أقرت حكومة عزيز أخنوش أشكال مختلفة لدعم الناشرين بمناسبة الدخول المدرسي الحالي، بغرض ضمان استقرار أثمنة الكتب المدرسية، تشجيعا للتمدرس وحفاظا على القدرة الشرائية للأسر. يتمثل الأول في تخصيص ما يزيد عن 100 ملايين درهم لصالحهم وحصر نسبته في 25 في المائة من السعر المخصص لبيع الكتب المدرسية الموجهة إلى المستويات التعليمية بالسلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي، بينما يهم الثاني إعفاؤهم من الضريبة.
وبالرغم من سن الحكومة لهاتين الآليتين لصالح شركات النشر من أجل مواجهة أي زيادة محتملة في أسعار الكتب المدرسية، إلا أن أثمان بعضها عرف زيادة اكتوت بنارها الأسر التي باتت شريحة واسعة منها تلجأ إلى القروض البنكية من أجل تأمين مستلزمات تمدرس أبنائها، خاصة الذين يتابعون تعليمهم في المؤسسات الخصوصية.
الحسن المعتصم رئيس رابطة الكتبيين بالمغرب، قال في تصريح لـ”الأيام 2″ إن تجارة الكتب المدرسية بالمغرب تعرف “فوضى حقيقية”، تتحمل مسؤوليتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي التي تقف، بحسبه، “عاجزة مع بداية كل موسم دراسي أمام تجاوزات وخروقات بعض الفاعلين في المجال، على رأسهم الناشرين والمدارس الخاصة”.
وأكد المعتصم أن الناشرين فرضوا منذ جائحة “كورونا” زيادات مهولة في أسعار الكتب المستوردة من الخارج باللغتين الإنجليزية والفرنسية والمواد العلمية، قدَّرها في أزيد من 100 درهم بالنسبة للكراسة الواحدة، مشيرا إلى أن الكتبيين أصبحوا محرجين مع أمهات وآباء التلاميذ عندما يدركون أنهم سيسددون مبالغ إضافية نظير اقتناء المقررات.
ولفت المهني ذاته إلى أن رابطة الكتبيين راسلت في أكثر من مناسبة شركات نشر الكتاب المدرسي المعنية بالموضوع من أجل معرفة مبرراتها بخصوص هذه الزيادات، إلا أنها لم تتلق أي رد من جانبها، مبرزا أن بعض الكتب التكميلية التي تفرضها المؤسسات الخاصة بلغت نسبة الزيادة فيها هذا العام 30 درهما، دفعة واحدة، بينما الكتب المدرسية الموجهة إلى التعليم العمومي فلم تشهد أي ارتفاع في الأسعار، يشدد المعتصم.
ونبه المعتصم إلى أن المدارس الخاصة تجبر الأسر على اقتناء هذا النوع من الكتب مع إحالتهم إلى المكتبات التي يجب التعامل معها دون سواها، تحت طائلة حرمان أبنائها من الأنشطة الموازية في حال عدم الإذعان، واصفا هذه الممارسات بـ”الابتزاز المكشوف”، منتقدا تحول هذه المؤسسات من فضاءات للتعليم إلى امتهان التجارة في ضرب للقوانين والمذكرات الوزارية والولائية الصادرة في هذا الشأن.
في السياق ذاته، راسلت النائبة البرلمانية فدوى محسن الحياني وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، مطالبة إياها بالتدخل من أجل وضع حد للغلاء الذي يكوي جيوب الأسر المغربية الفقيرة والمتوسطة، مسجلة أن “أسعار الكتب والأدوات المدرسية، خاصة المستوردة منها، شهدت ارتفاعا ملحوظا رغم الإعفاءات الضريبية المقررة في قانون المالية لسنة 2024”.
وقالت البرلمانية عن الفريق الحركي “إن الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، الذي تم إقراره للأدوات المدرسية والكتب، لم يمنع من ارتفاع أسعار بعض الكتب، وخاصة تلك المتعلقة بمقررات اللغات والمواد العلمية المستوردة”، موضحة أن “المرسوم الخاص بالإعفاء من الضريبة ينص على أن الأدوات المدرسية المستوردة يجب أن تستفيد من الإعفاء عند الاستيراد، شريطة أن يتم تخصيصها حصريا للاستعمال المدرسي”.
واعتبرت الحياني أن الغلاء الذي طال الكتب المدرسية، بسبب أسلوب التعليم الذي تفرضه المدارس الخاصة، أضحى يبرز الحاجة إلى مسؤولية أكبر في مراقبة المستوردين وتنظيم تسعير المقررات الدراسية المستوردة، محمّلة المسؤولية للحكومة ومصالحها لكونها “لا تقوم بالمراقبة المطلوبة، مما يشجع “التجار ودور النشر” على الرفع من الأسعار واستغلال صمت الحكومة من أجل تحقيق أرباح غير مبررة على حساب الأسر المغربية”.