تفاصيل التعبئة العامة بالجزائر.. صلاحيات واسعة لتبون وتسخير للوزارات في الحرب وإبعاد رعايا الدول المعادية
كشفت تقارير إعلامية تفاصيل مشروع قانون التعبئة العامة في الجزائر الموجود حاليا على مستوى البرلمان، والذي أثار الإعلان عنه في مجلس الوزراء الأخير جدلا واسعا.
ويحدد المشروع الذي يتضمن 69 مادة موزعة على سبعة فصول، كيفيات تنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة المنصوص عليها في المادة 90 من الدستور، وذلك في إطار “تعزيز الطاقة الدفاعية للأمة لمواجهة أي خطر محتمل يهدد استقرار البلاد واستقلالها وسلامتها الترابية”.
وينص المشروع، على أن رئيس الجمهورية يقرر التعبئة العامة بموجب مداولات مجلس الوزراء، وينهيها بنفس الأشكال، مُعرفا “التعبئة العامة” بأنها مجموع التدابير اللازمة لضمان انتقال القوات المسلحة وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية، إضافة إلى الاقتصاد الوطني، من حالة السلم إلى حالة الحرب، مع وضع القدرات الوطنية تحت تصرف المجهود الحربي (المادة 2). ويقصد بالمجهود الحربي تركيز كافة أو جزء من القدرات والموارد البشرية والوسائل المادية والمالية للدولة، وتكييف الإنتاج الصناعي لتلبية احتياجات القوات المسلحة.
وتهدف التعبئة العامة، حسب المادة 3، إلى “تعزيز الطاقة الدفاعية للأمة، ورفع جاهزية القوات المسلحة عبر توفير الموارد البشرية والوسائل المادية الضرورية، بما يسمح لها بأداء مهامها في الدفاع عن وحدة البلاد وسلامتها الترابية، وحماية المجال البري والجوي والبحري بأفضل الظروف.
وحسب نص المشروع، تقرر التعبئة العامة بقرار من رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، في حال تعرض البلاد لتهديد وشيك لمؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها، أو في حالة وقوع عدوان فعلي أو وشيك (المادة 5). كما يتم إنهاء حالة التعبئة بنفس الآلية. ويخول لرئيس الجمهورية، بموجب مرسوم رئاسي، تحديد المحاور الأساسية للإستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة، والتوجيهات الخاصة بها (المادة 6).
وفيما يتعلق بالتنفيذ، يضمن الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، تنسيق وتوجيه ومراقبة نشاطات أعضاء الحكومة كل في مجال اختصاصه، بما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة (المادة 7). أما الإشراف العام على جميع النشاطات المتعلقة بتحضير التعبئة العامة وتنفيذها، فقد أُسند إلى وزير الدفاع الوطني (المادة 8).
وفي مرحلة التحضير للتعبئة، ينص المشروع على إعداد مخططات خاصة من طرف الوزارات المعنية، بناءً عليها تعد وزارة الدفاع الوطني المخطط العام للتعبئة العامة وتعرضه على مصادقة رئيس الجمهورية. كما يتم تشكيل احتياطات بشرية ومادية، وتحسيس المجتمع المدني بواجب المشاركة، وتعليق الإحالة على التقاعد للمناصب الحيوية، مع تنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، وتسخير الأشخاص والممتلكات، وفرض قيود على تصدير المواد المرتبطة بالاحتياجات الدفاعية.
وفي الجانب الخارجي، تسهر الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية على تحسيس الجالية الوطنية بالخارج بأهمية دورهم في التعبئة العامة، مع العمل على تحسيس الرأي العام والمنظمات الدولية والإقليمية بشرعية اللجوء إلى التعبئة في حالة وقوع عدوان أو تهديد وشيك (المادة 21). أما داخليًا، فتضمن الوزارة المكلفة بالداخلية تنسيق مسؤولي الجماعات المحلية مع السلطات العسكرية المختصة، عبر إنشاء قاعدة بيانات محينة للمواطنين والموارد المادية المعبأة، وتحسيس المجتمع المدني والمواطنين بمسؤولياتهم وواجباتهم في حالات التعبئة العامة (المادة 22).
أما في مرحلة تنفيذ التعبئة العامة، فينظم المشروع بدقة عملية انتقال القوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب، حيث يتم تعليق إنهاء الخدمة للضباط والعسكريين، وإعادة استدعاء عسكريي الاحتياط، وتطبيق تدابير الدفاع الشعبي والتسخير. ويمنح المشروع (المادة 33) الأولوية لاحتياجات القوات المسلحة، مع مواصلة الأجهزة والمؤسسات الوطنية والقطاعات العامة والخاصة أداء مهامها بشكل عادي.
ويتولى وزير الدفاع الوطني (رئيس الجمهورية في الدستور الجزائري) بالتنسيق مع الوزراء المعنيين تفعيل المخطط العام للتعبئة ودعم أعمال القوات المسلحة، مع ترشيد استهلاك المواد الحيوية (المادتان 34 و35)، كما يسهر على تعزيز الحماية للمنشآت الحيوية والحساسة بالتعاون مع وزارة الداخلية (المادة 36).
وتكلف وزارة الداخلية بدورها بتطبيق قرارات التعبئة عبر الجماعات المحلية (البلديات والولايات)، وتسهيل عمليات التعبئة وتكييف حركة المرور وضمان تحسيس المواطنين بأهمية مشاركتهم (المادة 37). كما يمكنها إبعاد أي رعايا أجانب ينتمون لدول معادية يشكلون تهديدًا للأمن الوطني (المادة 38).
أما وزارة النقل، فتضمن تلبية احتياجات النقل العسكري، بينما تنسق وزارات الداخلية والنقل والأشغال العمومية فيما بينها لتنظيم حركة المرور لدعم القوات المسلحة (المادتان 39 و40). أما وزارة الاتصال فتتكفل بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني بمهام الإعلام والتوعية حول إجراءات التعبئة العامة (المادة 41). ووفق المادة 42، تلتزم الهيئات والمؤسسات والمجتمع المدني بدعم تنفيذ التعبئة العامة. كما تفرض المادة 43 على المواطنين واجب الاستجابة للاستدعاءات وتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي والتسخير، مع الامتناع عن نشر معلومات قد تضر بالتعبئة.
وفي الشق الجزائي، نص مشروع القانون على عقوبات مشددة لحماية فعالية التعبئة العامة، إذ يعاقب بالحبس من 3 إلى 10 سنوات وغرامة تصل إلى مليون دينار، كل من استغل الممتلكات المسخرة أو أساء استعمال سلطة التسخير (المادة 51).
كما يعاقب بالسجن من شهرين إلى ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى 300 ألف دينار، كل من يمتنع عن تقديم معلومات صحيحة أو يحاول إخفاء تجهيزات معدة للتعبئة (المادة 52). كما تسلط عقوبة السجن من شهرين إلى سنة وغرامة تصل إلى 100 ألف دينار لكل من أدلى بتصريحات غير مرخص بها تتعلق بالتعبئة (المادة 53)، أو رفض تنفيذ تدابير الدفاع الشعبي أو التسخير (المادة 54).