خبراء لـ”الأيام 24″: الحرب الإسرائيلية الإيرانية تضع المغرب في مرمى التبعات الجيوسياسية



 

 

تصاعدت حدة التوتر في الشرق الأوسط بشكل كبير مع شن إسرائيل “عملية عسكرية كبيرة ومنسقة” ضد إيران فجر الجمعة، 13 يونيو 2025، تحت اسم “الأسد الناهض”.

شارك في هذه العملية أكثر من 200 طائرة حربية، من ضمنها مقاتلات “إف-35″، ونفذت خمس موجات من الغارات الجوية استهدفت نحو مئة هدف داخل إيران.

وكشفت هذه العملية عن بداية حرب شاملة تتجاوز هدفها المعلن المتمثل في ضرب القوة النووية الإيرانية، إلى محاولة ضرب الاقتصاد وإسقاط النظام الإيراني.

وقد أظهر الهجوم تفوقاً استخباراتياً وتكنولوجياً إسرائيلياً (وأمريكياً بطبيعة الحال) خلال اليوم الأول. أسفر الهجوم عن اغتيال نحو عشرين من كبار ضباط الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية، من بينهم قائد الحرس الثوري وتسعة علماء نوويين.

كما استهدف الهجوم مواقع البرنامج النووي الإيراني في نطنز (أصفهان) وفوردو (قم) وبارشين (شرق طهران) وآراك (غرب وسط البلاد)، بالإضافة إلى مراكز تصنيع الصواريخ البالستية وقواعد إطلاقها، ومنشآت إنتاج الطائرات المسيرة.

في المقابل، ردت إيران بإطلاق عملية “الوعد الصادق 3″، حيث أطلقت أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا وأكثر من 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، تمكن العديد من هذه الصواريخ والطائرات المسيرة من تجاوز المنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأميركية.

تأتي هذه المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية عشية انتهاء مهلة الستين يومًا التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإبرام اتفاق حول برنامج إيران النووي، وبعد الإعلان عن جولة جديدة من المفاوضات كان من المقرر عقدها بين واشنطن وطهران في سلطنة عمان.

وفي قراءته لخلفيات وتداعيات هذه المواجهة، حذر الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، من “كارثة” قد تحل بالدول العربية، بما فيها المغرب، في حال إضعاف إيران أو تحييدها عن المنظومة الإقليمية.
وأكد الصديقي، في تصريحٍ له لـ”الأيام 24″، أن مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى “استفراد إسرائيل بالمنطقة “.
ويرى الصديقي أن إيران رغم كل مساوئها تمثل “نوعاً من التوازن” في الشرق الأوسط تستفيد منه الدول العربية بما في ذلك المغرب.
وشدد على أن انتشار السلاح النووي “بشكل عقلاني” في المنطقة بين أكثر من دولة قد يحقق “التوازن والاستقرار” ويجنب المنطقة أي حروب.
كما أوضح الصديقي في قراءته للنتائج المحتملة للصراع الإسرائيلي الإيراني أن “إزاحة إيران من المنظومة الإقليمية، كما حدث للعراق سابقاً، سيشكل خسارة جيوسياسية كبرى لدول الخليج”.

 

اللوبي أقوى من الرئيس

 

فيما يتعلق بتأثير الصراع على دول الخليج، استبعد الصديقي تأثرها بشكل مباشر في حال استمرار الحرب بين إيران وإسرائيل، مع إمكانية دخول بعض حلفاء إسرائيل على الخط.

وفيما يخص الموقف الأمريكي، اعتبر الصديقي أن الهجوم الإسرائيلي يؤكد أن “اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة يعيش أزهى أيامه، خاصة بعد التراجعات التي عرفها منذ مرحلة أوباما”.

وأشار إلى أن “السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في الشرق الأوسط، تهيمن عليها الأجندة الإسرائيلية”، مؤكداً أن “أمريكا في هذه المرحلة تتبع ما ترسمه المصلحة الإسرائيلية، ولا مصلحة لها في الدخول في هذه الحرب سوى خدمة الأجندة الإسرائيلية”.

هذا الطرح يتوافق مع طرح رائد الواقعية الجديدة الأمريكي جون ميرشايمر الذي أكدَ أن الولايات المتحدة متورطة بشكل واضح في الهجمات الإسرائيلية.

كما يرى ميرشايمر بأنَّ الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على إسرائيل، وأن إسرائيل تعتمد بدورها على الدعم الأمريكي في الأسلحة والاستخبارات، ويعتقد ميرشايمر أن إسرائيل تسعى لجر الولايات المتحدة إلى حرب واسعة النطاق مع إيران.

وفي السياق نفسه يرى الصديقي إلى أن هذا الواقع “قلب” نظريات العلاقات الدولية التي تؤكد أن الدول يجب أن تتصرف لمصلحتها، مبيناً أن ما يحدث يظهر أن “أقوى وأعظم دولة في العالم تتصرف لصالح دولة أخرى”.

 

المغرب في مرمى الصراع

 

ومن جانبه حذر الدكتور خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، من تداعيات مباشرة وسلبية على المغرب جراء تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، وإمكانية التدخل الأمريكي لجانب إسرائيل في الحرب.

وأكد يايموت، في تصريحه لـ”الأيام 24″، أن الموقع الجغرافي للمغرب يجعله في قلب هذه التأثيرات الجيوسياسية المعقدة.

وشدد الأستاذ المتخصص في الشأن الإيراني على أن موقع المغرب الاستراتيجي يضعه في قلب التأثيرات الجيوسياسية الناتجة عن المواجهات الإقليمية ذات الأبعاد الدولية.

ويرى يايموت أن كلما ازداد نفوذ وقوة القوى المركزية في الناتو، مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، كلما تضررت مصالح المغرب الاستراتيجية، في حين أن ضعف هذا الحلف يمنح المغرب “مساحة أوسع للمناورة” على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وبحسب يايموت، فإن الوضع الحالي” إذا تفاقم سيرخي بظلاله على الجغرافيا السياسية المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط”، بما في ذلك شمال إفريقيا.

وفي سياق متصل، أشار الدكتور يايموت إلى أن البعض يقيس تأثير هذه التطورات الجيوسياسية من خلال الربح أو الخسارة في ملف الصحراء المغربية. إلا أنه أكد أن القوى المركزية، مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، كانت وما زالت سبباً رئيسياً في “خلق واستمرار هذا النزاع “، وأنَّ رغبتها الحقيقية تكمنُ في “الإبقاء على الوضع في حالة جمود سياسي ودبلوماسي، رغم بعض التحركات الدبلوماسية والإعلامية الظاهرة”.

وأكد يايموت على أن “التكتلات الجغرافية الكبرى لم تكن يوماً منفصلة سياسياً، خاصة في أوقات الحروب”. وشدد على أننا “اليوم في مرحلة حرجة وخطيرة تتطلب فهماً دقيقاً للواقع الجيوسياسي، لأن ما يحدث لا يصب في مصلحة دول مثل المغرب، “.

 

عثمان أمكور

 

مقالات مرتبطة :

تعليقات الزوار
  1. متقاعد مدني

    الحرب الإيرانية الاسراءيلية اعطت درسا للمغرب مفادها أن الصواريخ الباليستية التي استعملتها ايران والتي قد تسلمها لحليفتها الجزاءر أظهرت فعاليتها في الحرب مع إسراءيل رغم التقدم في مجال الضربات الجوية عند هذه الأخيرة …اذن الحرب مع النظام الجزاءري سيكون عبر الجو بالطاءرات الحربية والصواريخ الباليستية

اترك تعليق


إقرأ أيضاً