الساحل السوري: أزمة عابرة أم مرض مزمن؟





مشاهد صادمة
في الطريق شاهدنا عدداً كبيراً من السيارات المحترقة، منها على جانب الطريق، وأخرى في نهره وتم استهدافها بمن فيها.كم السيارات يؤشر على أن ما حدث في الساحل السوري في السادس من مارس آذار، كان كبيراً.على جانب الطريق قبل مدينة "جبله" شاهدنا سيارة بيضاء اللون تبدوا مدنية اخترقها عدة طلقات نارية.
حي علوي وشهادات أقرب للصراخ
طلبنا من الأمن الدخول إلى حي الدعتور ذي الأغلبية العلوية في الشمال الشرقي للمدينة، الذي كان مسرحاً لاشتباكات بين ممن يطلق عليهم "فلول النظام" وبين عناصر الأمن السوري، لكن الأمن رفض دخولنا إلى الحي أو حتى الاقتراب منه.أشار أحد المواطنين لنا أن هناك أحياء أخرى ذات أكثرية علوية من الممكن أن تزوروها، لم يحدث لهم شيء.ذهبنا إلى أحد تلك الأحياء التي أشاروا لنا أنه حي يكسنه علويون.الحي من الخارج يبدو منظماً، وحين تدلف إليه تجد المباني طابقاً أو طابقين ويبدو عليه البساطة وبه أماكن غير منتظمة.حينما دلفنا إلى مكان واسع، نزلت من السيارة لأجد الأهالي كلهم مشدوهين خائفين وجلين من أي سيارة غريبة تدخل إلى حيهم.سريعاً عرفت نفسي وفريقي لثلاثة من الجالسين أمام منزلهم وكانت أعمارهم تتراوح ما بين الخمسين والستين عاماً، بعد نظرات ترقب وسماع لهجتي المصرية، ومعي زميلي العراقي والسوري بدأ الاطمئنان يدخل إلى قلوبهم وبدأوا يتحدثون إلينا، مؤكدين أن حيهم لم يتعرض لقتال "لكننا في انتظار أن يحدث شيء" قال أحدهم بلكنة حادة هي أقرب للصراخ منها للشكوى.صاح رجل آخر نزح من مناطق الريف، بعينين زائغتين حائرتين بين الكلام والسكوت. رجوته أن نسجل معه على أن نخفي وجهه وصوته قال لا أرجوك "سوف يذبحوننا" فقلت متسائلاً لكن أنتم لم يحدث معكم شيء هنا في الحي قال "ومن يدرينا".صرخ أحدهم "إحنا أربع أيام بلا مياه أو كهرباء لدينا مولدات كهرباء لشحن المحمول" فسألت مستفسراً المحمول؟ قال محدثي وكان رجلاً في الأربعين من عمره: "حتى نستطيع أن نسجل بالفيديو لو أن أحداً جاء ليذبحنا!"وقال آخر موجهاً كلامه لي: لدي عائلة في الريف نصفهم قتل والنصف الاخر في الأحراش يبيتون ليلهم في برد الشتاء، ولا يجرؤون على النزول إلى البيوت، فقلت له رغم دعوات الأمان من الأمن؟ قال: بالرغم من ذلك.صاحت سيدة من وراء الناس الواقفين أمامنا "العلوية بالنسبة لهم كلهم فلول "نحنا ما استفدنا شي من النظام السابق كما ترى الحال وشربنا قتل من الحالي" بحسب قولها.وحينما تعالت الأصوات وكبر حجم الناس حولنا انسحبنا من المكان بعد أن زاد صراخ الناس "مين ينقذنا؟ انتوا قادرين تحمونا؟" فضلنا ترك المكان قبل أن يتحول الأمر إلى تهديد لسلامة الفريق.من فوق تلة من تلال البحر تبدوا مدينة اللاذقية جميلة بمبانيها ذات اللون الأبيض الذي ينعكس من ضوء الشمس التي تغرب على مياه البحر المتوسط.الناس تستعد للإفطار وأصوات الآذان تعلوا من هنا وهناك. هذه مدينة رائعة رائقة حري بها أن تكون قبلة للسائحين وليس قبلة للمتقاتلين.وأنا أتأمل جمال البلدة هاجمني السؤال التالي.هل هي بذور حرب طائفية؟
