ط.غ
في قواميس الدبلوماسية، هناك مفاهيم متعددة تتجاوز الدبلوماسية التقليدية والجامدة بين الدول، التي يُلجأ إليها لحلحلة ملفات ثنائية عالقة، وتجنب القطيعة والتوتر أو اندلاع مواجهة عسكرية.
فمن مستجدات الدبلوماسية هناك تلك المتعلقة بالمساعدات الإنسانية التي تقفز على الخلافات والتواترات التي تظهر بين الفينة والأخرى، ومن ثم تؤسس لفعل سياسي إنساني بامتداد شعبي.
مناسبة إثارة هذا الموضوع، ما لوحظ بخصوص ارتقاء المغرب وإسبانيا إلى أعلى درجات الدبلوماسية، حيث تجاوزا “التطبيع السياسي التقليدي” إلى آخر دبلوماسي إنساني، إذ منذ إعلان مدريد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه، اختارت عرض المساعدة على المملكة في محنة زلزال الحوز.
المغرب تلقى آنذاك عروض مساعدات كثيرة، قبل منها عروض إسبانيا وبريطانيا وقطر والإمارات، حاصرا إياها في الجانب التقني فقط.
بدوره، سيرد المغرب على إسبانيا ويعرض مساعدتها في أزمة فياضانات فالنسيا الأخيرة، حيث أرسل شاحنات وفرق مساعدات للدعم السلطات الاسبانية في أزمتها.
ويرى متتبعون، أن قبول مساعدات العاصمتين لبعضهما البعض تعد درجة رفيعة في متانة العلاقات وصلابتها أمام تقلبات الحسابات والمصالح.
غير أنه إذا كانت دبلوماسية المساعدات الإنسانية قد نجحت في تطبيع علاقات المغرب وإسبانيا، إلا أنها لم تفلح في تحريك المياه الراكدة بين الجزائر والمغرب رغم مرورهما بأزمات وكوارث طبيعة، فالجزائر رفضت عندما اندلعت حرائق بغاباتها، المساعدة المغربية، رغم إعراب الرباط رسميا رغبتها في دعم الجارة الشرقية في محنتها.
ومعروف أنه ليس هناك ما يلزم الدول في بنود القانون الدولي على تقديم المساعدات الإنسانية أثناء وقوع الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تصيب العالم. باستثناء التزاماتها الأخلاقية تجاه من تضرر من المجتمعات التي وقعت تحت الكارثة.
وتقديم المساعدات إلى الدول المتضررة، لا يمكن توجيهها رغم إعلان النية عن إرسالها، إلا إذا أعلنت تلك الدولة عن قبولها رسميا. ويكون القبول أو الرفض في هذه الحالة الخاصة، بناء على تحديدٍ دقيقٍ لنوع المساعدة التي تهدف الدولة المتضررة الحصول عليها، كما يتم الأخذ بعين الاعتبار نوع المساعدة وكذلك الدولة التي ستقوم بتقديمها في كثير من الحالات.
ومن الشروط الضرورية في القانون الدولي، أثناء الإعلان عن تقديم المساعدات الإنسانية أثناء الكوارث، ضرورة احترام سيادة الدول، مع وجوب موافقة البلد المتضرر أثناء تقديم طلب أو نداء يوجه إليه. وما يجب الانتباه له، أنه ليس كل مساعدة إنسانية هي بالضرورة تحمل جوهرها.
وتستغل الكوارث دبلوماسية المساعدات في الجيوبوليتيك، والتأثير، كنوع من القوة الناعمة، تنتظرها دول عدة بفارغ الصبر، لوضع طابع من التسييس على المساعدات الإنسانية.