تصعيد جديد بين السودان والإمارات




دبابة عسكرية متضررة تظهر في الشارع، بعد مرور نحو عام على الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، في أم درمان، السودان.
Reuters
في تصعيد جديد للعلاقات المتوترة بين السودان والإمارات العربية المتحدة، اتهمت أبو ظبي الخرطوم بقصف مقر سفيرها في العاصمة عبر طيران الجيش السوداني ما أدى إلى أضرار جسيمة في المبنى، وهو ما نفاه الجيش.واعتبر بيان صادر عن وزارة الخارجية الإماراتية، الخطوة انتهاكاً أساسياً لمبدأ حرمة المباني الدبلوماسية وضرورة توفير الحماية لها.وقالت إنها ستقدم احتجاجاً رسميّاً لجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والمنظمات المعنية في مواجهة الحكومة السودانية.وبعد مرور نحو يوم من الاتهامات الإماراتية أصدر الجيش السوداني بياناً استنكر فيه الاتهامات.وقال إنه لا يستهدف مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية ومنظمات الأمم المتحدة ولا يتخذها مقاراً عسكرية، مشيرا إلى أن قوات الدعم السريع التي تدعمها الإمارات هي من تقوم بمثل هذه الأعمال بحسب البيان. وأضاف الجيش السوداني أنه لا يخالف القانون الدولي وأنه يستهدف أماكن تجمع قوات الدعم السريع.لاحقا، أصدرت الخارجية السودانية بياناً استنكرت فيه الاتهامات الإماراتية، وقالت إن من حق الجيش السوداني حماية البلاد وشعبها وسيادتها ضد كل اعتداء.ووصفت الخارجية السودانية البيان الإماراتي بـ"المحاولة البائسة في التغطية على الجرائم"، وقالت إن "هذه المزاعم الكاذبة محاولة بائسة للتغطية على التقارير الدولية الموثقة التي تفضح دور الإمارات الشرير في استمرار وتسعير الحرب في السودان ومسؤوليتها المباشرة عن الفظائع التي ترتكبها صنيعتها مليشيا الجنجويد الإرهابية من جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي وإبادة جماعية وعنف جنسي واسترقاق النساء والأطفال".

"تنديد عربي واسع"

سارعت العديد من الدول الخليجية والعربية إلى التنديد بواقعة قصف مقر السفير الإماراتي في السودان، ومن بينها السعودية وقطر والكويت وسلطنة عمان والأردن واليمن ومصر التي أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية فيها عن قلقه إزاء التطورات الأخيرة في السودان، بما فيها تعرض مقر سفير دولة الإمارات بالخرطوم للقصف."وإذ تعرب مصر عن استنكارها لهذا الحادث، فتؤكد على ضرورة الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني، وتوفير الحماية للمدنيين، وسلامة مقار البعثات الدبلوماسية".أما الرياض، فقد أكدت عبر بيان لوزارة خارجيتها رفضها لقصف منزل السفير الإماراتي، وطالبت بضرورة توفير الحماية للدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية.
نازحون من جنوب السودان يعودون إلى منطقة العبور التي أنشأتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مدينة رنك بولاية النيل الأعلى، جنوب البلاد.
EPA-EFE/REX/Shutterstock
"الهجرة الدولية": ارتفاع عدد النازحين السودانيين إلى 9.9 مليون نازح داخلي في جميع ولايات البلاد

" حي الراقي"

