المسعودي: هكذا غيّر دستور 2011 قواعد تعيين رئيس الحكومة في المغرب



 

 

سلطت الأستاذة الجامعية وعضو المحكمة الدستورية، أمينة المسعودي، الضوء على التحولات العميقة التي مست بنية السلطة التنفيذية في المغرب بعد إقرار دستور 2011، مبرزة أن طريقة تعيين رئيس الحكومة باتت تشكل “مفتاح الهندسة الجديدة” لهذه السلطة.

 

 

وفي حديث لها عن المؤلف الجماعي الذي كرمت من خلاله، تحت عنوان “دستور 2011: تعزيز التعاون بين الملك ورئيس الحكومة في المجال التنفيذي”، خلال ندوة احتضنتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، يوم الأربعاء 11 يونيو 2025، قالت المسعودي إن هذا العمل يضم أزيد من 23 مساهمة علمية لباحثين من جامعات مغربية مختلفة، مؤكدة أنه ثمرة مجهود علمي جماعي امتد لسنوات.

 

 

واستحضرت المسعودي لحظة علمية بارزة، عندما قدّمت دراسة لها في جامعة مدريد حول الهندسة الجديدة للسلطة التنفيذية في دستور 2011، وهي الدراسة التي سبق أن نشرتها بالعربية، ثم ترجمت إلى الفرنسية والإسبانية.

 

 

وقالت إنها حينها التقت بزميل إسباني قال لها: “أتدرين ما هو مفتاح هذه الهندسة الجديدة؟”، فأجابته: “أستمع إليك”، فقال: “طريقة انتخاب رئيس الحكومة”.

 

 

وبحسب المسعودي، فإن ما ميز دستور 2011 هو أن اسم رئيس الحكومة أو على الأقل انتماءه السياسي أصبح معروفا مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية، ما يمثل تحولا كبيرا في منطق تشكيل السلطة التنفيذية، ويمنح الحزب المتصدر للانتخابات موقعا مؤسسا في تشكيل الحكومة، في انسجام مع مبادئ الشرعية الديمقراطية.

 

 

وأضافت أن هذا التحول الدستوري هو ما جعل السلطة التنفيذية تحظى باهتمام خاص في أبحاثها، باعتبارها أحد أبرز مجالات التغيير في دستور 2011، مشيرة إلى أن المؤلف الجماعي الذي ساهم فيه عدد من الباحثين لم يقتصر على دراسة المؤسسة الملكية أو الحكومة فحسب، بل توسع ليشمل قضايا مركزية مثل التحالفات الحكومية والعرف الدستوري في السياق المغربي، مما يمنح القارئ أدوات تحليل متعددة الأبعاد.

 

 

وشددت المتدخلة على أن الدراسات الواردة في هذا المؤلف جمعت بين البعد التاريخي والتحليل المقارن، من خلال مقارنات أفقية بين مختلف دساتير المغرب منذ 1962، وأخرى عمودية مع تجارب دستورية دولية، ما يضفي غنى خاصا على هذا العمل.

 

 

وختمت المسعودي بالإشادة بجميع الباحثين الذين شاركوا في المؤلف، مؤكدة أن هذه المساهمات تمكّن القارئ من تتبع مسار تطور السلطة التنفيذية في المغرب من منطلق دستوري ومؤسساتي، داخل الوثيقة الدستورية لسنة 2011 وما قبلها.

 

 

وفي سياق متصل، أبرزت المتدخلة أهمية هذه المبادرة التي وصفتها بـ”الالتفاتة العرفانية”، موجهة شكرها لرئاسة الجامعة، وعمادة الكلية، ومختبر القانون العام والعلوم السياسية، وفريق التنسيق الأكاديمي المكون من الأساتذة أمين السعيد، أسماء أبحكان، محمد الجميري، وشرقي خيطار. مع الإشارة إلى أن ما يميز هذه المبادرة هو طابعها الجماعي، بمشاركة باحثين من جامعات مغربية متعددة، واحترامها لترتيب أبواب الدستور في الكتب التكريمية الأربعة.

 

 

وأكدت المسعودي أن هذه المؤلفات تمنح القارئ “اطلاعا واسعا ودقيقا” على الوثيقة الدستورية لسنة 2011، ليس فقط من حيث المؤسسات، بل أيضا من حيث الظروف والسياقات والتأثيرات الداخلية والخارجية، مشيدة بدراسة للأستاذ الراحل بن يونس المرزوقي حول الأشكال الخطابية في الوثيقة الدستورية، والتي وصفتها بأنها أول دراسة تقرأها بهذا النوع من العمق، حيث قارن بين مختلف الدساتير المغربية من زاوية الصيغ والتعبيرات.

 

 

كما أثنت على دراسة أخرى تناولت مكانة العرف الدستوري، مشيرة إلى الحاجة إلى إحاطة دقيقة بتطور هذا المفهوم وأثره داخل المؤسسات.

 

 

وختمت الأستاذة مداخلتها بالتنويه بثقافة العرفان، مشيرة إلى تأثير أساتذتها عليها، ومن بينهم الراحل عبد الرحمن القادري، مستحضرة حضورها إلى جانب الأستاذ المالكي لمحاضراته في مستوى الدراسات العليا، معتبرة أن الاعتراف بمن علمنا هو من أصول “الأخلاق العتيقة”، وموجّهة شكرها مجددا للجامعة والكلية ولكل المساهمين في هذا العمل العلمي والتكريمي.

 

 

 

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً