من هو حسن نصر الله أمين عام حزب الله؟
أصدر حزب الله اللبناني بيانا يوم السبت ينعى فيه الأمين العام حسن نصر الله. بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي صباح السبت نجاح عملية اغتيال نصر الله مساء الجمعة.
في هذا التقرير نتعرف أكثر على أمين عام الحزب منذ 32 عاماً، فمن هو حسن نصر الله؟
حسن نصرالله هو رجل دين شيعي يتولى قيادة جماعة حزب الله في لبنان منذ فبراير 1992. تُعتبر هذه الجماعة حاليا واحدة من أهم الأحزاب السياسية في لبنان، ولديها قوات مسلحة خاصة بها إلى جانب الجيش الوطني اللبناني.
ويُعتبر نصرالله الذي يحظى بشعبية واسعة في لبنان ودول عربية أخرى، الوجه الرئيسي لحزب الله وقد لعب دوراً درئيسياً في تحوّل الجماعة تاريخياً لدخول الساحة السياسية واكتساب نفوذ في هيكل الحكومة اللبنانية.
- نتنياهو يقول إن الجيش يعمل على "تغيير ميزان القوى في الشمال"
- "لم يكن أمامنا سوى الهرب": الخوف والتوتر في لبنان تحت القصف الإسرائيلي
الطفولة والمراهقة
وُلد حسن نصرالله في غشت 1960 في أحد الأحياء الفقيرة شرق بيروت. كان والده يملك محل بقالة صغيراً، وكان نصرالله هو الابن الأكبر بين تسعة أبناء.كان عمره 15 عاماً عندما بدأت الحرب الأهلية في لبنان، وهي عبارة عن معارك مدمرة استمرت لمدة 15 عاماً في هذا البلد الصغير الواقع على البحر الأبيض المتوسط، والتي رسّم خلالها المواطنون اللبنانيون حدوداً وحاربوا بعضهم البعض بناءً على انتمائهم الطائفي.
في بداية الحرب، قرر والد حسن نصرالله مغادرة بيروت والعودة إلى قريته الأصلية في جنوب لبنان: البازورية التي ينتمي سكانها إلى الطائفة الشيعية مثل العديد من القرى في مدينة صور في محافظة الجنوب، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي. يؤمن الكثير من أبناء الطائفة الشيعية بأنهم تعرضوا للتمييز وعدم المساواة خلال الحقبة الاستعمارية للقوى الكبرى مثل الإمبراطورية العثمانية وفرنسا، واستمرت هذه المشاعر خلال فترة الاستقلال عندما استولى النخب المسيحية والسنية على السلطة. في تلك الفترة، اتُهمت الميليشيات المسيحية والسنّية بتلقي الدعم من دول أجنبية لتحقيق نجاح عسكري. في الوقت نفسه، اعتُبرت الطائفة الشيعية التي تشكل الأغلبية في جنوب لبنان إضافةً إلى وادي البقاع في شرق لبنان، مع مجموعة صغيرة من المسيحيين الموارنة والأرثوذكس، في الخطوط الأمامية لمحاربة إسرائيل. في مثل هذا المناخ، لم يتوجه حسن نصرالله فقط إلى هويته الشيعية، بل في سن الخامسة عشرة انضم إلى أهم مجموعة سياسية-عسكرية شيعية لبنانية في ذلك الوقت: حركة أمل، وهي جماعة مؤثرة وناشطة أسسها الإمام موسى الصدر.