ولم توضح الإمارات في بيانها متى وقع الهجوم، لكن الجيش السوداني بدأ سلسلة غارات عسكرية على عدة مواقع في الخرطوم خلال الفترة الأخيرة.ويقع مقر السفير الإماراتي في حي الراقي جنوب الخرطوم، وهو حي يضم العديد من مقار السفراء والدبلوماسيين، ويقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.والحي المذكور حالياً هو أقرب إلى مدينة أشباح بعد أن هجرها السكان بسبب القتال، وسيطرة قوات الدعم السريع عليها في وقت لاحق.وفعلياً لا السفير الإماراتي ولا بقية الدبلوماسيين في الخرطوم، إذ إنهم غادروا العاصمة منذ أن بدأت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان من العام الماضي.وقررت بعض السفارات والبعثات الدبلوماسية البقاء في مدينة بورتسودان، شرقي البلاد، بعد أن تحولت إلى عاصمة إدارية في ظل سيطرة قوات الدعم السريع على معظم المناطق في مدينة الخرطوم.ومن بين السفارات الموجودة؛ الإماراتية والمصرية والروسية والسعودية وجنوب السودان.وشهدت العلاقات بين الخرطوم وأبو ظبي توتراً شديداً في أعقاب اتهام الأولى للثانية بدعم قوات الدعم السريع وهو ما ظلت تنفيه الإمارات العربية المتحدة.وبالرغم من هذا التوتر ظل السفير الإماراتي يمارس عمله من مدينة بورتسودان ولم يتم طرده، ولكنه غادر المدينة خلال هذا الشهر.
يقود الناس سياراتهم بينما يتصاعد الدخان من حريق في سوق بمدينة رنك بولاية النيل الأعلى، جنوب السودان.
EPA-EFE/REX/Shutterstock
منظمة الصحة العالمية: الحرب في السودان أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص

" طريق مسدود"

لم يتم ربط اسم الإمارات في بداية الحرب المستمرة في السودان، ولكن بعد مرور نحو سبعة أشهر بدأت قيادات في الجيش السوداني ومن بينها مساعد القائد العام الفريق ياسر العطا، في اتهام أبو ظبي بتقديم الدعم العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع.وظل قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان خلال مخاطباته العسكرية يلمح إلى أن "دولة خليجية تقدم الدعم لقوات الدعم السريع"، دون الإشارة بوضوح إلى الإمارات.ووصلت العلاقة بين الطرفين إلى طريق مسدود، إذ حاول رئيس وزراء أثيوبيا، أبي أحمد، إعادة مسار الطريق بين البلدين مرة أخرى، وذلك عندما طرح وساطة خلال زيارته لمدينة بورتسودان ولقائه بالبرهان في أغسطس/آب الماضي. وظن الجميع أن العلاقة ربما تتحسن بعد مكالمة هاتفية جمعت بين البرهان ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وذلك بعد أيام قليلة من زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لبورتسودان.غير أن البرهان عاد واتهم الامارات بصورة علنية خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي.

" علاقة وطيدة"

بعيداً عن الاتهامات التي وجهها الجيش السوداني للإمارات بدعم قوات الدعم السريع عسكرياً، فإن العلاقة بين الدعم السريع والإمارات العربية المتحدة لم تكن وليدة اللحظة، وإنما تمتد لسنوات للوراء.فحينما قررت السلطات السودانية والتي كان يقودها الرئيس المعزول عمر البشير المشاركة في حرب اليمن إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية، كانت قوات الدعم السريع وتحديداً قائدها حميدتي أول من عرض خدماته. شاركت هذه القوات بكثافة في الحرب. وعندما وقع الخلاف بين الرياض وأبو ظبي حول الحرب، بدأت قوات الدعم السريع تعمل إلى جانب أبو ظبي بشكل مباشر. وطبقا لاتفاقية رسمية بين الحكومة السودانية والإماراتية فإن أبو ظبي مسؤولة عن تدريب وتسليح قوات الدعم السريع للمشاركة في الحرب اليمنية.ويتمتع قائد الدعم السريع، عندما كان يتقلد منصب نائب رئيس السيادة، بعلاقات جيدة مع قادة الدولة في الإمارات، وظل يزورها باستمرار، وأحياناً يمكث فيها أكثر من أسبوع خلال الزيارة الواحدة.وقبيل الحرب كان مألوفاً لدى كثير من السودانيين أن يشاهدوا عناصر قوات الدعم السريع وهم يقودون سيارات ومدرعات عسكرية مصنوعة في الإمارات.
مقالات مرتبطة :


إقرأ أيضاً