بُمرور ثلاث سنوات على الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، والتي أوصلت حزب التجمع الوطني للأحرار إلى قيادة الحكومة، بعد حصوله على 102 مقعدا في الغرفة الأولى للبرلمان، يصبح العدّ العكسي لنهاية ولايتها قد انطلق.
فما حصيلة حكومة عزيز أخنوش الذي استبشر المغاربة خيرا بتصدر حزبه لائحة الأحزاب المغربية، أمام الهزيمة الكبرى التي مني بها حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية في الانتخابات، بعدما حصد 13 مقعدا فقط في مجلس النواب، مقارنة ب125 مقعدا في آخر انتخابات 2016؟
وإذا كانت شعبية حزب الاسلاميين قد شهدت مسار التراجع بنحو دراماتيكي، بسبب استنفاذه رصيد ثقة المغاربة، فهل نجح عزيز أخنوش في كسب رضاهم، وهل أوفى بكافة العهود التي سطرها في برنامجه الحكومي؟
“اعتقدت أن الحكومة الحالية ستشفي الخيبات التي راكمتها الحكومة السابقة، إلا اني كنت مخطئا”، يقول رضا، مواطن من مدينة الرباط، ويتأسف محمد، أستاذ في التعليم الاعدادي بمدينة الدار البيضاء، على النزيف الذي سببته القرارات الحكومية واصفا إياها بـ”الارتجالية”، ليستنكر آخر الغلاء الذي شهدته أسعار المواد الغذائية، وتثور فاطمة غاضبة، وهي طالبة بكلية الطب، كنت آمل أن أدرس تخصصي في بلدي بدون أي معيقات، إلا أن الوضع أجبرني على التفكير في الهجرة ،وفي المقابل، وبنبرة هادئة، قال عبد الله، وهو ينتظر دوره أمام كشك مصرفي، لا يمكن التنبؤ بشيء قبل وقوعه، فالأجدر أن نتريث إلى حين نهاية عمر الحكومة، بعدها يمكن تقييم جل التدابير التي اتخذتها في التجاوب مع مختلف الملفات موضوع الأزمات الخانقة.
خالد البكاري، المحلل السياسي، قال جوابا على سؤال حول تقييم حصيلة عمل الحكومة خلال السنوات الثلاث الأولى من ولايتها، إنه من النادر جدا أن تتوافق تقييمات المواطنين مع تقييمات خبراء الاقتصاد والمحللين السياسيين، والسبب راجع إلى أننا عشنا جميعا ثلاث سنوات عجاف، كانت مطبوعة بأسوء تدبير حكومي في تاريخ الحكومات المتعاقبة.
وأكد البكاري في حديثه لـ”الأيام24″، أن الأمر يزداد سوءا إذا أدركنا أننا نعيش كذلك أسوء ولاية برلمانية، لاسيما وأن هناك ملاحظات على بعض النواب البرلمانيين، الذين ارتبطت أسماؤهم بقضايا تورطوا فيها لتعرض أمام المحاكم.
وفي هذا الصدد، أوضح البكاري أنا الربط بين البرلمان والحكومة يعود إلى أن هذه الأخيرة منبثقة من أغلبية برلمانية غير مسبوقة، فالأحزاب الثلاثة التي تدبر الحكومة هي نفسها التي تهيمن بنحو مطلق على الهيئة التشريعية، وعلى تسيير الجماعات الترابية ومجالس الجهات.
وأضاف المتحدث نفسه أنا هذا الأمر كان يمكن أن يشكل نقطة قوة لهاته الحكومة، وكان يفترض أن يكون هناك تناغم كبير بين السلطتين التنفيدية والتشريعية، وأن تكون هناك أرضية لتنزيل القرارات الحكومية على المستويات القطاعية والترابية والجهوية.
وتأسف البكاري عن التدبير الحكومي الذي أعلن، وعلى عكس الادعاءات التي قدمت في التصريحات الرسمية، أن الحكومة ستكون حكومة كفاءات، وفي المقابل أبان تدبير مجموعة من القطاعات عن العشوائية والارتجال، وإعادة تدوير نفس سياسات الحكومات السابقة.
وفي السياق ذاته، اعتبر المحلل السياسي أن التدبير الحكومي اتضح أنه ضد التوجهات المعلنة للدولة الاجتماعية، إلا أن الأرقام التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط أبانت عن اتساع دائرة الفقر خلال السنوات الثلاث الماضية، الأمر نفسه كشفه تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي الذي أظهر توسع معدل البطالة داخل فئة الساكنة النشيطة، مما يدل على أن الحكومة فشلت كذلك في تدبير القضايا الاجتماعية، فضلا عن نوع من الارتجالية لمسها المواطنون سواء في تدبير صناديق الضمان الاجتماعي أو خلال توجههم للمستشفيات العمومية.
وفي حديث آخر، أكد البكاري أن المنتفع الأكبر خلال الفترة الماضية من الولاية الحكومية هو أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، والذين يشكلون القاعدة السياسية والاجتماعية للأحزاب الثلاث التي تدبر الشأن الحكومي، بحيث استفادوا من اعفاءات تخفيضات ضريبية وغيرها.
وغير بعيد عن ذلك، قال المتحدث نفسه أن التدبير الحكومي تميز كذلك بعودة النسق الاحتجاجي في كل القطاعات المفصلية، كالتربية الوطنية، والصحة العمومية، والعدل، و هذا يدل على أن انتاج المراسيم التنظيمية والقانونية، وكذا السياسات العمومية، يتسم بعدم استجابته للحد الأدنى من تطلعات المغاربة.
وفي نفس الموضوع، أوضح البكاري أن الأداء الحكومي تميز بنوع من الترضية في تسمية الوزراء وكتاب الدولة، كذلك في التعيين في المناصب العليا، أو في تشكيل دواوين الوزراء، ليكون المعيار الأساسي مرتبطا وبنحو واضح بالقرابة الحزبية أو العائلية، مما انعكس سلبا على تدبير مجموعة من القطاعات.