في خطوة جديدة تزيد في تصعيد التوتر بين الجزائر وفرنسا، قررت السلطات الجزائرية طرد 12 موظفا من السفارة الفرنسية لديها، وأمهلتهم 48 ساعة لمغادرة البلاد، بحسب صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن الملف الشخصي لهؤلاء الموظفين، الذين يتمتعون بوضع دبلوماسي أو إداري- وجميعهم تابعون لوزارة الداخلية- لا يترك مجالا للشك بشأن دوافع هذا الإجراء، الذي هو “مرتبط بوضوح بقضية أمير دي زد”، بحسب مصدر فرنسي.
ويأتي كشف صحيفة “لوفيغارو” عن هذا التطور غداة إصدار وزارة الخارجية الجزائرية بيانا، يوم السبت، احتجت فيه على احتجاز أحد موظفيها القنصليين في فرنسا، مشددة على أنها “لا تنوي ترك هذه الحادثة دون عواقب، وستحرص، بشكل حازم وحاسم، على حماية موظفها القنصلي”.
واعتقلت فرنسا، يوم الجمعة الماضي، ثلاثة أشخاص من بينهم موظف قنصلي، بتهمة “القبض والاختطاف والاحتجاز التعسفي، متبوع بالإفراج قبل اليوم السابع”، و”الانتماء إلى جماعة إجرامية إرهابية”، وذلك في قضية المؤثر الجزائري أمير بوخريص المعروف باسم أمير دي زد.
واعتبرت صحيفة “لوفيغارو” أن القرار الجزائري، الذي يُنظر إليه اليوم كمحاولة انتقامية، قد يوجّه ضربة قاضية لمسار المصالحة الجاري، وذلك بعد أسبوع فقط من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إلى الجزائر.
وسجلت صحيفة “لوفيغارو”، أن الأشخاص المطرودين جميعهم يعملون تحت سلطة برونو ريتايو، ما يجعل هذا القرار يستهدف مباشرة وزير الداخلية الفرنسي.
ويؤكد مصدر فرنسي، للصحيفة الفرنسية، أن “باريس لن يكون أمامها خيار سوى اتخاذ إجراءات مماثلة كرد فعل”.
وذكّرت صحيفة “لوفيغارو” بالمقابلة التي خصّ بها الرئيس الجزائري صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، في 3 فبراير 2025، حيث قال عبد المجيد تبون: “المديرية العامة للأمن الداخلي أصبحت اليوم تحت وصاية وزير الداخلية. وكل ما له علاقة بروتايو (وزير الداخلية الفرنسي) مشبوه، نظرا لتصريحاته العدائية والملتهبة تجاه بلدنا. لذا لم تعد هناك أي شراكة، على عكس المديرية العامة للأمن الخارجي، والتي عرفت كيف تحافظ على مسافة مناسبة”.
وكانت النيابة الفرنسية، قد وجهت الاتهام إلى ثلاثة رجال يعمل أحدهم في قنصلية جزائرية في فرنسا، يوم الجمعة الماضي في باريس للاشتباه في ضلوعهم في اختطاف المؤثر والمعارض الجزائري أمير بوخرص نهاية أبريل 2024 على الأراضي الفرنسية.
ويلاحق الثلاثة بتهم التوقيف والخطف والاحتجاز التعسفي على ارتباط بمخطط إرهابي على ما أفادت النيابة العامة الوطنية لقضايا مكافحة الإرهاب، وقد وجهت إليهم أيضا تهمة المشاركة في مخطط إرهابي إجرامي.
وقررت قاضية مختصة بإيداع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين الخمسين والستين عاما الحبس المؤقت، على ما أفادت إحدى صحافيات وكالة فرانس برس.
ويعمل أحد المتهمين في إحدى القنصليات الجزائرية في فرنسا، بحسب عدة مصادر قريبة من الملف.
وشدد مصدر مطلع على الملف في تصريح لوكالة فرانس برس على أن “مسألة الحصانة الدبلوماسية ستطرح خلال الإجراءات” القانونية. ولا يحمل الرجل جواز سفر دبلوماسيا بل جواز سفر خدماتيا.
كما أفضى التحقيق إلى توقيف “أب أسرة” فرنسي جزائري “قريب” من الموظف في القنصلية، بحسب عدة مصادر قريبة من القضية. والمشتبه به الثالث كان على معرفة بالشخصين الأولين. وقاد تتبع الاتصالات الهاتفية المحققين إلى القنصلية الجزائرية، حسبما علمت وكالة فرانس برس من مصدر قريب من الملف.
وأمير بوخرص الملقب بـ”أمير دي زد” ناشط على مواقع التواصل يبلغ 41 عاما ويقيم في فرنسا منذ 2016، وقد طالبت الجزائر بتسليمه لمحاكمته. يتبنى خطابا مناهضا للنظام الجزائري. وأصدر القضاء الجزائري تسع مذكرات توقيف دولية بحقه متهمة إياه بالاحتيال وارتكاب جرائم إرهابية. وعام 2022، رفض القضاء الفرنسي تسليمه وحصل على اللجوء السياسي عام 2023.