تحول استثنائي شهده موضوع الخطاب الملكي برسم افتتاح السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أمس الجمعة، بعدما ركزت جل مضامينه على مستجدات قضية الصحراء المغربية عكس ما كان سابقا، حيث كانت محطة الدخول السياسي الجديد فرصة للمؤسسة الملكية لوضع خارطة نصف الطريق الأولى أمام نواب الأمة للاشتغال عليها خلال الدورة البرلمانية الخريفية.
وسلط الخطاب الملكي الذي وصفت مضامينه بـ”الطارئة” وفق مراقبين سياسيين، في ظل المستجدات التي عرفها ملف الصحراء، الضوء على أهم الأحداث التي أعطت زخما جديداً لهذه القضية، بداية بالاعتراف الفرنسي التاريخي بمغربية الصحراء، وكذا دعم الدول الكبرى لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مرورا إلى المشاريع الاقتصادية والاستثمارات الضخمة بالمنطقة ذاتها، ووصولا إلى دور الدبلوماسية الموازية في توسيع نطاق الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي.
وخلال تفسيرهم لسياق الخطاب الملكي الذي تطرق لملف الصحراء، أكد مراقبون سياسيون، أن “مضامين خطاب الملك محمد السادس الذي ألقاه من داخل المؤسسة التشريعية فرضته الظرفية الراهنة، وذلك نظراً للتطورات التي عرفتها القضية، وأيضا الأحداث الدولية المتعاقبة اخرها قرار محكمة العدل الأوروبية الذي مس بالوحدة الوطنية للبلاد، والرفض التام من قبل الدول الأعضاء”.
وفي نفس السياق، قال محمد نشطاوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش وخبير بالمركز الوطني للبحوث العلمية والتقني، إن “بعض المتتبعين يرون أن السياق الذي جاء فيه الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي موجها إلى البرلمانيين وعموم المتداخلين يخص فقط قضية الصحراء المغربية، دون الإشارة إلى القضايا المتعلقة بالأحزاب السياسية والعمل التشريعي”.
وأضاف نشطاوي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الإطار الذي جاء فيه الخطاب يتسم بنوع من التطورات والدينامية التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، علما أنه هناك جوانب تخدم مصالح البلاد في هذه القضية وجوانب أخرى سلبية تتطلب دراسة ومناقشة مستفيضة لتجاوزها”.
وتابع المتحدث عينه أنه “هناك مستجدات لم تخدم المصالح المغربية وأخرها قرار محكمة العدل الأوروبية المثير للجدل، إضافة إلى قرب مناقشة مجلس الأمن في أواخر أكتوبر تداعيات القضية الوطنية وتطورتها، في حين هناك سياق أهم يتجلى في الاعترافات الدولية الأخيرة بمغربية الصحراء أبرزها اعتراف دولة فرنسا”.
وأردف المحلل السياسي أن “الخطاب الملكي نوه بالاعتراف الفرنسي التاريخي بمغربية الصحراء، وأيضا الدعم الذي قدمته إسبانيا في هذا الملف، على اعتبار أن الدولتين لهما دراية جيدة بتاريخ الصراع بين المغرب والبوليساريو وصنيعتها الجزائر”.
وأشار أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش إلى أن “السياق الوطني والدولي هو الذي حتم على المؤسسة الملكية تقديم هذا الخطاب في الظرفية الحالية، لهذا كان لابد للملك محمد السادس أن يشيد بالدور الذي تلعبه الدبلوماسية المغربية في هذا الملف”.