هذه مسطرة المصادقة على مشروع قانون مالية 2025



 

يكتسي مشروع قانون المالية أهمية كبرى لارتباطه بمختلف السياسات العمومية ومختلف القطاعات الحكومية، وبالحياة اليومية للمواطن، وبنسبة الاستثمار ومعدل النمو وغيرها، ولهذا فالأصل أن مناقشة مشروع قانون المالية تحظى باهتمام كبير من قبل كل الفاعلين، لذا نبين في هذا الصدد، مسطرة المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2025، خاصة في خضم النقاش الجاري بهذا الخصوص، بمجلس النواب.

 

 

أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط عبد المنعم لزعر، أكد أن مشروع قانون المالية يعد وثيقة مهمة في الحياة السياسية والتشريعية في المغرب وفي غالبية التجارب الدستورية.

 

 

وأضاف لزعر، في حديث لـ”الأيام 24″، أن لحظة التصويت على مشروع قانون المالية تشكل حدثا دستوريا وتشريعيا وسياسيا مركزيا، لأنها تكشف أولا عن التوجهات العامة للحكومة ورؤيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستقبلية وأولوياتها وخططها ووضعها المالي وغيرها من المؤشرات المهمة للتعرف على وضعية البلاد.

 

 

وأبرز أن لحظة المناقشة والتصويت على مشروع القانون المالي، هي “لحظة مهمة لفرق الأغلبية ولفرق المعارضة، لاختبار تماسك الأغلبية وكذا فعالية المعارضة”، مردفا أنها “تمنح للطرفين فرصة سياسية، بالنسبة للأغلبية للدفاع عن تجربتها الحكومية واختياراتها البرنماجية والمالية، وللمعارضة لمساءلة مجموع أعمال الحكومة ومحاولة تقديم واقتراح بدائل لمعالجة الاختلالات المحتملة”.

 

 

 

وأوضح لزعر، أن التصويت على مشروع القانون المالي يخضع لمسارين، مسار دستوري مسطري ومسار آخر سياسي، مبينا أن كل مسار يتأثر بالمسار الآخر ويؤثر ويحاول التأثير فيه.

 

 

وبالنسبة للمسار الدستوري المسطري، يضيف لزعر، فإن كل مشروع قانون مالي يخضع للهندسة والإعداد على مستوى وزارة المالية وبالأخص المصالح المكلفة بالميزانية، وبعدها يتم عرض التوجهات العامة لمشروع القانون المالي على أنظار المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك، ليتم بعدها صياغة مشروع قانون مالي يتم عرضه على المجلس الحكومي الذي يرأسه رئيس الحكومة.

 

 

وتابع أنه “مباشرة بعد تداول المجلس الحكومي في مشروع القانون المالي، يتم إيداع المشروع بمكتب مجلس النواب بالأسبقية (أسبقية مجلس النواب على حساب مجلس المستشارين)”، ملفتا إلى أن “هذا الإيداع مقيد بأجل لا يجب تجاوزه وهو 20 أكتوبر من السنة المالية الجارية على أبعد تقدير”.

 

 

وبعد إيداع مشروع القانون المالي بمكتب مجلس النواب، يردف لزعر، “تتم برمجة جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين للاستماع لتقديم مشروع القانون المالي من طرف الوزير المعني داخل الحكومة”، معتبرا أن هذا التقديم يعد الحلقة الأولى من حلقات مترابطة تهم مناقشة ودراسة والتصويت على مشروع القانون المالي.

 

 

وذكر أن عملية مناقشة ودراسة مشروع القانون المالي تبدأ على مستوى لجنة المالية داخل مجلس النواب، وفق مسطرة محددة تبدأ بتقديم المشروع من طرف الوزير المعني، ثم الاستماع للبيانات الإضافية حول مشروع القانون المالي، إلى فتح المجال لتدخلات النواب وفق قاعدة التمثيل النسبي، وإجراء المناقشة التفصيلية للمشروع مادة مادة، إلى تقديم التعديلات، والبت فيها إما بالقبول أو الدفع بعدم القبول إلى التصويت على مشروع القانون المالي على مستوى لجنة المالية بشكل تفصيلي أو إجمالي، مشيرا إلى أنه بالموازاة مع اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، تجتمع باقي اللجان داخل المجلس للمناقشة والدراسة والتصويت على الميزانيات القطاعية.

