في غياب حوار مفتوح ومباشر بين الأطراف المعنية بقضية الصحراء المغربية، تضطلع الأمم المتحدة بدور الوساطة في هذا الملف الذي يعود إلى سبعينيات القرن الماضي ويعتبر من بين أطول نزاعات القارة السمراء، لكن يبدو أن المغرب لا ينظر بعين الرضا لحصيلة عمل وتعاطي هذه الهيئة الأممية مع قضيته الأولى، ولعل ذلك ما عكسه جزء من الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس مساء أمس الأربعاء 06 نونبر، بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء.
وحمل الخطاب الملكي دعوة صريحة ومباشرة إلى الأمم المتحدة، وعبرها مجلس الأمن، حتى “تتحمل مسؤوليتها وتوضح الفرق الكبير بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته”.
هذه الإشارة الملكية التي رمت حجرا في بركة راكدة، تعد الأولى من نوعها بعد مبادرة المبعوث الأممي إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا إلى طرح فكرة تقسيم الصحراء داخل آخر جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي حول ملف الصحراء، مما يبين أن المغرب ينتظر من الأمم المتحدة خطوات أكثر تقدمية وجدية لفض هذا الملف في إطار مخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط منذ 2007.
الرسالة الملكية التي تطالب الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها في الحسم النهائي للنزاع المفتعل، يرى فيها إبراهيم بلالي اسويح، المحلل السياسي والعضو بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، “ضرورة أملتها معطيات متعددة ومهمة”.
ويتصدر هذه المعطيات، يوضح اسويح في تصريح لـ”الأيام 24″، كون حل النزاع منحصر اليوم داخل أروقة الأمم المتحدة بعدما كان مطروحا للنقاش في الاتحاد الإفريقي، قبل قمة نواكشوط سنة 2018، حيث تم اعتماد القرار رقم 693 بعدم إدراجها على جدول الأعمال، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة عبر هذا الزخم والمكاسب السياسية والتأكيد التراكمي من حيث الطبيعة السياسية للحل المنشود والشروط المطلوبة من الأطراف التحلي بها وهي البرغماتية والواقعية والسعي إلى التوافق، أصبحت الآن ناضجة من خلال مسار استمر أزيد من 25 سنة”.
وأشار المتحدث إلى أنه تأكد للأمم المتحدة اليوم فشل جميع الحلول البائدة وفي مقدمتها تلك التي انبنت على التسوية والتحوير القانوني لهذا النزاع، مبرزا أن تغيير طبيعة النزاع من القانونية إلى السياسية دفع الملك إلى تنبيه الأمم المتحدة بضرورة الحزم في تحميل الأطراف التي تعرقل تسويته السياسية وتتموقع في مقاربات تقليدية غير متجددة وتنبني على أوهام الماضي، كما ذكر الملك، يقول العضو بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، مضيفا: “إن مستوى النضج الدولي الذي بلغته القضية الوطنية ينبغي أن يترجم اليوم على مستوى الأمم المتحدة المُطالبة اليوم بالانخراط في هذا الوعي الجماعي الدولي بما يحقق التسوية السياسية للملف وحث باقي الأطراف على الانخراط في هذا المسلسل”.
وسجل إبراهيم اسويح أن التماهي مع المواقف المتصلبة لخصوم الوحدة الترابية للمملكة “يهدر وقت الأمم المتحدة”، مشددا على أن “المغرب يمضي قدما في الحسم النهائي لهذا النزاع المفتعل الذي انبنى منذ البداية على التحريف للوقائع الشرعية التاريخية وللمعطيات الواقعية والتي حددها الملك محمد السادس في ثلاث محددات كبرى، في مقدمتها ارتباط ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة وانخراطها في الدفاع عن مغربية الصحراء من خلال بيعة شرعية قائمة”.