تواصل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الجمعة، جلسات الاستماع إلى المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”، والتي يُتابع على خلفيتها عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم القياديان السابقان في حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي بيوي.
خلال الجلسة، واجه القاضي المتهم “العربي .ط”، وهو منعش عقاري، بتفريغ صوتي لمجموعة من المكالمات الهاتفية المسجلة تنفيذا لأوامر قضائية، حيث تضمنت المكالمات حوارات بينه وبين موظفي شرطة، من بينهم “نصر الدين. س” و”خالد.ح” غير أن المتهم أنكر معرفته بالسليماني في البداية، قبل أن يعود ليقرّ بإمكانية وجود تعامل سابق بينهما بحكم عمله، لكنه لا يتذكر الاسم، نافيا أي علاقة تربطه بالشرطي “خالد .ح”.
وعند استفساره عن طبيعة أعماله، أكد المتهم “العربي .ط”، أنه يمتلك شركة تعمل في مجال العقارات في كل من وجدة وشمال إسبانيا، ولديه عقود مع مستثمرين لتشييد تجزئات سكنية، وأضاف أنه دخل مجال الفلاحة رفقة والده، معتبرا أن هذا النشاط يدر عليهم أرباحا متفاوتة سنويا.
وفي نفس السياق، جرى الاستماع إلى المتهم إسماعيل لمعلم خلال الجلسة ذاتها، والذي نفى بدوره أي تورط في عمليات تهريب أو تصدير المخدرات، وعند سؤاله عن علاقته بأحد المتهمين المالي، أجاب بأنه قام ببيع شقة له في مدينة المحمدية.
ورغم مواجهته باعترافات المتهم المالي، الذي أقرّ بحدوث عمليات تهريب لمخدر الشيرا عبر مناطق الراشيدية والريش وراس الخنفرة، وذكر اسم بعيوي كأحد المتورطين، والذي تم نقل 200 طن من المخدرات بسيارة رباعية الدفع الى حدود الجزائر لفائدته، إلا أن لمعلم أنكر جميع الاتهامات.
وتطرّق القاضي إلى واقعة إيداع مبلغ يفوق 500 مليون سنتيم باسم زوجة المالي الأوكرانية، مستندا إلى تسجيلات كاميرات المراقبة وشهادة مدير الوكالة البنكية، لكن المتهم نفى كليا هذه الواقعة قائلا:” لقد طالبت بمواجهته أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية”.
خلال الجلسة، استفسر القاضي لمعلم عن أسماء متورطة في شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات، بمن فيهم عبد النبي بعيوي، و”العربي” و”علال” و”اسماعيل” و”بلمير” و”عبد الرحيم ب”، إلى جانب سعيد الناصري، المسؤول على نقل عائدات بيع المخدرات بحسب مضامين محاضر استماع لشخص يسمى “غيزاوي”، غير أن المتهم أنكر أي صلة بهذه الشبكة، مشددا على أنه لم يسبق له المشاركة في تجارة المخدرات أو التعامل مع هؤلاء الأشخاص.
وفي مواجهة مباشرة، استعرض القاضي محضرا يتضمن اعترافات “إسكوبار”، الذي أكد معرفته بالمتهم، وزيارته له في مالي رفقة العربي طيبي، بهدف التفاوض حول تأمين مسار شحنات المخدرات من النيجر إلى ليبيا، لكن لمعلم رفض هذه الادعاءات، معتبرا أن تعامله مع المالي اقتصر فقط على بيع شقة بقيمة 89 مليون سنتيم وليس 107 ملايين كما يُروج، وأكد أنه لم يلتقِ “إسكوبار” إلا مرة واحدة عند الموثقة خلال إجراءات البيع.
وعرض القاضي على المتهم وثائق تكشف تفاصيل حساباته البنكية، مشيرا إلى أن إجمالي المبالغ المودعة بها خلال سنة 2020 بلغ 43.726.120.00 درهما، غير أن المتهم قلّل من أهمية هذه الأرقام، واعتبر أنها تظل عادية بالنظر إلى طبيعة نشاطه كمنعش عقاري راكم سنوات من العمل في المجال، مشددا على أن هذه الأموال تُستخدم في تغطية التزامات مهنية وأداء الضرائب المستحقة.
وبخصوص المتهم “فؤاد .ي” واجهه القاضي بمضمون محضر الاستماع الى الحاج بن براهيم والذي أكد فيه أنه التقى به رفقة سعيد الناصيري بمكتب الموثقة “سليمة. ب” سنة 2014 لبيع شقتين من الشقق التي اشتراها من عند البيوي وتفويت ملكية خمس شقق لفائدة الناصري دون تسلمه ثمنها وقد قام فؤاد بتحرير شيكات بقيمات البيع وواجبات التسجيل والتحفيظ.
وبخصوص سعيد الناصري، أوضح المتهم أنه كُلِّف من قبله ببيع شقتين في المشروع الساحلي بالسعيدية، رغم أنهما لم تكونا مسجلتين باسمه، بل باسم المواطن المالي، مشيرا إلى أن طرفي المعاملة كانا عبد المولى عتيقي وزوجته، وعبد الصمد عاشوري وزوجته، حيث تسلّم منهما قيمة الشقتين، قبل أن يقوم بتحويل مبلغ 650.000 درهم إلى الناصري، باعتباره جزءًا من ثمنهما، إلى جانب مبلغ 20.000 درهم سُلِّم على دفعات لمساعده توفيق الزنطار.
وأكد المتهم، أن الناصري هو من كلفه بالتوسط في عملية البيع، رغم أن الشقتين لم تكونا مسجلتين باسمه، حيث برر ذلك بوجود معاملات سابقة بينه وبين المواطن المالي، تخوّل له التصرف في عملية البيع وتسلم قيمتهما.
وقررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى غاية يوم الجمعة المقبل لاستكمال الاستماع إلى باقي المتهمين، وسط ترقب كبير لكشف المزيد من التفاصيل حول هذه القضية التي هزت الرأي العام.