 

 

 

وبخصوص التصويت على مشروع القانون المالي، قال لزعر، إنه يتم وفق مسطرة خاصة، مبينا أن التصويت يجب أن يتم داخل أجل 30 يوما، إضافة إلى أن التصويت على مشروع القانون المالي يتم داخل لجنة المالية وعلى مستوى الجلسة العامة، حيث يتم التصويت على الجزء الأول من المشروع الخاص بالمداخيل ثم التصويت على الجزء الثاني من المشروع الخاص بالنفقات.

 

 

 

وأردف أنه إذا تم التصويت بالرفض على الجزء الأول لا يتم عرض الجزء الثاني للتصويت ويعتبر رفض التصويت رفضا للمشروع كليا، مشيرا إلى أنه يتم التصويت على مشروع القانون المالي مادة مادة ويمكن للحكومة أن تطلب اعتماد التصويت الاجمالي، ونبه إلى أن التصويت على مشروع القانون المالي يتم بأغلبية الحاضرين.

 

 

وذكر لزعر، أنه بعد التصويت على مشروع القانون المالي على مستوى مجلس النواب داخل أجل 30 يوما أو في حالة الفشل في التصويت عليه داخل هذا الأجل، تتم إحالة المشروع على مجلس المستشارين لمناقشته ودراسته والتصويت عليه داخل أجل 22 يوما.

 

 

 

وفي حالة تصويت مجلس المستشارين على مشروع القانون المالي مع إدخال تعديلات عليه، يوضح لزعر، يحال بالصيغة المعدة على مجلس النواب في إطار القراءة الثانية للدراسة والتصويت ويملك مجلس النواب هنا سلطة التصويت النهائي على المشروع.

 

 

وتابع أنه في حالة تصويت مجلس المستشارين برفض نص المشروع، فإنه يحال كذلك المشروع الذي تم رفضه من قبل مجلس المستشارين على مجلس النواب للدراسة والتصويت في إطار القراءة الثانية، ويملك كذلك مجلس النواب هنا سلطة التصويت النهائي على مشروع القانون.

 

 

وبعد عرضه لمسطرة مناقشة والمصادقة على مشروع قانون المالية، سجل لزعر، أربع ملاحظات أساسية بهذا الخصوص، الأولى: هي أن تصويت مجلس المستشارين بالرفض على مشروع قانون المالية لا يؤثر على مسار هذا المشروع ويمكن اعتماده في حالة تصويت مجلس النواب في قراءة ثانية على مشروع القانون المالي.

 

 

أما الملاحظة الثانية، حسب لزعر، فهي في حالة فشل مجلس النواب في التصويت على مشروع القانون المالي خلال القراءة الأولى داخل أجل 30 يوما يتم مع ذلك إحالة المشروع إلى مجلس المستشارين لدراسته ومناقشته والتصويت عليه رغم فشل مجلس النواب في التصويت عليه.

 

 

وأضاف لزعر، أن الملاحظة الثالثة هي أنه في حالة فشل مجلس النواب في التصويت على مشروع القانون المالي في القراءة الثانية قبل نهاية السنة المالية فإن الحكومة تقوم بفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة.

 

 

وأفاد لزعر، أن الملاحظة الرابعة، تتعلق بكون عملية التصويت على مشروع القانون المالي والمقتضيات القانونية والمسطرية المؤطرة تمنح الهيمنة للحكومة على البرلمان وهي هيمنة تمكن الحكومة من تلافي أي مفاجأة قد تواجه مشروع القانون المالي في طريق المصادقة.

 

 

وأشار إلى أهم الآليات التي تمتلكها الحكومة في هذا الصدد، تتمثل في الدفع بعدم قبول التعديلات التي قد يتم إدخالها على مشروع القانون المالي، إضافة إلى أن المعطيات السياسية تؤثر بشكل كبير على مسطرة إقرار مشروع قانون المالي، معتبرا أنه عندما تكون الحكومة متسلحة بأغلبية آمنة (عدد كبير من النواب داخل مجلسي البرلمان) فإن مشروع القانون المالي يكون في فسحة أمام مجلسي البرلمان ولا يواجه أي منعطفات حرجة خاصة عندما تكون الأغلبية في مواجهة معارضة ضعيفة كما هو حال هذه التجربة.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً