“فلسطين حرة”: لافتة ضخمة لجماهير باريس سان جيرمان تثير الجدل وتعرّض النادي لخطر العقوبات
رفعت جماهير لنادي باريس سان جيرمان، لافتة ضخمة داعمة للفلسطينيين ولبنان، قبل انطلاق مباراة فريقهم أمام أتلتيكو مدريد في بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم مساء الأربعاء، في خطوة لاقت انتقادا من وزير داخلية فرنسا.
وعلى ملعب "حديقة الأمراء" الخاص بالنادي الفرنسي، غطت لافتة ضخمة جزءا من الملعب الذي استضاف المباراة التي خسرها الفريق الباريسي المملوك لقطر أمام النادي الإسباني بهدفين مقابل هدف وحيد.
وكُتب على اللافتة "فلسطين حرة"، إضافة إلى صورة للعلم الفلسطيني ملطخ بالدماء، ورجل تغطي كوفية وجهه باستثناء عينيه، وقبة الصخرة في المسجد الأقصى في القدس، وفتى يرتدي العلم اللبناني.
وأثارت هذه الخطوة تنديدا من قبل وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، الذي كتب عبر منصة إكس: "لا مكان لهذه اللافتة داخل الملعب".
واعتبر أن مثل هذه التصرفات محظورة في كرة القدم الفرنسية والأوروبية، مضيفا: "أطالب باريس سان جيرمان بتوضيح موقفه، وأطالب الأندية بضمان عدم إلحاق السياسة ضررا بالرياضة، التي يجب أن تبقى سببا للوحدة".
وتابع وزير الداخلية: "في حال تكرار ذلك، سنضطر لمنع الأندية التي لا تطبّق القوانين من رفع لافتات".
عقوبات فرنسية محتملة
فيما قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) إن النادي الفرنسي لن يواجه عقوبات، لم يستبعد ريتايو ذلك.
وأوضح اليويفا: "لن يُفتح إجراء انضباطي، لأن اللافتة المرفوعة لا يمكن اعتبارها استفزازية أو مهينة في هذه الحالة بالذات".
لكن ريتايو قال رداً على سؤال من إذاعة (سود) عما إذا كان سيسعى لفرض عقوبات على باريس سان جيرمان، "لا أستبعد أي شيء. سأطالب باريس سان جيرمان بتوضيح الأمر".
وقال: "بالتأكيد تقع المسؤولية على عاتق رئيس النادي. أريد أن أعرف كيف وصلت هذه اللافتة إلى الملعب وكيف تم فتحها وعرضها".
نادي باريس سان جيرمان قال بعد المباراة، إنه لم يُبلغ بأي نوايا لرفع هذه اللافتة.
وأضاف في بيان: "يؤكد النادي أن ملعب "حديقة الأمراء" مخصص ليكون مكانا يجتمع فيه الناس حول شغفهم المشترك بكرة القدم، ويعارض بشدة أي رسائل ذات طابع سياسي داخله".
ووصف رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، يوناثان أرفي، اللافتة بـ "الفضيحة"، قائلا إنها "تظهر مقاتلا فلسطينيا ملثما" و"خارطة لا مكان فيها لدولة إسرائيل".
وأضاف: "هذه ليست رسالة سلام، بل دعوة إلى الكراهية".
وتحظر قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم استخدام الإيماءات أو الكلمات أو الأشياء أو أي وسيلة أخرى لنقل "رسالة استفزازية" تعتبر غير مناسبة لحدث رياضي، وخاصة الرسائل ذات الطبيعة السياسية أو الإيديولوجية أو الدينية أو الهجومية.
وتصل قيمة الغرامة لقاء رفع لافتة سياسية إلى 10 آلاف يورو للمرة الأولى، بحسب الاتحاد الأوروبي للعبة.
والعام الماضي، فُرضت على فريق سيلتك الأستكتلندي غرامة قدرها 17.5 ألف يورو، لأن جماهيره لوحت بالعلم الفلسطيني خلال مباراة في دوري أبطال أوروبا.
"حرب على أرض الملعب"
"حرب على أرض الملعب، ولكن السلام في العالم"، هذا ما كتبته جماهير للنادي الفرنسي أسفل اللافتة الضخمة خلف مرمى داخل الملعب الذي يتسع لنحو 48 ألف متفرج.
وخلال المباراة، رفعت الجماهير لافتة أخرى كتب عليها، "هل حياة طفل في غزة أقل أهمية من حياة طفل آخر؟"
ويأتي ذلك وسط استمرار إسرائيل في شن عملياتها العسكرية في قطاع غزة ولبنان. وقتل في القطاع الفلسطيني أكثر من 43 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 100 ألف آخرين، بحسب ما ذكرت وزارة الصحة في القطاع.
كما تشن إسرائيل عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلة.
مباراة فرنسا وإسرائيل
يأتي هذا أيضا قبل نحو أسبوع على استضافة منتخب فرنسا لكرة القدم نظيره الإسرائيلي على ملعب "دو فرانس" في باريس، الذي يتسع لنحو 80 ألف متفرج، ضمن بطولة دوري الأمم الأوروبية.
وأثيرت تساؤلات حول الإجراءات الأمنية المحيطة بالمباراة، في بلد يستضيف أكبر جالية يهودية في أوروبا والثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى أكبر عدد من المسلمين في أوروبا.
والاثنين الماضي، دخل نشطاء مؤيدون للفلسطينيين مقرّ الاتحاد الفرنسي لكرة القدم في باريس، للاحتجاج على تنظيم المباراة في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في الجولة الخامسة من منافسات المجموعة الثانية ضمن مسابقة دوري الأمم الأوروبية، وفق ما ذكر الاتحاد.
وحمل النشطاء لافتات كتب عليها على وجه الخصوص "لا لمباراة فرنسا وإسرائيل" أو "دوري أبطال الإبادة الجماعية"، مطالبين الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بـ "حظر إسرائيل".
ووصف مدير شرطة باريس، لوران نونيز، في 17 أكتوبر/تشرين الأول، المباراة، بأنها "عالية الخطورة"، وأضاف أنها ستخضع لـ"نظام أمني معزز جدا خارج وداخل الملعب".
في المقابل، نقلت مباراة بلجيكا وإسرائيل في سبتمبر/أيلول الماضي ضمن البطولة ذاتها، إلى المجر، حيث أقيمت خلف أبواب مغلقة، بعد رفض مدن بلجيكية عدة استضافة المباراة، خوفا من التجاوزات.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، خلال الجولة الثالثة من مسابقة دوري الأمم، نقلت أيضا المباراة بين إسرائيل وفرنسا (4-1)، إلى المجر.
وحظرت فرنسا التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، بعد هجوم حماس على أراض إسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلا أن هذا الحظر رفع بعد قرار من محكمة فرنسية.