بعد أيام معدودة من زيارة ماكرون التاريخية للمغرب، والتي دشنت مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس، تعرضت حكومة ميشيل بارنييه لضربة قاضية من البرلمان الفرنسي بعد تفعيل مقترح “حجب الثقة” الدستوري وإسقاطها بشكل فوري، وهو ما أدى إلى حدوث حالة من الترقب داخل المملكة المغربية، خوفا من تعثر الاتفاقيات الثنائية الموقعة على ضوء هذه الزيارة.
وحسب مراقبون سياسيون، فإن “الخطوة التي أقدم عليها البرلمان الفرنسي بسحب الثقة من الحكومة، قد تكون لها تأثيرات سلبية على الشؤون الداخلية للدولة، نظراً للأزمة الاقتصادية التي تعيشها بفعل إرتفاع معدل المديونية، وتذبذت معدلات النمو”، مؤكدين على أن “الخطوط التي سطرتها كل من الرباط وباريس ستبقى واضحة لأنها مبنية على علاقة دولة بدولة”.
ونفض النواب الفرنسيين الغبار عن هذا المقترح الدستوري الذي تم تفعيله آخر مرة قبل 60 عاما وبالضبط خلال سنة 1962، وهو ما قد يدفع نحو تعمق الأزمة السياسية في البلاد، حيث حصل مقترح “إسقاط الحكومة” على دعم حوالي 331 نائبا من أصل 574، وهو العدد الذي يفوق الأغلبية بدعم اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان
وقال الحسين كنون، محام ومحلل سياسي، إن “فرنسا دولة عريقة في الديمقراطية، وأن سحب الثقة الذي تقدم به البرلمان بناء على الفقرة الثالثة من الفصل 49 من الدستور الفرنسي، جاء بعدما قام رئيس الحكومة بتمرير الموازنة دون عرضها على البرلمان للتصويت”، مشيرا إلى أن “الجناح اليساري أو اليميني المتطرف الذين يشكلون أغلبية ساحقة لهم إمكانية سحب الثقة، علما أن فرنسا لم تستعمل هذه المسطرة منذ 60 سنة”.
وتابع كنون، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “سقوط الحكومة الفرنسية جاء بعد أيام من زيارة ماكرون التاريخية للمملكة المغربية، وهذا لن يؤثر على العلاقات الثنائية بين باريس والرباط، لأن الاعتراف الفرنسي صادر عن دولة وليس أشخاص”، مؤكدا على أن “العمل الحثيث الذي تقوم به فرنسا سيبقى على نفس المستويات، لأن الحكومة الحالية ستقوم بتصريف الأعمال”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “باريس دخلت في علاقة جديدة مع المملكة المغربية مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل، وأن الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين سيتم تنزيلها على أفضل وجه”، مضيفا: “لا وجود لأي شكوك حول مصير الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين، لأن الزيارة الأخيرة وضعت قواعد أخرى للعبة الدبلوماسية بين الرباط وباريس”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “انهيار الأشخاص أو الحكومات لم يؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وأن الجمهورية الفرنسية الخامسة إلتزمت بشكل غير مسبوق مع المملكة المغربية، وقررت وضع خارطة طريق طموحة لتعزيز التعاون على عدة مستويات سواء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية”.
وزاد: “هذه الأزمة السياسية الجديدة قد تؤثر على الشؤون الداخلية لفرنسا، كتعثر التنمية والبرامج الاجتماعية المسطرة إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تعيشها باريس بسبب الأزمة العالمية، علما أن إسقاط الحكومة من طرف البرلمان يدل على نضج الديمقراطية داخل الجمهورية الفرنسية”.