تعالت أصوات سياسية بعد الزيارة التاريخية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة المغربية التي جدد خلالها الاعتراف بمغربية الصحراء، بـ”ضرورة تحرك الدبلوماسية المغربية لكسب مواقف أخرى دولية داعمة لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”، وتحويل البوصلة الخارجية نحو البلدان الأكثر تأثيرا في الساحة الدولية وأيضا داخل مقر مجلس الأمن الدولي.
ولم يخف مراقبون سياسيون توقعاتهم بخصوص انضمام لندن إلى ركب العواصم المعترفة بمغربية الصحراء، حيث تشير جميع التحركات الدبلوماسية إلى وجود إشارات إيجابية، وذلك بعد الحكم الصادر عن المحكمة العليا البريطانية المتعلق بالاتفاقيات الموقعة بين لندن والرباط والتي تشمل الصحراء، مؤكدة على أنها “لا تنتهك أي قوانين بريطانية”.
وفي نفس السياق، سبق وأن أكد أندرو أندرو موريسون، النائب المحافظ في مجلس العموم، بعد اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، أن “مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لحل النزاع الإقليمي حول وحدته الترابية يمثل الخيار الوحيد الموثوق من أجل حل نهائي لهذه القضية”.
وفي هذا الصدد، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق- جامعة محمد الخامس أكدال – الرباط، إن “الوضعية الحالية تتطلب من الدبلوماسية المغربية التركيز بشكل كبير على باقي دول مجلس الأمن الدولي، وخاصة المملكة البريطانية التي لها علاقات جيدة مع المملكة المغربية بعيدا عن التوترات الحاصلة بين الرباط وبروكسيل بعد قرار محكمة العدل الأوروبية”.
وأضاف الحسيني، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “المملكة البريطانية لها مشاريع ضخمة مع المغرب، أبرزها مشروع الربط الكهربائي الذي يتجاوز مسافة 4000 كيلومتر، علما أن قرار المحكمة الأوروبية الأخير لا يعني هذه الأخيرة ولم يؤثر على علاقاتها مع المغرب، ولا أظن أن لندن ستخرج عن الركب الدولي الذي دعم مخطط الحكم الذاتي واعترف بمغربية الصحراء”.
وتابع المتحدث عينه أن “الصين بدورها تعتبر من الدول التي يجب على الدبلوماسية المغربية الالتفاف حولها، لخطف اعتراف صريح أمام العالم بمغربية الصحراء، من أجل تسهيل المهمة داخل مجلس الأمن الدولي”، مشيرا إلى أن موقف بكين خلال الاجتماع الأخير داخل هذه الهيئة الدولية كان إيجابيا مقارنة مع روسيا التي امتنعت عن التصويت.
وأبرز المحلل السياسي، أن “هناك شراكات كبيرة على المستوى الاقتصادي تجمع الرباط بالعاصمتين لندن وبكين، لأن المغرب كان من البلدان الأولى التي وقعت على إتفاقية الحزام أو طريق الحرير، الذي يربط الصين بمجموعة من بلدان العالم”، ملفتا إلى أن الصين قد تعترف مع الوقت بمغربية الصحراء لأن المغرب يعد من الدول الصاعدة بالمنطقة على المستوى العسكري والاقتصادي.
وسجل الأكاديمي ذاته، أن “المغرب انفتح على القارة الإفريقية بشكل لافت وغير مسبوق، وذلك بناء على مجموعة من الإستراتيجيات والمبادرات، كالمبادرة الملكية الأطلسية التي تخول لدول الساحل الاستفادة من المحيط الأطلسي، وهو ما يضع الرباط في قلب التحولات الجيوسياسية والاستراتيجية بالمنطقة، حيث تزداد أطماع باقي الدول في عقد شراكات ذات النفع المتبادل”.