العودة إلى لبنان والنضال المسلح
هاجر حسن نصرالله إلى النجف في سن 16 عاماً. وكان العراق في ذلك الوقت بلداً غير مستقر، عانى من عقدين متتاليين من الثورات والانقلابات الدموية والاغتيالات السياسية. خلال هذه الفترة، ورغم أن حسن البكر كان لا يزال رسمياً في السلطة، فإن صدام حسين، الذي كان نائب رئيس العراق آنذاك، قد اكتسب نفوذاً كبيراً. بعد مرور عامين فقط على وجود حسن نصرالله في النجف، توصّل قادة حزب البعث، وبخاصة صدام، إلى استنتاج مفاده أنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لإضعاف الشيعة. وكان أحد قراراتهم طرد جميع الطلاب الشيعة اللبنانيين من الحوزات العلمية في العراق. ورغم أن نصرالله درس في النجف لمدة عامين فقط ثم اضطر لمغادرة العراق، إلا أن وجوده في النجف كان له تأثير عميق على حياة هذا الشاب اللبناني: فقد التقى في النجف برجل دين آخر يُدعى عباس الموسوي. وكان الموسوي يُعتبر أحد طلاب موسى الصدر في لبنان، وخلال إقامته في النجف تأثر بقوة بالأفكار السياسية لروح الله الخميني. كان الموسوي أكبر من نصرالله بثماني سنوات، وسرعان ما أصبح مدرساً صارماً ومرشداً مؤثراً في حياة حسن نصرالله. وبعد عودتهما إلى لبنان، انضم الإثنان إلى القتال في الحرب الأهلية. لكن هذه المرة، توجه نصرالله إلى مسقط رأس عباس الموسوي في بلدة النبي شيت في البقاع.الثورة الإيرانية وتأسيس "حزب الله"
بعد عام من عودة حسن نصرالله إلى لبنان، وقعت ثورة في إيران. استولى روح الله الخميني الذي كان يحظى بإعجاب رجال الدين مثل عباس الموسوي وحسن نصرالله، على السلطة. وقد غيّر هذا الحدث بشكل عميق العلاقة بين شيعة لبنان وإيران. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت الحياة السياسية والكفاح المسلح للشيعة اللبنانيين بشكل كبير بالأحداث في إيران وبأيديولوجيا الإسلام السياسي الشيعي. بالنسبة لحسن نصرالله، كان هذا التحول العميق ناتجاً إلى حد كبير عن حكم أصدره روح الله الخميني. ففي عام 1981، التقى نصرالله بقائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طهران. وقد عيّنه الخميني ممثلاً له في لبنان "لرعاية شؤون الحسبة وجمع الأموال الإسلامية". بعد ذلك، بدأ نصرالله في القيام برحلات متقطعة إلى إيران، حيث أقام علاقات مع أعلى مستويات صنع القرار والسلطة داخل الحكومة الإيرانية. وأولى الإسلاميون الشيعة في إيران اهتماماً كبيراً بالسجل التاريخي والروابط الدينية مع الشيعة اللبنانيين. وكان الشعور المعادي للغرب ركيزة أساسية في النسخة الإيرانية من الإسلام السياسي الشيعي التي روّج لها روح الله الخميني. وأصبحت معاداة إسرائيل "القضية الفلسطينية" واحدة من أهم الأولويات في السياسة الخارجية لإيران بعد الثورة. خلال هذه الفترة، كان لبنان الذي كان بالفعل محاصراً بالحرب الأهلية والاضطرابات، قد أصبح قاعدة رئيسية للمقاتلين الفلسطينيين. وكان لهم وجود قوي في جنوب لبنان، بالإضافة إلى بيروت. ومع تصاعد عدم الاستقرار في لبنان، هاجمت إسرائيل البلاد في يونيو 1982، واحتلت بسرعة أجزاء كبيرة منها. وزعمت إسرائيل أن الهجوم كان رداً على العدوان الفلسطيني.بعد وقت قصير من الغزو الإسرائيلي، قرر قادة الحرس الثوري الإسلامي في إيران الذين كانوا يمتلكون خبرة في الحروب التقليدية بسبب هجوم العراق على إيران، إنشاء مجموعة ميليشيا في لبنان تتبع بالكامل لإيران. واختاروا الاسم الذي كانوا معروفين به في إيران ليكون اسم هذه المجموعة: "حزب الله". في عام 1985، أعلن حزب الله رسمياً عن تأسيسه. انضم حسن نصرالله وعباس الموسوي، مع بعض الأعضاء الآخرين في حركة أمل، إلى هذه المجموعة التي تم إنشاؤها حديثاً. وكان يقودها شخصية أخرى تُدعى صبحي الطفيلي. وسرعان ما تركت هذه المجموعة بصمتها في السياسة الإقليمية من خلال تنفيذ أعمال مسلحة ضد القوات الأمريكية في لبنان.