أضحت مرافق رياضية تم تشييدها على مستوى مدينة الدار البيضاء في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مصدرا للربح من قبل مجموعة من الأشخاص مجهولي الصفة القانونية، يستخلصون الأموال من طرف الجمعيات الرياضية والمواطنين المغاربة دون إعطاء وصل يثبت أداء هاته المبالغ المالية عن كل ساعة محجوزة.
وحسب مصادر “الأيام 24″، فإن بعض ملاعب القرب الموجودة في مناطق الدار البيضاء توجد تحت سيطرة جمعيات تابعة لأحزاب سياسية، وذلك بشكل يتنافى مع مبدأ “دمقرطة الولوج إلى المرافق التابعة للدولة المغربية”، بهدف توظيف حقوق الساكنة (أماكن الترفيه) في حسابات إنتخابية سابقة لأوانها.
وسبق لوزارة الشباب والرياضة أن أصدرت قراراً نشر في الجريدة الرسمية يوم فاتح نونبر 2018، يقضي بمجانية الولوج إلى القاعات الرياضية والمراكز السوسيو رياضية للقرب التابعة للوزارة، مع عدم استخلاص الواجبات المنصوص عليها في القرار السابق تحت طائلة المساءلة القانونية.
في هذا الصدد، قال عماري محمد، نائب المنسق الجهوي لجهة الدارالبيضاء-سطات للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، إنه “من خلال التطرق لملاعب القرب والخروقات التي قد تحدث سواء في التدبير أو استخلاص مقابل الاستغلال، يمكن القول أن هذه الإشكاليات تعكس بعض التحديات التي تواجه هذه المرافق الرياضية التي تدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتعتبر استثماراً في مستقبلِ الشباب المغربي، والتي تحتكر تدبيرها بعض الجمعيات التابعة لأحزاب سياسية تشرف على تدبير الشأن المحلي، بهدف استمالة أصوات الناخبين في حملات انتخابية سابقة لأوانها، وذلك في العديد من المناطق على مستوى مدينة الدارالبيضاء وبعض المدن الأخرى”.
وأضاف العماري، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “التدبير العشوائي يتجسد في بعض الحالات من خلال غياب التخطيط السليم في إدارة الملاعب، مما يؤدي إلى مشاكل في الصيانة والنظافة، فضلاً عن نقص الكوادر المؤهلة، مما يؤثر على جودة الخدمة المقدمة للمستفيدين ويزيد من مشاعر الاستياء لدى المواطنين”.
وحسب المتحدث عينه فإن “انتشار ظاهرة إغلاق هذه الملاعب يؤثر على التنمية السليمة لأطفال وشباب مناطق الدار البيضاء، ودفعهم للارتماء في أحضان الجريمة وتناول المخدرات وتسهيل عملية اختراقهم من طرف شبكات الاتجار في البشر”.
وأردف أيضا أن “مشكل استخلاص المال مقابل الاستغلال، وفرض رسوم غير قانونية أو مبالغ غير معقولة على المستفيدين من الملاعب، يتعارض مع الهدف الأساسي من إنشاء هذه الملاعب كمساحات رياضية مفتوحة للجميع، وللتذكير فإن كرة القدم موجهة للفقراء وليس للاستثمار، وقد جعل منها المشرفين على تدبير ملاعب القرب مصدرا للربح والاغتناء غير المشروع”.
وتابع: “نلاحظ بمدينة الدار البيضاء ممارسات غير شفافة في جمع وتدبير هذه الأموال العمومية بدون رقابة ولا محاسبة، وبهذه المناسبة نطالب من مصالح وزارة الداخلية التحرك العاجل للوقوف على السند القانوني لاستخلاص رسوم الاستغلال وكيفية تدبيرها وأين تذهب، ومن المستفيد منها”.
وأشار نائب المنسق الجهوي لجهة الدارالبيضاء-سطات للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب إلى أن “كل هذا يؤدي إلى عدم التكافؤ في الوصول إلى الاستفادة من خدمات هذه الملاعب في بعض المناطق وفي مناطق أخرى غير متاحة تماما لجميع الفئات الاجتماعية، مما يزيد الفجوة في الاستفادة من هذه المرافق”.
وخلص العماري حديثه قائلا: “يمكن اعتبار استخلاص رسوم الاستفادة نهبا للمال العام، ونطالب وزارة الداخلية والسلطات القضائية بفتح تحقيق فوري لكشف مصير الأموال المستخلصة، وتحديد المسؤولين عن استغلالها، لضمان محاسبة كل المتورطين والمتواطئين للحد من التطاول على هذه المرافق العمومية ذات الطابع الاجتماعي ليتم تعزيز الشفافية في تدبير هذه الملاعب، مع المطالبة بوضع آليات صارمة للرقابة على كيفية استخلاص مقابل الاستغلال”، مضيفا أنه “يجب العمل على تحسين الكفاءة الإدارية لضمان ولوج عادل لجميع الفئات بشكل مجاني إلى هذه الملاعب”.