هل يولد المجرمون أشرارا؟
في مساء يوم 20 غشت 1989، دخل الأخوان إريك ولايل مينينديز إلى داخل منزلهما في بيفرلي هيلز، حيث كان والديهما يشاهدان فيلم، الجاسوس الذي أحبني، وأطلقا النار عليهما من مسافة قريبة ببندقية. حُكم عليهما بالسجن مدى الحياة دون إفراج مشروط، ولسنوات، تلاشت قصتهما إلى حد كبير عن دائرة الضوء. ثم في شتنبر الماضي، عادت قصتهما لتتصدر العناوين الرئيسية بعد عرض مسلسل درامي على شبكة نتلفلكس Netflix وفيلم وثائقي حول ما حدث لهما. ما دفع بقضيتهما حاليا لتصبح قيد المراجعة بسبب أدلة جديدة لم تُقدم في محاكمتهما. وفي يوم الإثنين الماضي، بعد 28 عاما من آخر ظهور لهما في قاعة المحكمة، حضر الأخوان جلسة الاستماع من السجن عبر الهاتف، حيث ناشدت عمتهما إطلاق سراحهما. قالت: "أعتقد أن الوقت قد حان لعودتهما إلى المنزل". ومن ناحية أخرى، وصف عمهما الأخوين بأنهما "دمويان" ويعتقد أنهما يستحقان السجن مدى الحياة. ما أذهلني، وأنا أشاهد كل هذا يتكشف أمام عيني، هو الوصف المتعارض الذي أطلقه وصوره بهما أشخاص مختلفون بما في ذلك أفراد أسرهم. هل الأخوان مينينديز، على حد تعبير اسم الدراما على نتفلكس، "وحوش" حقا؟ أم أنه من الممكن أن يكونا قد تغيرا، كما تدعي عمتهما؟

السفاح "الضعيف"
في عام 1996، وبعد وقت قصير من بدء عملي في مستشفى برودمور للأمراض النفسية أثناء إكمال تدريبي في العلاج النفسي، توليت رعاية مريض يُدعى توني. لقد قتل ثلاثة رجال وقطع رأس أحدهم. لقد قرأت الكثير من التقارير المروعة عن السفاحين، ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك سوى القليل من النصائح المتاحة حول كيفية التحدث إلى أحدهم أو تقديم العلاج لهم، وتساءل جزء مني عما إذا كان هناك أي جدوى من ذلك. كيف يمكننا أن نعرف ما إذا كان هذا شيء "جيد"؟ بعد أن أمضى توني 10 سنوات من عقوبته طعنه ثلاثة سجناء آخرين بفرشاة أسنان حادة. وتلا ذلك محاولته الانتحار. في جلستنا الأولى، كان هناك صمت. طوى توني ذراعيه وتجنب النظر في عيني. وعندما رفع نظره، كانت عيناه داكنتين لدرجة أنهما بدتا سوداوتان تقريبا. كان يعاني من الاكتئاب والكوابيس. قال في النهاية، كاسرا الصمت: "كنت أعتقد أن المكان هادئ هنا. هناك رجل في الغرفة المجاورة لغرفتي يستمر في الصراخ في الليل". لقد استغرق الأمر منه شهورا حتى ينفتح ويتحدث عن كابوسه المتكرر. في ذلك الكابوس، كان يخنق شابا تحول إلى والده. لقد قادنا ذلك إلى مناقشة جرائمه وأسرته وكيف عانى توني عندما كان طفلا من إساءة المعاملة العنيفة على يد والده، وفي المقابل، بدأ في التنمر على الآخرين. علمت لاحقا أن الرجل "في الغرفة المجاورة" الذي كان يصرخ في الليل كان توني نفسه. اقترحت أنه ربما كان يصرخ بالأشياء التي لا يستطيع التعبير عنها. ألقى بوجهه بين يديه، وبصوت مكتوم صرخ. "لا لا لا أريد ذلك"، اعترف. "لا ديمكنني أن أكون ضعيفا إلى هذا الحد". عملت مع توني لمدة 18 شهرا وشعرت بالتعاطف والاحترام لصدقه، حتى مع أنني ما زلت أذكر حجم الدمار الرهيب الذي تسبب فيه. كانت حقيقة أنه طلب هذا العلاج بنفسه أيضا علامة على أن جزءا منه كان مستعدا ليظهر جانب الضعف فيه. علمتني هذه التجربة المبكرة أنه بغض النظر عن تاريخهم، إذا كان الناس - بما في ذلك السفاحين "من ارتكبوا سلسة من جرائم القتل" - قادرين على أن يكونوا فضوليين بشأن ما يدور ويجري عقولهم، فهذا دليل على أن هناك فرصة لأن نتمكن من استخلاص معنى من الفوضى التي تدور في أفعالهم.الأشرار في مواجهة العقول الشريرة
عندما يتعلق الأمر بالسفاحين، يُفترض عموما أنهم مصابون باضطراب نفسي، لكنني لم أقتنع بأن هذا ينطبق على توني. فمن غير المرجح أن يطلب المصابون باضطراب نفسي المساعدة لأنهم لا يريدون القيام بأي شيء يعتبرونه مهينا، وعلى هذا الأساس وحده لم يكن هذا التوصيف وهذه المعايير لتنطبق على توني، لأنه طلب العلاج. لم يكن المصابون باضطراب نفسي الذين قابلتهم في حياتي المهنية أذكياء بشكل استثنائي لكنهم غير قادرين على التفاعل الاجتماعي، ولا يتمتعون بالجاذبية على الإطلاق. وعادة ما يفتقرون إلى التعاطف لدرجة أنهم لا يستطيعون رؤية التأثير الذي يحدثونه على الآخرين. وعلى عكس الاعتقاد السائد، فإن قِلة قليلة من القتلة مصابون باضطراب نفسي، وخاصة مرتكبي جرائم القتل المنزلية مثل الأخوين مينينديز.