يبدو أن الحكومة ترفع توقعاتها بشكل كبير بخصوص مشروع “مدارس الريادة”، إذ تعده “المنقذ” لانتشال المنظومة التعليمية من مستنقع الأعطاب المتواصلة لسنوات رغم توالي مخططات الإصلاح منذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999، ثم “المخطط الاستعجالي”، إلى اعتماد الرؤية الإستراتيجية 2015-2030.
ويهدف مشروع “المدرسة الرائدة”، حسب وزارة التربية الوطنية، إلى “رسم معالم المدرسة العمومية المنشودة وفق مقاربة تشاركية تستجيب لانتظارات التلاميذ وأسرهم والأطر التربوية”، من خلال “الرفع من جودة التعلمات الأساس والتحكم بها، وتنمية كفايات التلاميذ والحد من الهدر المدرسي، وتعزيز تفتح المتعلمين”.
وأمام تسويق الوزارة لمدارس الريادة بأنها تجربة تُدشن لمسار إصلاحي جديد للتعليم بالمغرب، يتخوف متتبعون من أن يلقى هذا المشروع مصير الإصلاحات السابقة دون أن يحقق المبتغي المعقود عليه، خاصة في ظل الانتقادات التي طالته.
الوزير السابق للتربية الوطنية شكيب بنموسى، الذي وضع اللبنات الأولى لهذا المشروع الموسم الدراسي الماضي من خلال استهداف 320 ألف تلميذ مغربي داخل 626 مؤسسة تعليمية، حرص قبل مغادرته قمرة القيادة على توسيع هذه التجربة لتنتقل من 320 ألف تلميذ إلى مليون و300 ألف تلميذ.
غير أن توسيع هذه التجربة يطرح عدة تحديات على مستوى البنية التحتية المتوفرة لتنزيل هذا المشروع، خاصة مع إقرار تقارير رسمية بوجود اكتظاظ كبير للمؤسسات التعليمية بالمغرب، إذ سبق أن كشفت نتائج مؤشرات التربية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أنه على الرغم من التطور الحاصل على مدى السنوات الماضية فإن نسبة مهمة من الأقسام، خاصة في المدارس العمومية، يتجاوز عدد تلاميذها 40 وحتى 45 في الأسلاك الثلاثة.
وأمام هذا الواقع، يرى فاعلون تربويون أنه كان حريا بوزارة التربية الوطنية توفير الشروط المطلوبة لتنزيل “مشروع الريادة”، خاصة ما يتعلق بالبنية التحتية ومعالجة إشكالية الاكتظاظ، على اعتبار أن غياب هذه الشروط الأساسية لهذا المشروع يهدد فرص نجاحه.
ولذا يرى العديد من الأساتذة في حديث لـ”الأيام 24″، أنه كان من الأولى استثمار الأموال التي خُصصت لورش مدارس الريادة، في تعزيز البنية التحتية للمؤسسات التعليمية العمومية من خلال بناء مدارس جديدة، وبناء أقسام جديدة في المدارس التي تعرف اكتظاظا كبيرا.
إضافة على إشكالية البنية التحتية، تطرح عدة ملاحظات على التجربة فيما يتعلق بالإطار القانوني لهذا المشروع الذي لم يعرض على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ولا على اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج، لكي تدرسه وتبدي الرأي بشأنه خاصة على مستوى فرص النجاح والتحديات والإشكالات التي قد تواجه التجربة.
كما أن هذا المشروع يضرب، حسب فاعلين تربويين، مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة، إذ أصبح عندنا في المغرب تعليم عمومي وتعليم مدارس الريادة، إضافة إلى التعليم الخصوص، إضافة إلى ملاحظات على مستوى بطئ التنزيل والكلفة الكبيرة فيما يتعلق بالبنيات والتجهيزات، مما ينذر بأن شروط نجاح المشروع لن تتحقق بالشكل المطلوب، وقد تؤدي إلى فشل هذه التجربة على غرار التجارب السابقة لإصلاح التعليم منذ 1999!!