وزعت البعثة الدائمة للجمهورية التركية لدى الأمم المتحدة، بيانا مفصلا على الصحافة المعتمدة بالمنظمة الدولية توضح فيه أسباب وخلفيات حملة الاعتقالات التي تمت صباح اليوم الأربعاء في إسطنبول وشملت رئيس البلدية بالإضافة إلى 105 أشخاص آخرين.
وجاء في البيان، أنه في إطار التحقيقات التي يجريها مكتب المدعي العام في إسطنبول، صدرت صباح اليوم أوامر اعتقال بحق 106 أشخاص مشتبه بهم، من بينهم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى. وفي هذا الصدد، يُجري مكتب المدعي العام في إسطنبول تحقيقين. ويُجري مكتب التحقيقات في جرائم الإرهاب التحقيق الأول. في إطار هذا التحقيق، صدرت أوامر باعتقال سبعة أفراد، من بينهم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى.
وجاء في البيان أن “هذا التحقيق يزعم أن المشتبه بهم ارتكبوا جريمة مساعدة منظمة إرهابية بالتعاون مع آخرين. ويُجري مكتب مكافحة الجريمة المنظمة تحقيقا ثانيا. وفي إطار هذا التحقيق، يُزعم أن المشتبه بهم ارتكبوا جرائم في نطاق منظمة إجرامية أُسست لتحقيق مكاسب مالية، بما في ذلك الرشوة والاختلاس والتلاعب بالعطاءات والاحتيال المشدد والحصول على بيانات شخصية بشكل غير قانوني. صدرت أوامر اعتقال بحق 106 مشتبه بهم في إطار التحقيقين”.
وقال البيان إن ملفات التحقيق تتضمن تقارير من هيئة التحقيق في الجرائم المالية وتقييمات من خبراء الضرائب، وتقارير تكليف، وإفادات شهود، وأدلة أخرى متنوعة. ويجري التحقيق بأقصى درجات الحساسية والدقة.
وأكد البيان “على نقطة واحدة أساسية وهي أن الجمهورية التركية دولة يحكمها القانون وأن المادة 9 من الدستور واضحة لا لبس فيها. وأن السلطة القضائية تمارس صلاحياتها من قِبل محاكم مستقلة ونزيهة، تُمثل الأمة التركية. فسيادة القانون أمرٌ أساسي، وجميع الأفراد متساوون أمام القانون، ولا يحق لأي فرد أو جماعة التمتع بامتيازات، كما هو منصوص عليه في المادة 138 من الدستور، وأن استقلال المحاكم راسخ ولا يجوز لأي جهاز أو سلطة أو مكتب أو فرد إصدار أوامر أو تعليمات للمحاكم أو القضاة تتعلق بممارسة السلطة القضائية، أو إرسال تعميمات إليهم، أو تقديم توصيات أو اقتراحات”.
وتابع أن “مراحل التحقيق سرية، كما هو منصوص عليه في المادة 157 من قانون الإجراءات الجنائية التركي. فهذه السرية ضرورية للحفاظ على نزاهة العدالة، ومنع انتهاكات الحقوق، والحفاظ على افتراض البراءة، وحماية الأفراد من وصمة العار غير المبررة”.
وأوضح “فمن غير المناسب تقييم التحقيقات التي بدأت دون الاطلاع الكامل على ملف القضية والمطالبات والأدلة من الخطير والخاطئ تماما تشويه التحقيقات التي تجريها السلطة القضائية المستقلة والنزيهة، أو وصفها بعبارات مثل الانقلاب. وعلاوة على ذلك، فإنّ نشر معلومات مضللة بشأن التحقيقات من خلال الدعوة إلى احتجاجات في الشوارع والإدلاء بتصريحات مضللة للجمهور أمرٌ مرفوض تمامًا. ويجب أن يفهم الجميع أنه في دولة القانون، إذا زُعم ارتكاب جريمة، فإنّ تقديم مذكرات الدفاع يكون أمام القضاء، وليس في الشوارع. وإذا وُجدت أدلة على وقوع جريمة، فستُجري السلطات القضائية المختصة التحقيقات اللازمة، المثول أمام القضاء وتقديم الدفاع حقٌّ وواجبٌ على الجميع”.
وجاء في البيان أن “محاولة ربط التحقيقات والقضايا القضائية برئيسنا، على أقل تقدير، هو عملٌ يتسم بالجرأة وعدم المسؤولية. في بلدنا، يُعدّ فصل السلطات – التشريعية والتنفيذية والقضائية – مبدأ أساسيا. القضاء لا يتلقى أوامر من أحد. إن مهاجمة القضاء أو تهديد مسؤوليه أو إهانتهم أمر مرفوض تمامًا في دولة القانون الديمقراطية”.
وطلب البيان “ضرورة التصرف بحكمة بدلا من الانخراط في أفعال وسلوكيات تسعى إلى التدخل في التحقيقات التي تُجرى من أجل العدالة”، مردفا: أن “القرار الذي يصدره القضاء المحايد والمستقل ملزم للجميع ويجب احترامه”.
وأضاف البيان: “في مرحلة التحقيق، سيتم فحص الادعاءات ومذكرات الدفاع والأدلة، وبمجرد رفع سرية الإجراءات، سيتم الكشف عن الحقائق الجوهرية بشفافية للجمهور ولهذا السبب، فإن إصدار أحكام متسرعة – سواء لصالح أو ضد – دون معرفة تفاصيل التحقيق أمر غير لائق. يجب أن نتذكر أنه في دولة القانون، يُعد افتراض البراءة والحق في تجنب الوصم غير المبرر مبدأين أساسيين الثقة في القضاء التركي أمر بالغ الأهمية يضمن النظام القضائي الوصول الكامل إلى سبل الانتصاف القانونية”.
واختتم البيان الرسمي: “كي تتُحقق العدالة على أكمل وجه، من مسؤوليتنا الجماعية متابعة العملية بهدوء واحترام القرارات القضائية. لا شك أن الإجراءات القضائية تخضع لرقابة النظام القانوني نفسه. سيكشف التحقيق طبيعة الادعاءات، والدفوع المقدمة، والأدلة المقدمة. علينا جميعًا أن نتحلى بالهدوء في انتظار نتائج التحقيق”.