لم يعد مسلك بيع الأدوية بالمغرب يخضع فقط للأطراف المسطر عليهم في مدونة الأدوية 17.04، والذي يقتصر على المختبرات الطبية المخول لها إعداد المستحضرات وتوزيعها على الصيادلة، إذ باتت مواقع التواصل الاجتماعي والبقالة طرفا في العملية، بعدما أصبحت مكانا مخصصا لاقتناء أدوية الحمى والزكام إضافة إلى مسكنات ألم الأسنان على سبيل المثال.
هذه التطورات القديمة الجديدة التي أثارت حنق الصيادلة، جددت النقاش داخل التنظيمات النقابية لكونها تعتبر وضعا خطيرا يهدد السلامة الصحية للمواطن المغربي وتمس بالمؤشر الاقتصادي للصيدليات، وسط تنديد مجموعة من المهنيين بخطر الإفلاس الذي يمس تجارتهم بسبب تقلص الهامش الربحي.
ودعت فعاليات نقابية مغربية إلى ضرورة تحريك المساطر القانونية في حق المتجاوزين الذين يتاجرون في صحة الإنسان وأيضا في أزمة الصيادلة، وفق تعبيرهم، في الوقت الذي تتفاقم فيه هذه الظاهرة التي تهز كل مرة مواقف أصحاب “الوزرة البيضاء”.
وفي هذا الصدد، قال أمين صالح، رئيس ائتلاف نقابات صيادلة المغرب الشرقي وعضو الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، إن “القانون المغربي في مدونة الأدوية 17.04 واضح وصريح حيث يعتبر الصيدلية المكان القانوني الوحيد لصرف الأدوية، وذلك من أجل الحفاظ على صحة المواطن كما هو منصوص عليه في المواثق الدولية، غير أنه في الآونة الأخيرة سجلنا على أنه هناك انتشار واسع لبعض الظواهر التي تمس بهذا القطاع وتعرض صحة الإنسان للخطر”.
وأضاف صالح، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “ظاهرة بيع الأدوية عند البقالة مثيرة للقلق، لأن هذه المسألة لا يمكن الاتفاق عليها نظرا لخطورتها الاجتماعية والاقتصادية، وحتى القانون المنظم للمهنة لا يسمح بمثل هذه الممارسات الخارجة عن نطاق القانون والتي تمس بسمعة الصيادلة”.
وتابع المتحدث عينه أنه “هناك مسلك قانوني تمر فيه عملية بيع الأدوية حيث يبدأ من المختبر وينتهي عند الصيدلاني، وأن الأدوية التي تباع حاليا في المحلات التجارية نتسائل أولا عن قانونيتها وصحتها، لأن هذه الخروقات والاختلالات باتت شائعة في وقتنا الحالي”.
وأشار رئيس ائتلاف نقابات صيادلة المغرب الشرقي إلى أنه “هناك تطور سوسيو اقتصادي في المشهد المغربي دفع البعض إلى بيع الأدوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصفحات الفايسبوكية دون حسيب ولا رقيب، ونحن نطالب من هذا المنبر بضرورة تطبيق التشريعات الجنائية المعاقبة، في ظل انتشار مثل هذه الممارسات الخطيرة”.
وأردف أيضا: “يجب ضبط أولا الفضاء الأزرق وضرب بيد من حديد في حق المتجاوزين والجهات التي تحاول الاتجار في صحة المواطن المغربي، مع توسيع مهام مفتشي الصيدليات وإعطاء صلاحيات جديدة من أجل ضبط هذه الخروقات القانونية والصحية”، مضيفا: “على السلطات المعنية تنظيم دوريات تجمع بين المتداخلين بهدف فرض رقابة صارمة على المتجاوزين، وصحة المواطن هي العنصر الأساسي داخل هذه المنظومة”.
وخلص صالح حديثه قائلا: “الصيدلية هي المكان الوحيد الآمن والصحي والقانوني المخول له التصرف في الأدوية وتقديم المساعدات للمرضى من أجل التغلب عن مرضهم وحسن التعامل معه، وبالتالي فإن دور الصيدلي يتعدى ما هو تجاري ليصل إلى حدود التوعية والإرشاد”.