
وبعد أن أكد أن الحد من تصاعد الاحتجاجات يتطلب حلولا اقتصادية وليس فقط سياسية، أوضح العلام، أنه إذا أرادت الحكومة أن تحد من العمل النقابي ومن الاحتجاجات والإضرابات فعليها بعمل بسيط جدا هو الحفاظ على القدرة الشرائية، وليس عبر ما سمته بـ”الزيادة غير المسبوقة في الأجور”.
وتابع أنه عوض أن تحد الحكومة من تصاعد الاحتجاجات أضعفت القدرة الشرائية وبالتالي أشعلت فتيل الاحتجاجات والإضرابات، مبينا أنه عندما تقتل الحكومة القدرة الشرائية للمواطنين فإن حدة الاحتقان والاحتجاج تتصاعد.
وأشار العلام، إلى أن 500 درهم التي خصصتها الحكومة كدعم اجتماعي للفئات الهشة، كان سيكون لها نفع عندما كانت القدرة الشرائية في المتناول، أما اليوم فكأنما أعطيتهم 100 درهم جراء الارتفاع الصاروخي للأسعار.
ولفت العلام، إلى أن رفع ثمن “البوطة” انعكس على كل الأسعار والخدمات المرتبطة بها، إضافة إلى زيادة أسعار الخضر والفواكه واللحم وغيرها من المواد الغذائية بشكل عام، مضيفا أن في الوقت الذي تبحث فيه الحكومة عن حلول فإنها تخلق مشاكل أخرى.