بينما تلعب جنوب إفريقيا بورقة النعرات القبلية والعرقية وتدعم جبهة “البوليساريو” لتقرير المصير في الصحراء المغربية، أصبحت تربتها خصبة لنمو نبتة الانفصال، في ظل تحركات تقودها “مجموعة الدفاع عن استقلال كيب”، للمطالبة بالاستقلال عن “بلاد مانديلا”، وهو ما يرفضه الحزب الحاكم في بريتوريا، بقيادة الرئيس سيريل رامافوزا.
وتستعد “مجموعة الدفاع عن استقلال كيب” لطرق أبواب عدد من المنظمات الدولية والبلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تنوي زياتها شهر أبريل المقبل، لطلب انفصال “كيب الغربية” عن جنوب إفريقيا والتعريف بحملتها وأهدافها، وهو التحرك الذي شجعها للإقدام عليه تصريح صادر عن ساكن “البيت الأبيض” دونالد ترامب مؤخرا، حينما قال إن “الأقلية البيضاء” في جنوب إفريقيا “ضحية تمييز عنصري غير عادل”.
يتطلع شعب كيب الغربية الذي يقدر بـ6.5 مليون نسمة يعيش فوق مساحة تعادل حوالي 130 ألف كيلومتر مربع، إلى الاستقلال عن جنوب إفريقيا وسط دعم شعبي يتزايد مع الأيام، علما أن الدستور الجنوب إفريقي يسمح للشعوب المتميزة ثقافيا ولغويا بإنشاء دولة مستقلة، غير أن المؤتمر الوطني الافريقي، وهو الحزب الحاكم في بريتوريا، يرفض ذلك إطلاقا، مثلما أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة في جنوب إفريقيا، فينسينت ماغوينيا، بحر الأسبوع الماضي، عندما صرح: “ديمقراطيتنا الدستورية التي أرسيناها سنة 1994 ، أنشأت دولة متفردة غير عنصرية تقر بوحدتنا في التنوع وتحميها، نحن نشكل مجتمعا ديمقراطيا ينبغي ألا يزج به في دوامة الانقسامات العرقية”، مضيفا: “لذلك، لا يمكن السماح لأي جزء من البلاد بالانفصال”.
وكشف الناطق الرسمي باسم الرئاسة الجنب الإفريقية أن رئيس البلاد سيريل رامافوزا “متشائم للغاية” إزاء الزيارة التي تعتزم “مجموعة الدفاع عن استقلال كيب” القيام بها في شهر أبريل المقبل للولايات المتحدة لطلب انفصال كيب الغربية عن جنوب إفريقيا، في إشارة إلى إمكانية تقديم واشنطن لدعمها إلى المجموعة في ظل التوترات في العلاقات القائمة بين البلدين في الآونة الأخيرة، متمثلة إصدار الرئيس الجنوب الإفريقي قانون مصادرة الأراضي، ثم طرد أمريكا للسفير الجنوب لإفريقي في واشنطن إبراهيم رسول.
تنظر واشنطن إلى الرباط كحليف استراتيجي خارج “الناتو”، ومن هنا نتساءل: هل يمكن للمغرب أن يدعم انفصال كيب عن جنوب إفريقيا إذا حظي هذا المطلب بتأييد أمريكي صريح من ترامب؟
في جوابه على هذا السؤال، قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، إن المغرب أمة ذات تاريخ وباع طويل في الدبلوماسية، لا تتصرف بمنطق رد الفعل، لأن ذلك سلوك الأنظمة المهزوزة التي لا تقف على أسس ثابتة، وبالتالي، يضيف بنطلحة في تصريح لـ”الأيام 24″، مؤكدا أن المملكة المغربية التي ما فتئت تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا يمكنها أن تناقض نفسها وتتعامل خلاف ذلك.
وأشار بنطلحة إلى أن نظام دولة جنوب إفريقيا يفرض الحصار على أحلام شعب كيب الغربية، متحججا بكون دستوره ينص على تقرير المصير في إطار سيادة الدولة، في الوقت الذي يتبجح فيه مسؤولوه بالعديد من العنتريات السياسوية والشعارات البلهاء الفارغة حين ينصبون أنفسهم حماة للعديد من الأوهام التي تجعلهم يتدخلون في سيادة باقي الدول، من بينها المغرب، حيث يدعمون جبهة البوليساريو الانفصالية بتحالف مع حكام الجزائر.
وسجل بنطلحة أن التطورات الأخيرة محرجة لبريتوريا أمام المنتظم الدولي وكاشفة لوجهها الحقيقي، مبرزا أن استمرارها في دعم أطروحات الانفصال لن يخدم مصالحها، خاصة مع تنامي الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، ومع التوسع الدبلوماسي المغربي الذي يعزز من مواقفه على الساحة الدولية.