انتخـاب “الوجوه القديمة” يسائل شعار التشبيب لدى الأحزاب المغربية



 

مباشرة بعد الإعلان عن اسم عبد الجبار الراشيدي، رئيسا للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، اليوم السبت 7 دجنبر من سنة 2024، خلال أشغال دورته الأولى، بتوافق بين أعضاء لجنته التنفيذية، وباقي أعضاء المجلس، حتى تجدد النقاش حول إشكالية التشبيب، والإنفتاح على الطاقات الشابة والنسائية، بدلا من تكرار نفس الوجوه التقليدية.

 

ويطرح هذا الوضع السؤال حول المقاربة التي تعتمدها الأحزاب السياسية في المغرب، وهل هناك صراع خفي غير معلن عنه بين النخب التقليدية والطاقات النسائية والشابة، أم أن الممارسة الحزبية هي المتحكمة في إنتاج نخب سياسية قادرة على تدبير الشأن الحزبي. بعض النظر عن الحضور الشبابي داخل هياكل الأحزاب السياسية.

 

وبالرغم من أن دستور 2011 يعد من الدساتير الديمقراطية التي تؤسس لإشراك الشباب والنساء في مسار ومسلسل تدبير الشأن العام، فإن الممارسة السياسية العملية تذهب في منحى مخالف لروح الدستور، باستثناء بعض المبادرات المحدودة الرامية إلى نرشيح بعض الأحزاب لبعض الوجوه الشابة، بغاية تلميع صورتها، إلا أن هذه المبادرات لا تتجاوز كونها تأثيث للوائح فحسب، واللافت في الأمر هو أن هذه الأحزاب الداعية إلى ضخ دماء جديدة في الهياكل الحزبية، هي نفسها ما تزال تقودها شخصيات متقدمة في العمر.

 

ولقد سبق للعديد من الخطابات الملكية أن ألحت بشكل متواتر على إشراك الشباب، وتعزيز تمثيليتهم، بهدف إدماجهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، غير أن واقع الممارسة الحزبية ظل يدير ظهره لكل المطالب والصيغ الاقتراحية، الهادفة إلى تعزيز حضور الوجوه الشابة في هياكل المسؤولية الحزبية.

 

 

وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى لان إشكالية تهميش مكانة الشباب في الهياكل التنظيمية الحزبية غير مرتبطة بحزب الإستقلال فقط، وإنما هي ظاهرة حزبية تسائل جميع الأحزاب السياسية، سواء المنتمية للتحالف الحكومي، أو المتموقعة في المعارضة، وهي تمس كافة المرجعيات، سواء ذات التوجه اليساري أو اليميني أو الوسطي.

 

 

ولا شك أنه، وفي ظل غياب مقاربة قوية للتشبيب داخل الأحزاب السياسية، والإكتفاء فقط بتكتيك الانفتاح الحذر على بعض الوجوه الشابة في نطاق محدود وضيق، من شأنه أن يعمق أزمة الديمقراطية الداخلية، ويؤثر بشكل مباشر على ظاهرة العزوف السياسي، التي أضحت تمس جيل الشباب، الذي يراهن عليه المغرب في الأوراش المستقبلية الكبرى المهيكلة في العقود المقبلة.

 

 

وبهذه المناسبة، يتعين على الأحزب السياسية التفكير في إعادة رسم علاقاتها مع الشباب، وتكسير جدار العزوف، لاسيما وأن فئة عريضة منهم سشكل جزءا كبيرا من الكتلة الناخبة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وهي فئة لها صورة سوداء على الشأن الحزبي، ولها تمثل سيئ للعمل السياسي، وبالتالي يلزم طرح سؤال محوري مفاده، ماذا أعدت الأحزاب السياسية لتغيير هذه الصورة في أذهان الشباب المغربي الذي ترعرع في أحضان وسائل التواصل الاجتماعي، ذات التوجه المعادي للمؤسسات وللانخراط المواطناتي ؟

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً