تواصل غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، جلسات الاستماع للمتهمين في ملف الاختلالات المالية والتدبيرية التي شابت جماعة الفقيه بنصالح خلال فترة رئاسة الوزير السابق محمد مبديع لها.
وخلال الجلسة، التمس عدد من المحامين تأجيل النظر في الملف، نظرا لتزامنه مع انعقاد مؤتمر المحامين بمدينة طنجة، غير أن المحكمة قررت مواصلة الجلسة.
وقد استمعت المحكمة إلى المتهم رشيد .ل، رئيس مصلحة الصفقات العمومية وعضو بإحدى اللجان، المتابع بجناية “المشاركة في اختلاس أموال عمومية”، حيث نفى التهم المنسوبة إليه، مشيراً إلى أنه التحق بالعمل منذ سنة 1993، وأن لجنة فتح الأظرفة تحددها وزارة الداخلية مستدلا للمحكمة بقرارا صادر عن الوزارة يثبت ذلك.
وأوضح المتهم، أن دوره إداري صرف، يتمثل في نشر إعلان طلب العروض بعد مراسلة اللجنة قبل ثمانية أيام لأخذ رأيها، مشيرا إلى أنه يقوم كذلك بإرسال استدعاءات لأعضاء اللجنة مرفقة بطلبات العروض لحضور جلسة فتح الأظرفة، والتي يتم فيها التوقيع على بعض الوثائق من طرف المتنافسين، مضيفا أنه في حال غياب أحد أعضاء اللجنة، يتم تأجيل الجلسة 48 ساعة.
وبخصوص صفقة 2/2015 المثيرة للجدل، أكد المتهم أنها مرت بجميع الإجراءات القانونية المعمول بها، نافيا أي علاقة له بإقصاء إحدى المجموعات المتنافسة، باعتباره ليس عضوا بل فقط حاضرا لجمع الوثائق.
وعندما أشار القاضي إلى تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية الذي اعتبر الإقصاء غير مبرر، رد المتمه بأن الإقصاء تم وفق تعليل مدوّن في الملف، موضحا أن صالح منيري، عضو اللجنة، كان حاضراً أثناء فتح الأظرفة، وأنه لم يوقع على محضر الجلسة لكونه ليس عضواً في اللجنة، وهو ما ينص عليه القانون التنظيمي.
وواجه القاضي المتهم بتصريحات “صالح. م” أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث اعتبر أن المتهم كان “الكل في الكل” وأن له دورا حاسما في العملية، الأمر الذي دفع المحكمة لمواجهة الطرفين مباشرة.
وقد صرح صالح أمام المحكمة أن رشيد لم يكن يقدم آراء بل فقط يراقب فقرات المحاضر، إلا أنه في جلسة سابقة أشار إلى أن رشيد هو من يقدم التوضيحات والتفسيرات، مما أثار تضارباً في الأقوال.
ورداً على سؤال المحكمة عن سبب عدم توقيع “رشيد.م” على المحاضر، أوضح الأخير أن جميع الوثائق تبقى بحوزته بعد الجلسة، ولم يُعلم من قبل بوجوب توقيعه.
من جهته، صرّح “جهاد .الع”، ممثل مكتب دراسات “نوفِك”، أمام الضابطة القضائية أن شركته قدمت شهادة اعتماد للجنة دراسة الصفقات، لكنهم لم يتوصلوا بأي إشعار بإقصائهم.
وفي معرض الاستماع إليه، اعترف “رشيد.لم” بأنه قام بتنقيط الشركات المتنافسة، رغم تأكيده في وقت سابق أنه ليس عضواً في اللجنة، حيث ذكّرته المحكمة بهذا التناقض، وتساءلت عن سبب إعطائه نقاطاً أعلى لشركة “بييكترا” على حساب شركة “سيد” رغم استيفاء الأخيرة للشروط القانونية، فرد المتهم بأن تعليل النقاط موجود ضمن وثائق الملف.
وأشار تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية إلى غياب مبدأ المساواة بين الشركات، لكن المتهم “رشيد لم” شدد مجدداً على أنه لا يقرر في هوية الشركة الفائزة.
وفي مواجهة جديدة، اتهم “صالح م” المتهم رشيد بتحرير محضر الجلسة المتعلقة بصفقة “آدام استثمار” رفقة رئيس اللجنة “حميد ل”، معتبراً إياهما مسؤولين عن تزوير وثائق الشهادة.
كما واجه القاضي “المتهم رشيد “بتصريحات مهندسين أكدوا أن سيرهم الذاتية استُخدمت دون علمهم في ملفات شركة “بييكترا”، وأن توقيعاتهم زُورت، مؤكدين أنهم لم يُكلفوا بأي مهام تتعلق بالصفقة، ليرد المتهم بأنه لا يعرفهم وليس عضواً في اللجنة.
أما بخصوص حضوره أثناء فتح الأظرفة، وعن الجهة التي تحدد المبلغ التقديري للصفقات، أجاب المتهم بأن ذلك من اختصاص المصلحة التقنية، مشيرا أنه لم يكن عضواً، بل كانت تُسند له مهمة تسليم العروض مغلقة إلى اللجنة، وأنه كان يحضر بناءً على إلحاح الأعضاء، دون الإطلاع على محتوى العروض.
وفي ختام الجلسة، سأله النائب العام عن مبلغ 20 ألف درهم تلقاه على دفعتين، وفق أبحاث تقنية، فأجاب بأن المبلغ يتعلق بطلب من أحد معارفه لتزويده بزيت الزيتون ومواد أخرى في إطار عمل إنساني، مؤكداً أنه لا يتذكر اسم الشخص.