22 صوتا وغياب لافت.. قانون الإضراب يفضح تهاون البرلمانيين؟



 

أغلبية تضم 22 صوتا مقابل 7 معارضين، كانت حصيلة التصويت على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي صادقت عليه لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أمس الأربعاء.

 

كشفت هذه الأرقام مفارقة غريبة تتحدى المنطق، بين أهمية القانون الذي أثار وجهات نظر متباينة بين الفاعلين السياسيين والنقابيين من جهة، وبين الغياب غير المفهوم للبرلمانيين الذين كان من المفترض أن يتفاعلوا ولو بالتصويت في اللجنة، كخطوة أولية في مسار هذا المشروع الذي سيعرض بعد ذلك على مجلس النواب والمستشارين.

 

ولطالما كان يثير غياب البرلمانيين عن الجلسات العمومية واللجان الدائمة سجالات سياسية محتدمة في العديد من الديمقراطيات، إلا أن هذه الظاهرة التي تتكرر في العديد من المؤسسات التشريعية، باتت تفتك بسمعة العمل البرلماني، وبأداء الأعضاء بالغرفتين، بحيث يجدها البعض استهتارا وعدم تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

 

 

ووفقا للنظام الداخلي للمجلسين بالبرلمان، فقد أطر المشرع الغياب عن اللجان الدائمة بإجراءات تأديبية، حيث يتلى اسم النائب البرلماني الغائب في الاجتماع الموالي للجنة، ويتم الاقتطاع من أجرته على حسب عدد الأيام التي غاب فيها، ثم تُنشر أسماء البرلمانيين الغائبين في النشرة الداخلية للمجلس وفي الجريدة الرسمية، وكذلك في الموقع الإلكتروني، ولو أن هذه الآلية تسبب نوعا من الإحراج المعنوي للنائب المعني بها، إذ إنها تحرجه مع الناخبين الذين انتخبوه.

 

 

وارتباطا بآخر مستجد، فقد أثار الإعلان عن أسماء النواب البرلمانيين المتغيبين عن الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنه 2025، بشكل علني جدلا كبيرا داخل نواب الأغلبية، الذين رفضوا استخدام أسماءهم كوسيلة للزجر، وكان نور الدين مضيان، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أول رافضي هذه العملية المنصوص عليها ضمن مدونة الأخلاقيات البرلمانية، بعد تحريره لتظلم كتابي وتسليمه لأعضاء لجنة الأخلاقيات البرلمانية.

 

وفي مقابل ذلك، فإن خيار الاقتطاع من أجرة المتغيبين كإجراء تأديبي وردعي لغياب البرلمانيين، لن يؤثر بالشكل المفترض، لاسيما وأنه بالرجوع إلى البروفايلات الاجتماعية لهؤلاء، يتبين أن معظمهم من الأعيان ومن رجال الأعمال، لترتفع الأصوات المطالبة باعتماد وسائل أكثر صرامة، لتقييد النواب والمستشارين المتغيبين بشكل غير مبرر، وفرض عقوبات تضع حدا لهذا التسيب، لضمان حضور فاعل، ومشاركة مسؤولة في مناقشة الملفات الوطنية الهامة.

 

وتفاعلا مع الموضوع، فسر المصطفى القريشي، أستاذ القانون العام بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، ورئيس مركز الدراسات و الأبحاث حول الإدارة العمومية، ظاهرة الغياب بأنها ترتبط بثلات نقاط أساسية، النقطة الأولى تخص العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث إن انتخابات 2021 أفرزت أغلبية جد مريحة للحكومة، وبالتالي فإن هذا الأمر يجعل مجموعة من البرلمانيين يعتبرون أن حضورهم كعدمه، وبأنه لن يغير شيئا، إضافة إلى مجموعة من النصوص القانونية التي تنظم هذه العلاقة تعطي صلاحية أكبر للحكومة في فرض تعديلاتها، وفي عدم قبول ما يتقدم به البرلمانيون.

 

 

وأشار القريشي في تصريحه لـ”الأيام24″، إلى عدم وجود مجموعة من المقتضيات الزجرية التي تحد هذه الظاهرة، ذلك لأن هناك تساهل في غياب البرلمانيين وعدم محاسبتهم، ثم إن البنية الذاتية المرتبطة بالنواب البرلمانيين، تؤكد نقص الكفاءة، وعدم القدرة على مناقشة مجموعة من القضايا الحيوية المهمة، وهذا يرتبط بالمؤسسة الحزبية في الانتخابات التي تتيح لمجموعة من المترشحين الحصول على المناصب، عبر وسيطة القرابة، أو بناء على تزكيات، أو على قدرتهم على تمويل الحملة الانتخابية.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً