تحليل: كيف يعزز المغرب قوته الدفاعية من خلال “التحوط الاستراتيجي”؟



 

 

تفاعلا مع هذا الموضوع، قال مستشار الشؤون السياسية والاستراتيجية، هشام معتضد، إن “المملكة المغربية، في السنوات الأخيرة، سعت إلى تنويع شركائها العسكريين والاستراتيجيين بشكل ملحوظ، إذ انتقلت من الاعتماد التقليدي على شركاء محددين إلى بناء علاقات مع قوى عالمية وإقليمية مختلفة”.

 

 

 

وأكد أيضا أن “هذا التوجه يأتي في ظل تزايد التحديات الأمنية في المنطقة، مما يعكس وعياً استراتيجياً لضرورة بناء قوة دفاعية مرنة ومستقلة”، مبرزا أن هذا “التحول يعبر عن تبني متطور لمفهوم “عقل الدولة” الذي يهدف إلى تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للدولة مع تأمين مصالحها القومية”.

 

 

 

وأضاف معتضد، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “القيادة تسعى في الرباط من خلال تنويع شراكاتها العسكرية إلى تطبيق نظرية “التحوط الاستراتيجي”، والتي تركز على عدم الاعتماد الكامل على شريك واحد في مجال الدفاع والتسليح”، موضحا أنه “يعد هذا التحوط مهما لتفادي الضغوطات السياسية التي قد تُمارس عليها من قِبَل بعض الدول، ولتجنب الوقوع في معضلة الاعتماد الأحادي. من خلال هذا المنظور، يخدم التنويع مصالح المغرب لأنه يعزز من مرونته وقدرته على اتخاذ قرارات مستقلة، ويوفر له حرية أكبر في التعامل مع التغيرات الجيوسياسية”.

 

 

وأشار المتحدث عينه إلى “أن مفهوم “عقل الدولة” يشير إلى فهم استراتيجي شمولي لإدارة المصالح الوطنية، حيث ينظر إلى بناء الصناعة العسكرية كمكون أساسي للسيادة الوطنية. من خلال تنويع الشركاء، يسعى المغرب إلى الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة التي تمكّنه من تطوير صناعات عسكرية محلية وتجنب الاعتماد المفرط على استيراد الأسلحة. ويدعم هذا التوجه إستراتيجية المغرب لتحقيق الاكتفاء الذاتي الدفاعي، مما يخدم مصالحه بشكل كبير ويعزز من قوة رادعه الإقليمي”.

 

 

وأردف المستشار الأمني أن “السياسة المغربية تستلزم اعتماد نظرية “التوازن الإقليمي والدولي”، والتي تقوم على استغلال علاقاتها المتعددة مع القوى العالمية (مثل الولايات المتحدة، فرنسا، الصين وروسيا) لتحسين مكانتها الإقليمية وتعزيز استقلاليتها الاستراتيجية”، مشيرا إلى أن “المغرب يسعى من خلال تنويع شركائه إلى إرسال رسائل واضحة للدول الإقليمية حول موقفه المستقل وقدرته على تطوير قدراته العسكرية من مصادر متنوعة. هذا التوازن يخدم مصالح المملكة ويعزز من قدرتها على المناورة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.

 

 

 

وأوضح أيضا أن “هذه السياسة تنعكس أيضا على الأمن القومي المغربي بشكل إيجابي، حيث تمكّن المملكة من الاستجابة بفعالية للتحديات الأمنية المتزايدة، سواءً كانت تهديدات إرهابية أو نزاعات إقليمية محتملة”، مردفا أن “توسيع قاعدة الشركاء يمنح المغرب قدرات دفاعية محسنة ويعزز من تجهيزاته لمواجهة التهديدات المستقبلية، وبالتالي، يمثل هذا التوجه عنصراً رئيسياً في استراتيجية المغرب لحماية أمنه القومي”.

 

 

 

“لا ننسى أيضًا أن تنويع الشركاء العسكريين لا يخدم فقط الجانب العسكري، بل يعزز أيضاً العلاقات الدبلوماسية والسياسية للمغرب. من خلال الانخراط مع دول مختلفة، يفتح المغرب مجالات للتعاون الاقتصادي والتجاري ويضمن دعم مواقفها السياسية في المنتديات الدولية. هذا التوجه يسهم في تقوية موقعه السياسي والدبلوماسي على الساحة العالمية”، يضيف المتحدث.

 

 

وزاد: “رغم الإيجابيات، إلا أن الرباط تدبر تحديات في هذا التوجه، مثل تدبير إدارة التوازن بين القوى الكبرى وتكاليف الحصول على التكنولوجيا المتقدمة”، مضيفا أن “استراتيجيات التحوط التي يتبعها المغرب، مثل التركيز على بناء قاعدة صناعية عسكرية محلية والاستفادة من الشراكات لتدريب وتطوير الكفاءات العسكرية، تمثل ردوداً فعالة على هذه التحديات وتساهم في تقليل الاعتماد على الخارج”.

 

 

وخلص معتضد حديثه قائلا: “أظن أنه يمكن القول إن سياسة تنويع الشركاء العسكريين تخدم مصلحة المغرب بشكل واضح، حيث تساهم في تعزيز قدراته الدفاعية وتحقيق استقلاليته الاستراتيجية. ينبغي للرباط أن تستمر في هذا التوجه، مع التركيز على تطوير صناعتها العسكرية الداخلية والتأكيد على العلاقات التعاونية دون التورط في الإنخراط الإستراتيجي في صراعات دولية، بما يضمن تعزيز قوتها واستقرارها على المدى الطويل، و ذالك تماشيًا مع قيمها العسكرية و مبادئها السياسية وإرثها الدبلوماسي المتزن إقليميًا و دوليًا”.

 

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً