في خطوة أثارت الكثير من التكهنات والتأويلات، صادق مجلس الوزراء الجزائري برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، نهاية الأسبوع الماضي، على مشروع قانون يتعلق بـ”التعبئة العامة”، ينظم كيفية إعلان التعبئة في البلاد في حال وقوع حرب أو أزمات تستدعي ذلك.
وربط مراقبون هذه الخطوة بإمكانية دخول البلاد في مرحلة من المواجهة، في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة في منطقة الساحل وأيضا مع تنامي القلق الجزائري الخارجي، غير أن أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، قال إنه لا يمكن تحميل ما قامت به الجزائر أكثر مما يحتمل.
وأضاف الشيات، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن مجابهة التحديات لا تتم بالقوانين فقط رغم أهميتها في تعزيز الجبهة الداخلية، قائلا: “لا أعتقد أن هذا الإجراء سيُنهي الأزمات المتوالية التي تسبب فيها النظام الجزائري”.
وتابع أن محاولة إعطاء الانطباع بأن هذا الإجراء هو رد فعل على الوضعية الحالية للمنطقة، هو “في الواقع توجيه نحو الداخل دائما وأبدا، للتحكم في مساراته الداخلية ومحاولة صنع جبهة داخلية لمجابهة أوهام وجود أخطار خارجية”، منبها إلى أن “الخطر الحقيقي هو النظام السياسي الجزائري، وليس هناك خطر على الجزائر أكثر من هذا النظام”.
وأوضح أنه من خلال قراءة وضع المجال الذي يوجد فيه اليوم الجزائر، فلا وجود لأي مخاطر آنية بل النظام الجزائري هو الذي يتسبب في صناعة توترات وأزمات للدول المجاورة، ففي المغرب هو الذي صنع جبهة البوليساريو الانفصالية منذ أربعين سنة، ويصنع الانفصال في شمال مالي ونفس الأمر ينطبق في علاقته مع ليبيا والنيجر، وبالتالي من خلال كل هذه الأمثلة والوقائع يتضح أين يوجد الخلل والخطأ؟، يقول الشيات.
واعتبر الشيات، أن قرار النظام الجزائري بـ”التعبئة العامة” “اختيار غير عقلاني واندفاعي ولا جدوى منه ولن يؤدي إلى أي نتيجة حتى لو دخلت الجزائر في حرب عالمية ثالثة فلن يغير ذلك من المسارات الطبيعية والتقليدية والمرتقبة لهذا النظام السياسي”.
وأردف أن “هذا النظام استنفذ غاياته وأدوات وجوده، وحان الوقت لكي يترك للشعب الجزائري أن يعيش بسلام تحت نظام مدني ديمقراطي تعددي حقيقي، يستطيع من خلاله أن يعبر عن المشاغل والتحديات الحقيقية التي تواجه الدولة والشعب، وليس خدمة أجندة قلة قليلة من المنتفعين من خلال النظام الحالي الذي يعمل على استمرار هذه النفعية بتهييج الشعب الجزائري وبمحاولة إيجاد صيغة لتبرير وجودهم باعتبارهم حماة للدولة وللوطن وهو الأمر الذي يسوقونه بشكل كبيرا جدا وبكل الأدوات والأساليب”.