قال خالد الشرقاوي السموني، الرئيس السابق للمركز المغربي لحقوق الإنسان، إن مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها في المغرب، عرف تطورا ملحوظا، حيث تم إرساء أسس دولة القانون بفضل قرارات هامة وشجاعة تم اتخاذها في هذا المجال، كان أبرزها إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي انكبت على موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال سنوات الرصاص، للقطع مع الماضي، مضيفا أن “هذه التجربة تعد فريدة من نوعها ونموذجية يقتدى بها في إفريقيا والعالم العربي”.
وأبز السموني، في حديث لـ”الأيام 24″، أهمية اعتماد المملكة المغربية لدستور جديد سنة 2011 كرّس جملة من المبادئ في مجال الحقوق والحريات والمساواة والمناصفة، وعزز مكانة حقوق الإنسان ببلادنا، وتضمن ما لا يقل عن 60 مادة متعلقة بالحقوق والحريات.
وأشار إلى انضمام المغرب لعدد مهم الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان ومصادقته صادق على أهم البروتوكولات الملحقة بها، وإحداثه لمجموعة من المؤسسات الحامية للحقوق والحريات، إضافة إلى إصداره عددا من القوانين والنصوص التشريعية التي تساهم في تكريس مبادئ حقوق الإنسان، وقيامه بتعديل نصوص أخرى لملاءمتها مع هذه المبادئ، فضلا عن إصلاح منظومة العدالة ووضع آليات لمكافحة الفساد، ووضع ميكانيزمات وسياسات عمومية للنهوض بحقوق الإنسان والحرص على ملاءمتها مع القوانين والاتفاقيات الدولية، ووضع الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي تبناها المغرب فيما يتعلق باستقبال وإدماج المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وإحداث الآليات الوطنية الحمائية في مشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المتعلقة بالوقاية من التعذيب أو حماية الطفولة ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى آلية محاربة كافة أشكال التمييز ضد المرأة .
وسجل السموني، أن “المنظمات الحقوقية، بما فيها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية المدنية، ساهمت في توسيع النقاش المجتمعي وتعميقه حول قضايا حقوقية مختلف حولها داخل المجتمع المغربي، كإلغاء عقوبة الإعدام وفي الإرث وتنظيم قضية الإجهاض وقضايا الحريات الفردية، دون أن يكون هناك أي تضييق على أصحاب الرأي في هذا الشأن” .
وتابع أن “هذا يعبر عن انفتاح الدولة على الآراء المختلفة، وأيضا المستوى الرفيع الذي وصلت إليه المنظمات غير الحكومية المغربية المهتمة بحقوق الإنسان، ومستوى تفاعلها مع كافة الآليات والميكانيزمات الدولية لمراقبة تفعيل وتنفيذ الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة” .
واعتبر السموني، أن “هذا الزخم الحقوقي جعل المغرب يتبوأ مكانة معتبرة داخل المجتمع الدولي في مجال حماية حقوق الإنسان و النهوض بها، و هو ما أهله لرئاسة مجلس حقوق الإنسان خلال الولاية الحالية” .
وأمام تحقيق كل هذه الإنجازات، لفت السموني، إلى أن “هناك تحديات تواجه المغرب، حالا ومستقبلا”، مبينا أنه “رغم التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان ببلادنا، فالتحديات كبيرة ومرتبطة أساسا بمطالب العدالة الاجتماعية وبتوسيع فضاء الحريات ومزيد من النهوض بالحقوق الثقافية والاجتماعية والبيئية”.
وأردف أنها “تحديات لها صلة مباشرة بالتنمية المستدامة والمساواة الاقتصادية والعدالة المجالية، خصوصا وأن المغرب يعرف بروز جيل جديد من حقوق الإنسان، ينادي بمزيد من العدالة الاجتماعية وبمزيد من العدالة المجالية التي تعتبر شرطا أساسيا لإنجاح مشروع الجهوية الموسعة المتقدمة وإنجاح النموذج التنموي الجديد”.
وخلص السموني، إلى أنه “لا ينبغي تبخيس المنجزات التي حققها المغرب في هذا مجال تكريس مبادئ حقوق الإنسان ورسم صورة قاتمة وسوداوية للوضع الحقوقي بالمغرب، لأن بلادنا تشق طريقها نحو إقامة دولة الحق والقانون وبناء مجتمع تسود فيه الحقوق والحريات”.